ريمان برس- خاص - بمناسبة مرور الذكرى الـ 39 لتأسيس حزبنا الاشتراكي اليمني العظيم نعيد نشر المادة التعريفية التالية بالحزب.
_________________________
*الحزب الاشتراكي اليمني: محطات بارزة وحقائق ساطعة*
*عبد الجبار عبد الله الصلوي*
بمرور [39]عاماً على تأسيس الحزب الاشتراكي اليمني، وبعد أكثر من عقدين من الزمن على إعلان الوحدة اليمنية، وعلى اعتبار أن الخلفية التي نشأت وتطورت منه جذور هذا الحزب غير معروفة كثيراً للعامة ولجيل الشباب لما بعد عام1990م، يجدر بنا المقام هنا بمناسبة ولادة الحزب إعطاء تعريف تاريخي موجز لأبرز المحطات التاريخية السابقة للنشأة والتطور المتدرج للحزب الاشتراكي حتى تأسيسه، وتسليط الأضواء على أبرز الحقائق الساطعة في تاريخه الحافل. فبحسب ما تؤكده الوثائق والأدبيات السياسية اليمنية المرجعية بهذا الصدد، يمكن القول أن الخلفية التاريخية للحزب الاشتراكي تتمحور في ثلاثة مراحل أساسية، وهي على النحو الأتي: المرحلة الأولى: التأسيس التنظيمي والتحول الفكري للجذور التاريخية الأولى، والتي تعود إلى الامتدادات والتنظيمات الحزبية التالية:
1 فرع حركة القوميين العرب، ذات النشأة والفكر القومي العربي، القريب من فكر الناصرية، وقد تأسست خلاياه في عدن صيف 1959م، وتحول هذا الفرع للحركة في جنوب اليمن بتاريخ 19 أغسطس 1963م إلى الجبهة القومية لتحرير جنوب اليمن ذات التوجه الثوري، والتي ضمت في إطارها إلى جانبها خمسة تنظيمات هي: المنظمة الثورية لجنوب اليمن المحتل، والجبهة الوطنية، والتشكيل السري للضباط الأحرار، وجمعية الإصلاح اليافعى، وتشكيل القبائل، حيث فجرت هذه الجبهة ثورة 14 أكتوبر 1963م ضد الاستعمار البريطاني، وفي شمال اليمن تحولت هذه الحركة في 28 يونيو 1968م إلى الحزب الديمقراطي الثوري اليمني ذات التوجه اليساري الاشتراكي.
فرع حزب البعث العربي الاشتراكي قطر اليمن، ذات النشأة والفكر القومي: ورغم أنه بدأ في اليمن كفكر وخلايا عام 1956م، إلا أنه تأسس كحزب في عدن عام 1959م، وفي عام 1971م أنشق عنه حزب الطليعة الشعبية في شمال اليمن، وفي أبريل1974م تحول في الجنوب إلى ذات الحزب – الطليعة الشعبية - ذات التوجه الاشتراكي.
الاتحاد الشعبي الديمقراطي، وقد تأسست خلاياه الأولي في عدن عام 1953م، وتشكل فرعها في الشمال عام 1958م، وتبلور كحزب سياسي يساري اشتراكي في22أكتوبر1961م في الجنوب.
حزب العمل اليمني، بدأ كمجموعات لحزب الشغيله (العمال والفلاحين) في شمال اليمن، وفي مطلع السبعينات- عام 1970م تأسس كحزب يساري اشتراكي.
المقاومين الثوريين اليمنيين، وتكونت عام 1973م في شمال الوطن، وفي الغالب كانت منظمة عسكرية ذات توجه ثوري. المرحلة الثانية: التقارب والاندماج التنظيمي: فعلى مستوى الشطر الجنوبي من اليمن أنعقد المؤتمر التوحيدي في الفترة 11- 13 أكتوبر 1975م لتوحيد الفصائل الثلاث: (التنظيم السياسي الجبهة القومية وحزب الطليعة الشعبية والاتحاد الشعبي الديمقراطي) في إطار التنظيم السياسي الموحد للجبهة القومية على طريق الحزب الطليعي من طراز جديد.
