ريمان برس - خاص -
لم يعد هنا ثمة متسعا للحب . ولم يعد هنا بائعي الورود يحتلون أماكنهم على قارعة الطرق يطاردون المارة بباقات الورد ..كل العاشقين رحلوا بعيدا ولم يبقى سواء أخرين تفوح منهم رائحة الدم والبارود ..!
ذات مساء وجدته هائما في شوارع المدينه ..كان منهك الجسد والحزن بادئيا في عينيه ..سألته مالك يا بني ؟ ماذا جرى ؟ ولماذا أنت على هذه الحالة ؟
رد والدموع تكاد تنهمر من عينيه ..لم أجد ( باقة ورد ) طبيعية وكل ما وجدته كانت ورود صناعية ( بلاستيك)..؟
طيب وما حاجتك بالورود الطبيعيه ؟ هكذا سألته ..فرد باقتضاب كنت أريد أن اهديها ( لأمي ) بمناسبة ( عيد الأم ) وأهديها ( لشقيقتي) بمناسبة زفافها ..!!
لم أرى الحزن يوما بعيون ( أبني ) كما رأيته في تلك الساعه من ذات المساء الصنعاني المثخن بالجراح والآهات والقلق المتجدد مع كل (مؤجز إخباري )..؟
لماذا يعدمون الورد الطبيعي ؟ ولماذا تتكدس الورود الصناعية في المحلات ..؟
هكذا تسأل ولدي ومع إطلاق تساولاته انطلقت في الذاكرة سلسلة لا نهاية لها من التساؤلات التي تفجرت في الذاكرة وكأني _ لحظتها _ كنت أبحث عن تبريرات يقبل بها ولدي ويقتنع ولكني للأسف لم أجد إجابات شافية لتساؤلات عابرة وبرئيه ..لكنها تحمل في طياتها مآسي وطن وثقافة مجتمع يصر بعض من فيه على التنكيل بكل جميل بما في ذلك بعض الظواهر البسيطه المعبرة عن مشاعر إنسانية أكثر بساطة ولكنها تحمل ما لم تحمله الممكنات المادية المترفة ..
أخذت ( أبني ) إلى أحد مراكز بيع الورود الطبيعية وما أن توقفت السياره أمام المحل حتى وجدت أبني ينصحني بعدم الدخول لأن الأسعار هناء أكثر من خيالية ..تجاهلت كلامه ودخلت وطلبت من البائع أن وردتان وأن يغلف كل واحده منهما بغلاف منفصل ..دفعت الثمن وغادرت نحو السيارة وقدمت الوردتان لولدي مؤكدا له أن ورده واحده تغنيه عن الباقة وكفيلة بإيصال المشاعر نحو من يستحقها ..
لكن كل هذا لم يحل المشكلة الأكبر وهي مشكله أدوات وثقافة التعبير عن ( الحب ) كثفافه اجتماعيه في مجتمع يعيش حالة اغتراب المشاعر ومجدب الأحاسيس تستوطنه ثقافه الحقد والكراهية ويحرص على أن ( البندقية ) أكثر أهمية من ( القلم والكتاب ) وطغيان ثقافة التزوير في كل شي بما في ذلك الورود والمشاعر ؟!! |