ريمان برس - متابعات -
في بلد يواجه قرابة نصف سكانه خطر الجوع ويعيش الملايين من ابنائه في مستنقع الفقر والبطالة السافرة تنامت ظاهرة تجارة المخدرات وتعاطيه في الآونة الأخيرة وبلغت مستويات لا تزيد خطرا على المجتمع اليمني من خطر الجوع والبطالة .
وعلى الرغم من استبعاد الكثير من اليمنيين أن يقع الشباب في فخ المخدرات والحشيش الا أن واقع تجارة المخدرات في عدد من المحافظات التي لم يعد يتخذها مهربو المخدرات ممراً للتهريب وحسب، بل سوقاً يتفاعل فيها العرض والطلب بطرق سرية في عدد من المحافظات، كما أن الانفلات الأمني الذي ساد معظم المحافظات في الآونة الأخيرة ساهم في تنامي ظاهرة تهريب المخدرات ونموها في اليمن التي يتخذها المهربون ترانزيت لتهريب المخدرات والحشيش الي دول الجوار ومنها السعودية .
خلال العامين الأخيرين نمت تجارة المخدرات في الأراضي اليمنية ونما عدد المتعاطين لها وباتت بعض المدن الرئيسة أسواقا مفتوحة للعرض والطلب .
حضرموت في مواجهة المخدرات
بين الفينة والأخرى تعلن إدارة مكافحة المخدرات في حضرموت القبض على عشرات المتعاطين او عدد من مروجي المخدرات والحشيش وهو مايوحي الى ارتفاع نشاط الاتجار بالمخدرات والحشيش في حضرموت التي يتخذها المهربون ممرا لتهريب كميات كبيرة من المخدرات عبر صحارى شروره اليمنية والعبور إلى السعودية، ولكن لم تعد الظاهرة مرتبطة بصحارى حضرموت، بل بالوادي والصحراء والساحل ايضاً .
تصاعد تعاطي المخدرات في حضرموت بات مثيراً فالمحافظة ذات النطاق الجغرافي الواسع لم تعد ممراً آمنا لتهريب المخدرات وحسب، بل إن عاصمة المحافظة (المكلا) باتت سوقاً تحظى فيه المخدرات برواج كبير في ظل ارتفاع متعاطيها.
ضبطت أجهزة الأمن بمديرية سيئون بمحافظة حضرموت 79 كجم من مادة الحشيش المخدر الذي يطلق عليه اسم (الذهب الأحمر).
وأوضحت مصادر أمنية بالمحافظة أن الحشيش المضبوط كان منقولاً على متن سيارة من نوع سوزوكي موديل2004م كان على متنها شخصان أشهرا السلاح على عناصر الأمن أثناء تفتيش السيارة وتمكنا من الفرار باتجاه نقطة الصوم.
وأشارت إلى أن أجهزة الأمن بعد عملية بحث وتمشيط للمنطقة بحثاً عن السيارة الفارة تمكنت من ضبط المتهمين مع السيارة التي عثر بداخلها على 79 كجم حشيش موزعة في أكياس بلاستيكية ، سعة كل كيس واحد كجم مسجل عليها اسم (الذهب الأحمر).
ونتيجة لتنامي نشاط تهريب وتعاطي المخدرات في حضرموت وخصوصا المكلا نفذت الادارة العامة للمخدرات فرع حضرموت حملة لمكافحة المخدرات وحتى الآن ألقت القبض على العشرات من متعاطيي المخدرات ومروجيها.
ففي أغسطس الماضي اتلفت إدارة مكافحة المخدرات في المكلا كمية من الحبوب والإبر المخدرة والحشيش والخمور بقيمة مليار و(77) مليون ريال شلمت (180)الف حبة كبتاجول و(74) كيلو حشيش و(180) إبرة بثادلين و(31) علبة خمر خارجي و(8) جالونات خمر محلي سعة (20 و40) لتراً برعاية مؤسسة حضرموت لمكافحة القات والمخدرات.