وعلى مستوى الشطر الشمالي من الوطن تم في 11 فبراير 1976م تشكيل الجبهة الوطنية الديمقراطية من فصائل اليسار الخمس (الحزب الديمقراطي الثوري اليمني، وحزب الطليعة الشعبية، ولاتحاد الشعبي الديمقراطي ، وحزب العمل اليمني ومنظمة المقاومين الثوريين اليمنيين) ولفترة قصيرة انضويا معهم في الجبهة حزب البعث وتنظيم السبتمبريين، وفي منتصف عام 1978م شكلت لجنة اليسار للأحزاب الخمسة. ... المرحلة الثالثة: وهي المرحلة التتويجية لإقامة الحزب الاشتراكي اليمني: ففي جنوب اليمن وكامتداد للتنظيم السياسي الموحد للجبهة القومية عقد المؤتمر التأسيسي للحزب الاشتراكي اليمني في الفترة 11-15 أكتوبر 1978م، وفي الشمال وعلى إثر فصائل اليسار الخمس قام حزب الوحدة الشعبية اليمني بتاريخ 8 مارس 1979م كفرع للحزب الاشتراكي اليمني، وفي 9 مارس من نفس العام قام الحزب الاشتراكي اليمني كصيغة تنظيمية موحدة على مستوى اليمن كلها.
لقد عمل الحزب الاشتراكي من خلال الحركات والفصائل المكونة له على تحرير الجنوب من الاستعمار البريطاني، وتحقيق الاستقلال الوطني في 30 نوفمبر1967م، وتوحيد السلطنات والإمارات في دولة وطنية حديثة "جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية". وفي الشمال عمل مع أطراف الحركة الوطنية على إقامة ثورة 26 سبتمبر 1962م ضد الحكم الملكي الأمامي، ودافع عن منجزات الشعب اليمني وثورتيه في شطري الوطن، وحقق مع شريكه المؤتمر الشعبي العام وبتأييد بقية شركاء الحياة السياسية وفئات الشعب اليمني إعلان الوحدة اليمنية في 22 مايو 1990م، إلا أن الحزب وجنوب الوطن اليمني قد تعرضا منذ الحرب الظالمة في أبريل - يوليو1994م للغدر والنهب والإقصاء التعسفي من قبل النظام القبلي - الأسري الاستبدادي الفاسد، منهياً بتلك الحرب العدوانية الوحدة السلمية وعقدها الوطني والدستوري وتحويلها إلى نوع من الضم للأرض والإلحاق للسكان لا غير.
وبعد هذا العرض الموجز الأهم وأبرز المحطات النضالية المشرقة، التي حفل به تاريخ الحزب الاشتراكي اليمني، وإنصافا للحقيقة والتاريخ، وكمعاصرين لجزء من التجربة لهذه المرحلة، يجدر التأكيد هنا على جملة من الحقائق الساطعة عن هذا الحزب وذلك على النحو الأتي:
-تكوًن هذا الحزب تاريخياً على أساس تراث وتقاليد الحركة الوطنية الديمقراطية اليمنية منذ منتصف القرن الماضي، ولم يكن حزباً مفروضاً سلطوياً بقرار كما هو حال بعض التنظيمات السلطوية المتسلطة، ولم تكن العوامل الخارجية إلا مساعدة لتكونه وبقائه وتطوره، لأن الأسباب والعوامل الداخلية هي أساس هذا الوجود والتطور اللاحق، وهذا ما يؤكد أنه نبتة وطنية فرضته الضرورة التاريخية، وليس نبته " غريبة " كما يحاول خصومه السياسيون تصويره.
