ريمان برس - خاص -
 
قلت سابقا في اكثر من تناولة ان العملية العسكرية الروسية في اقليم الدونباس والتي امتدت إلى أوكرانيا جاءت كعملية استباقية اقدمت عليها روسيا الاتحادية مجبرة تلافيا لما هو اسوا كان على وشك الحدوث وكانت تداعياته ستكون اكثر إيلاما على الجغرافية الأوروبية وعلى جمهوريات الاتحاد الروسي بصورة خاصة والسبب هو السياسة الأمريكية التي عملت بجدية على إشعال هذه الاحداث الجارية كحطوة إستباقية ايضا أقدمت عليها واشنطن تفاديا لما ينتظرها من عوامل الإنكسار والتراجع أمام نمو وتعاظم نفوذ روسيا والصين اقتصاديا وعسكريا فتأسيس حلف ( اكيوس) بين امريكا وبريطانيا واستراليا لتطويق الصين والسيطرة على المحيطين الهادي والاطلسي وبحر الصين الجنوبي كانت اوكرانيا المدية التي حاولت واشنطن ان تغرزها بالخاصرة الروسية ومن ثم تجزئية المواجهة وفق المنطق الامريكي أي مواجهة امريكية _أطلسية منفردة مع روسيا فإذا فرغوا من روسيا بعدها سيتجهون نحو المواجهة مع الصين..؟!
ويتضح بجلاء هذا المخطط من خلال رد الفعل الغربي والاطلسي والامريكي على روسيا وهذا الحصار والعقوبات الغير مسبوقة والغير مسئولة والتي تمثل حالة انتحار اوروبي لان العقوبات سترتد على المجتمعات الغربية وحتى على امريكا، لكن دافعها هو محاولة ترهيب غربية _ امريكية ضد روسيا على أمل إجبارها على التراجع الذي ان حدث سيكون بمثابة انتصار حضاري شامل للغرب وامريكا وسيمد من عمر هيمنة امريكا وسيمنحها المزيد من الغطرسة والمزيد من الفرص المجانية لفرض خياراتها على الخارطة الكونية..!!
إذ ان رد الفعل الغربي والامريكي تجاه روسيا هو رد انتحاري بل وجنوني وقد شملت العقوبات المصارف والملاعب ووسائل الإعلام والشركات وتجميد اصول مالية وودائع، بل والادهى من ذلك إنه وحين أمر الرئيس الروسي بوضع قوات الردع النووي في حالة تاهب قتالي خاص رد قادة الاطلسي بدورهم جاهزية قواتهم النووية؟!
وهذا يدل على ان امريكا تدفع اوروبا الى حافة الهاوية في مواجهة روسيا وهي تدرك ان روسيا لن تساوم على امنها القومي ولن تتراجع عن حماية وجودها الجيوسياسي مهما كانت النتائج والتبعات وان عمليتها العسكرية في اوكرانيا لن تتوقف قبل أن تحقق اهدافها واهدافها ليست احتلال اوكرانيا بل تنصيب حكومة اوكرانية بديلة عن حكومة النازيين الحالية وهذا حق مشروع لروسيا مهما وصفه البعض بغير هذا الوصف..
في هذا السياق نجد ان حجم المطالب الروسية ارتفع الى حد ان تطالب موسكو واشنطن بسحب قواتها النووية من اوروبا واعادتها الى امريكا وهنا نرى ان واشنطن جعلت من اوكرانيا مسرحا تجريبيا تقيس من خلاله المدى الذي قد يذهب إليه رد الفعل الروسي، إذ ان تمسك روسيا بمواقفها المعلنة عند بدء العملية العسكرية سيجبر واشنطن على التضحية بنظام اوكرانيا وستضطر للخنوع وتسوية الأزمة مع روسيا، وان تراجعت موسكو وهذا لا يمكن حدوثة فأن أوروبا ستجد نفسها في مازق سوف ينعكس سلبا على واقعها وعلاقتها السياسية والجيوسياسية فيما واشنطن ستواصل دورها في شيطنة خصومها وخاصة روسيا ومن يقف مناصرا لها من دول وانظمة العالم التي اجبرتها واشنطن للسير خلفها في مناهضة خصوم أمريكا والمنظومة الغربية..!!
يتبع