ريمان برس - خاص -
بعد سقوط النظام العراقي وما حدث بعدها من تداعيات أربكت المخططات الأمريكية ، فواشنطن كانت تتوهم أن سقوط النظام في بغداد سوف يؤدي إلى سقوط النظام بسورية وبهذا يكون المشروع الجيوبلوتيكي لواشنطن قد ترسخ وهذا ما لم يحدث وقد أدركت واشنطن هذه الحقيقة فاتجهت إلى غزو أفغانستان عسكريا فيما واصلت غزوها الوطن العربي عن طريق ما يعرف في الأدبيات السياسية ب ( الدبلوماسية الناعمة ) من خلال ما أطلق عليه بدمقرطة ( الشرق الأوسط ) وتسويق قيم ومفاهيم الليبرالية التي أطلق عليها مصطلح ( الخيار الأوحد للتنمية والتقدم والاستقرار ومكافحة الإرهاب ) ولسنوات كانت واشنطن قد صنفت خصومها في المنطقة والعالم ب ( الدول المارقة ) و ( محور الشر )؟!
لكن وبعد غزو واشنطن للعراق وافغانستان وفشلها في إحداث تسوية القضية الفلسطينية وصمود سورية ومحور المقاومة الذي شكلته ( موسكو وبكين ) وهاتين العاصمتين كانتا هما هدف واشنطن من كل الاحداث التي شهدتها العديد من مناطق العالم بدءا من الشرق الأوسط وأفريقيا وصولا إلى دول أمريكا الجنوبية ، لتدرك واشنطن على ضوء كل هذه التداعيات أن ثمة محور يتشكل خارج إرادتها وان هذا المحور تمكن من وضع أهداف عابرة ومتحركة أمام قطارها الاستعماري الجديد وأن زعامتها للعالم الحر رغم كل محاولاتها فعل بعيد المنال في ظل بزوغ نفوذ قوى دولية صاعدة تدعو لعالم متعدد الأقطاب وتقدم رؤى ودراسات لإعادة إصلاح وهيكلة الأمم المتحدة والمنظمات التابعة لها بما في ذلك مجلس الأمن الدولي الأمر الذي اغضب واشنطن التي راحت تبحث وفق عقيدتها واستراتيجيتها عن ( عدو ) ومنذ انهيار الاتحاد السوفييتي كانت واشنطن قد أوجدت سلسلة من المحاور العدائية بدءا بالعراق وكوريا الشمالية ثم إيران وفنزويلا شافيز وكوبا كاسترو ، لكنها بدت ب أفغانستان بذريعة تصفية الإرهاب وتنظيم القاعدة وحركة طالبان بعد أحداث 11 سبتمبر إيلول 2001م وهو الحدث الذي لايزال محل شك المؤرخين والمراقبين والمحللين ومن هي الجهة التي تقف خلف هذا الحادث الذي أجزم بعدم علاقة ( تنظيم القاعدة ) به حتى لو طلع بن لادن وأعلن مسئوليته عن الحادث في قناة الجزيرة ، وتعلم المخابرات الأمريكية وأجهزتها حقيقة الحادث ربما أكثر مما تعرفه البيت الأبيض والرئيس الأمريكي نفسه ، ففي أمريكا مؤسسات وأجهزة أمنية غاليا ما تضع العالم بما في ذلك البيت الأبيض والرئيس أمام أمر واقع وأمام قضايا محلية ودولية يترتب عليها مواجهات وحروب ولا يعلم بها ساكن البيت الأبيض نفسه وطاقمه وحدث هذا مع الرئيس كندي الذي حين اكتشف أن جهاز المخابرات الأمريكية قام بعملية عسكرية لغزو كوبا عام 1960م وان ثلاثة الف من قوات المارينز ذهبوا ضحية هذه المغامرة ، اقول حين اكتشف ذلك وبدأ بمعاقبة هذا الجهاز تم التخلص من كندي وبعده تم التخلص من 64 شخصية أمريكية شاركت بمؤامرة اغتيال الرئيس حتى لا يبقى هناك خيطا أو دليلا قد يقود للحقيقة ..؟!
كانت واشنطن ومنذ العام 1990م قد خاضت مواجهات غير معلنة مع خصومها وحاولت تدمير هولاء الخصوم ومن يساندهم أو يصطف معهم ، وكانت هذه المواجهات غير معلنة وكل ما هو معلن كان يتصل بإحداث هناء وهناك مثل غزو أفغانستان ومطاردة القاعدة وطالبان ، غزو العراق بذريعة امتلاكه لأسلحة دمار شامل وهو زعم كاذب ويعرف العالم بأسره أن أمريكا كانت كاذبة في كل التبريرات التي أطلقتها بدءا من أحداث 11 سبتمبر وحملتها لمكافحة الإرهاب وشعار من ( لم يقف معنا فهوا ضدنا ) ثم غزو أفغانستان والعراق ، والحقيقة أن كل ما قامت به واشنطن منذ أعلنت تزعمها للعالم الحر كان مجرد خطوات استباقية لتطويق الصين وتطويعها خشية من أن تصل للنقطة التي تخشاها واشنطن وحلفائها وهي أن تصبح الصين القوى الاولى والند القطبي لواشنطن وطموحاتها ..؟!
ألم تكن واشنطن هي من حرضت الرئيس الشهيد صدام حسين على الكويت وشجعته على مطالبة الكويت بما لديها من حقوق مادية للعراق وهي من راحت تضغط على الكويت بعدم دفع أي مبالغ للعراق ؟!!
وهكذا سعت لدفع العراق لغزو الكويت ثم حرضت العالم ضد العراق وهرولت الى الخليج باساطيلها وبوارجها وسيطرت على البحار والمحيطات والممرات المائية العربية والقارية ولم يكن كل هذا تلبية لتلك الأحداث التي شهدتها المنطقة بل كانت جزءا من خطة دفاع استراتيجية سعت واشنطن لتستعيد بها ومن خلالها لي احدث لم تأتي بعد والمتمثلة في مواجهة ( الصين ) وحلفائها ؟!
وفي سبيل مواجهة وتطويق ( الصين ) عملت واشنطن على ابتكار وسائل وأساليب وتشريعات مخالفة لكل القيم والأعراف والقوانين الدولية ومنها قرارات ( المقاطعة والحصار ) وسن تشريعات وقوانين داخل الكونجرس الأمريكي موجهة ضد بلدان ودول وأنظمة تعددت تسمية وتوصيف واشنطن لها مثل ( الدول المارقة ، ومحور الشر ) هذه القرارات والقوانين والتشريعات ثم أجبرت دول العالم بتطبيقها ضد هذه البلدان بمعزل عن القانون الدولي والمنظمات الدولية ومجلس الأمن بل حتى ضد قناعات هذه الدول ذاتها وضد مصالحها ولكنها فعلت ذلك بضغط من واشنطن وهذا ما دفع الصين وروسيا وحلفائهم إلى تبني نظرية ( عالم متعدد الأقطاب ) ..؟!
يتبع |