-أنه حزبٌ وحدويٌ في منشئه وتطوره ووجوده ونضاله أقدم على خطوة الوحدة اليمنية لتحقيق المشروع البرنامجي الاستراتجي للحزب والحركة الوطنية اليمنية، ولتلبية طموحات الشعب اليمني بيمن ديمقراطي موحد، وهو بذلك لم يقدم على الوحدة " هروباً من أزماته" كما قد يتهمه خصومه، بل أنه عمل على تحويل أحلام اليمنيين في الوحدة والديمقراطية إلى واقع ملموس، ورغم اشتراطه لبقائهما وتطورهما تلازم الوحدة بالديمقراطية كضمانة حاضرة ومستقبلية لبعضهما البعض، إلا أنه أعترى هذه الخطوة تسرع وقصور فادح حينما بالغت قيادة الحزب في العاطفة الوحدوية " الاندماجية " على حساب إعمال العقل والتفكير بالواقع وفي التنبه والاكتراث لضرورة وجود ضمانات حقيقة دستورية ومؤسسية وجماهيرية للحفاظ على استمرار الطابع السلمي والديمقراطي للوحدة وتجسيد الشراكة الوطنية، ولمنع انقلاب واعتداء النظام العسكري القبلي- الأسري الاستبدادي في الشمال على طابع الوحدة ومسارها اللاحق.
-أثبت الحزب عملياً وبالملموس أنه حزب أنتقل إلى موقع الديمقراطية، ليس في حياته التنظيمية الداخلية فقط، من خلال انتقاده لأخطائه وتصويب أعماله والحافظ على وحدته وتماسكه من الانشقاق والاستقطاب والتغذية المضادة لتفكيكه وشق وحدته حيناً، وتجاوز إشكالية محاولات الصهر والإلغاء بـ" الدمج" بهدف إلغاء استقلاليته والاستقواء به حيناً أخر، لما من شأنه إضعاف الديمقراطية والتعددية السياسية كحامل للمشروع السياسي للحزب والحركة السياسية عامة، بل وكذا بتعامل الحزب في فكره وسياسته مع مسألة السلطة وانتقاله إلى مواقع المعارضة خارج السلطة، وبعلاقته أيضاً بالقوى السياسية الأخرى، والالتقاء معها على القضايا النضالية الوطنية ذات الأولوية على أساس القواسم المشتركة، وفي إطار الصيغ التحالفية التاريخية المشتركة.
أكدت التجربة العملية الجديدة للحزب منذ إعلان الوحدة اليمنية في 22 مايو 1990م أنه يمتلك مشروعاً وطنياً ديمقراطياً، يتجاوز المشاريع الصغيرة " التفكيكية" والمتخلفة (جهوية– مناطقية وطائفية– مذهبية وقبلية-عشائرية)، ويتفاعل مع قضايا حاضر ومستقبل اليمن والحركة السياسية المعاصرة، ويقوم على أساس رؤية ونظرة رحبة قوامها تحقيق الانتقال للديمقراطية والتحديث وبناء الدولة الوطنية الاتحادية المدنية الحديثة، كدولة للنظام والقانون والمؤسسات والمواطنة المتساوية وتحقيق العدالة والمساواة الاجتماعية. ولذلك تنصب أمام الحزب وقوي التغيير الوطني والانتقال الديمقراطي مهام ومسؤوليات تاريخية كثيرة وكبيرة في سبيل تحقيق احتياجات الشعب اليمني في التغيير الجذري، وفي مواكبة التحولات المعاصرة على كافة الأصعدة.
-وأخيراً: الحزب الاشتراكي اليمني شأنه كسائر الأحزاب، يعتبر كياناً سياسياً حياً يتفاعل بتأثر والتأثير مع محيطة وحراك الواقع ( في الجنوب والشمال)، وتجربته لا تخلو من الأخطاء والنواقص، والتي تستدعي بالضرورة التقييم والمراجعة المستمرين، لما من شأنه التصويب والتجديد الدائم لرؤيته البرنامجية وعلاقته بالقوى السياسية وبالجماهير ومنظماتها المدنية وحياته التنظيمية، ليواكب تطلعات الشعب وحركة الوقع في التغيير والثورة الشعبية السلمية والحل العادل للقضية الجنوبية وقضايا الوطن عامة، كحزب جماهيري-عصري الرؤية وحركي الممارسة. |