ومع استمرار الحملة ضبطت شرطة مكافحة المخدرات في منطقة الكود أحد كبار المروجين للمخدرات وبحوزته حوالى ربع كيلو من الحشيش في الثلث الأخير من أكتوبر الماضي.
وتم إلقاء القبض على شاب وهو يقوم ببيع حشيش لأحد الشباب على دكة في منطقة الشرج ومن ثم التحرك إلى منزله لتفتيشه وعند وصول فريق مكافحة المخدرات الى منزل المتهم الذي كان يجتمع فيه ثلة من الشباب الصغار والكبار وهم يتعاطون الحشيش والحبوب المخدرة ، حيث تم القبض عليه مع المتعاطين للمخدرات.
وفي مطلع نوفمبر الماضي تواصلت حملة مكافحة المخدرات في حضرموت، وتمكنت إدارة مكافحة المخدرات بأمن المحافظة من إلقاء القبض على امرأة تعمل في تسويق البنات لممارسة الفاحشة وتم ضبطها بمعية رجل وبنت بداخل تاكسي يحمل لوحات دولة الكويت متوقف في الشارع المحاذي للمؤسسة الاقتصادية بالمكلا.
نجاح الشرطة لم يكتف بالمرأة المسوقة فقط وإنما المفاجأة كانت أن البنت المضبوطة مع الرجل لطالما بحثت عنها الشرطة وتتبعت أخبارها لكونها تعمل في ترويج المخدرات بتوريدها من الخارج وترويجها بالمحافظة وتصدير البعض منها للخارج أيضا .
وفي اواخر نوفمبر الماضي داهمت عناصر من مكافحة المخدرات مصنعاً للخمور وفيه حوالى 300 لتر من الخمر المحلي في بيت بمنطقة الغليلة بالمكلا وحجز مايحتويه المنزل من مواد مخدرة وحشيش، حيث تم ضبط صاحبة البيت ومعها بنتان من خارج حضرموت ورجل.
كما القت إدارة مكافحة المخدرات القبض في مديرية الشحر على اثنين من المروجين وبحوزتهم نصف كيلو من المخدرات وتم التحرك إلى مدينة الحامي وتم إلقاء القبض على مروج آخر وبحوزته كيلو من الحشيش.
ووفق إحصائية أمنية فإن أجهزة الأمن ألقت القبض على 36 متعاطياً للمخدرات، و59 بتهمة تعاطي وصناعة خمور.
الحديدة
توفرت عدة عوامل في محافظة الحديدة التي ارتفع نشاط تهريب المخدرات والحشيش في شواطئها منذ عام 2008م وتنامت الظاهرة في ظل الانفلات الامني حيت يتخذ مافيا المخدرات المخا وشواطئ الحديدة من المخا حتى ميدي مركزاً لنشاطهم الذي منه يتم توزيع المهربات من مخدرات وحشيش خارجي او مايطلق علية بالذهب الأخضر إلى محافظات أخرى، وكذلك يتم تهريب المخدرات والحشيش إلى السعودية عبر الحدود السعودية اليمنية ، وفي الوقت الذي كان المهربون يسلكون طرقاً غير مألوفة لنقل المخدرات من مكان لآخر قبل ان يسود الانفلات الأمني باتت مافيا المخدرات والحشيش تستخدم الطرق الرئيسية في نقل المخدرات من مكان لآخر.
الاسبوع الماضي ضبط أفراد النقطة الأمنية بمديرية القناوص شمال المحافظة في ساعة متأخرة 50 كيلو حشيشاً خارجياً من نوع (الذهب الأحمر)، كانت في طريقها للتهريب من حرض إلى أمانة العاصمة.
وبحسب مصدر أمني بالقناوص أنه تم ضبط الحشيش المخدر على متن سيارة صالون موديل 83 م تحمل لوحة سعودية برقم (6793 م ل ن)، يقودها شخص في الـ31 من عمره، من أهالي منطقة عطفين بمديرية كتاف محافظة صعدة .
وأوضح مدير أمن القناوص العقيد جميل الصالح بأن أفراد النقطة الأمنية ضبطوا الحشيش أثناء قيامهم بعملية تفتيش روتينية للسيارات المارة من النقطة وقد تم تحريز الحشيش المضبوط وإحالته مع السيارة وسائقها لإدارة مكافحة المخدرات بمحافظة الحديدة للإجراءات القانونية.
وفي نفس الاتجاه قال مصدر أمني إن العام الماضي أحبطت السلطات الأمنية 98 عملية تهريب مخدرات قامت بها الأجهزة الأمنية في عدد من محافظات اليمن، كانت أبرزها عمليات الضبط التي جرت في محافظة الحديدة والتي احتلت المرتبة الأولى بين المحافظات بضبط 1643 كيلوغراماً من الحشيش.
المخدرات في تعز
بين الفينة والأخرى تعلن السلطات الأمنية إلقاء القبض على متعاطي مخدرات او مروجي مخدرات في محافظة تعز وما زاد ظاهرة الاتجار بالمخدرات في الآونة الأخيرة الانفلات الأمني الذي تشهده المحافظة ، الاسبوع الماضي أوقع تلفون سيار بعدد من متعاطيي المخدرات في محافظة تعز، وأشارت مصادر صحفية إلى أن رجال الأمن في قسم الشرطة ونقطة الربيعي بالمدخل الغربي لمدينة تعز تمكنوا من ضبط كمية من المخدرات تقدر بكيلو ونصف من الحشيش ذي الجودة العالية كانت بداخل سيارة يقودها شخص وإلى جواره آخر واثناء تفتيش السيارة وجد رجال الأمن كيس حشيش مخفي تحت حزام الراكب فقام بإبلاغ مساعد النقطة والذي بدوره اتخذ الإجراءات اللازمة وتحفظ على السيارة واعتقل السائق والشخص الذي معه وتم التحقيق معهما، وأثناء التحقيق اعترف الشخص المرافق للسائق بتعاطيه المخدرات والاتجار به كما اعترف بوجود كيس آخر كان قد رمى به أثناء تفتيشه.
وأثناء الاحتجاز تلقى هاتف المتهم أكثر من ثلاثة وثمانين اتصالاً من أشخاص كانوا ينتظرون وصول الكمية لتعاطيها والاتجار بها وأثناء ذلك وجه مدير أمن المحافظة العميد الدكتور أحمد علي المقدشي بالتعاون لإلقاء القبض على عناصر الشبكة وفعلاً تم التمكن من إلقاء القبض على أربعة منهم عن طريق استدراجهم لاستلام الحشيش..
يشار إلى ان ميناء المخا ذلك الميناء الذي اشتهر عبر عصور بتصدير البن اليمني إلى جميع دول العالم بات نقطة تجمع للمهربين وبوابة كبرى لتهريب حبوب المخدرات
المخدرات في عام 2012
ماتم ضبطه من مخدرات وحشيش وكوكايين خلال التسعة الأشهر السابقة يدل على مدى تصاعد نشاط الاتجار بالمخدرات والحشيش في الأراضي اليمنية ومالم يتم ضبطه من تلك الآفة كبير، سيما وان معظم المضبوطات جاءت بها الصدفة وليس التحري الدقيق ، حيث أعلنت الداخلية عن ضبط طنين و195 كيلوغراماً من الحشيش ومليون و134 ألفاً و891 قرص مخدر، بالإضافة إلى 1326 غراماً كوكايين خلال الفترة من يناير إلى سبتمبر 2012.
ووفق إحصائية صادرة عن مصلحة الجمارك الأسبوع الماضي فإن السلطات الجمركية أحبطت اكثر من 100 عملية تهريب مخدرات عبر الموانئ خلال الأشهر الماضية من العام الجاري.
الانفلات الأمني ينعش تجارة المخدرات
العلاقة بين انتعاش تجارة المخدرات و تدهور الأوضاع الأمنية وثيقة، فتنامي الظاهرة خلال العامين الأخيرين كانت اهم محدداته تردي الأوضاع الأمنية، حيث يرى مراقبون أن تكون كميات كبيرة جداً من المخدرات والحشيش والهيروين والكبتاغون قد دخلت البلاد خلال 2011، واستفاد مهربوها وتجارها من الأوضاع المتدهورة والانفلات الأمني الذي شهده اليمن جراء الأزمة السياسية وحركة الاحتجاجات التي شهدها البلد خلال 2011.
والملاحظ ان اتساع نطاق تهريب المخدرات وارتفاع أعداد متعاطيها تنامى في المحافظات الجنوبية والشمالية خلال ذات الفترة، فخطوط التهريب مازالت ساخنة رغم وقوع العشرات من صغار المهربين في قبضة الأمن.
كما ان نمو التهريب من المخا الى تعز والمحافظات الأخرى مازال على أشده ومن المهربات المخدرات والحشيش ولكن وفق معلومات مؤكدة فإن المهربين اصبحوا يسلكون الطرق الرئيسية دون خوف، مستفيدين من حالة الانفلات الأمني ومن تواطؤ بعض النقاط العسكرية التي باتت تتقاضى إتاوات تصل الى 300 ألف ريال من قبل المهربين في طرق مقبنة وغيرها، بينما كانوا يمرون عبر طرق فرعية عندما يجدون نقاطاً أمنية غير معروفة.
أسواق المخدرات
حددت اللجنة الشعبية لمكافحة المخدرات في محافظة صعدة ثلاثة أسواق تنشط فيها تجارة المخدرات بطريقة شبه علنية، وهي كالتالي :
- منطقة البقع : وتعتبر سوقاً حرة لتجارة الحشيش واستقباله عبر الطرق الصحراوية ، وتنشط فيها تجارة الحشيش والمخدرات بشكل كبير نظراً لملاصقتها المنافذ البرية السعودية ، وتتحكم عصابات تجار الحشيش بالمنطقة أمنياً وعسكرياً ، وتعمل بالتنسيق مع جهات نافذة داخل المملكة العربية السعودية عبر مافيا منظمة لها نفوذها وإمكاناتها على تجارة الحشيش وتهريبه ، ويتواجد فيها كبار تجار الحشيش والمخدرات في المنطقة كونها خاضعة لنفوذهم بشكل تام.
- منطقة مندبة: وتعتبر من المناطق الأكثر رواجاً لتجارة المخدرات والحشيش ، ويوجد فيها مجموعة من تجار الحشيش ويعملون بشكل علني ، ويتم توصيل الحشيش إليها عبر عملاء يقومون بتوريدها من السوق الحر للحشيش في منطقة البقع ، ومناطق أخرى من الجهات الشمالية لمحافظة صعدة ، ويستفيد تجار المخدرات من المنطقة كونها خاضعة لنفوذ العصابات المسلحة التي تتاجر في الحشيش وتهربه، إضافة لكونها قريبة من منفذ علب السعودي وتخضع لتسهيلات مالية وأمنية للتهريب إلى الأراضي السعودية.
- منطقة حرض: وتعتبر من أوسع المناطق التي تزدهر فيها تجارة وتهريب المخدرات ، وتعتبر مركزاً إدارياً للتخطيط والتنسيق والتسويق ، كما أنها في ذات الوقت نقطة مرور تربط البر والبحر، ويحظى تجار الحشيش فيها بتسهيلات أمنية للتهريب إلى داخل الأراضي السعودية من خلال نافذين في النظام السعودي..
16 مليون حبة مخدر
ووفقاً لإحصائيات رسمية صدرت عن الإدارة العامة لمكافحة المخدرات بوزارة الداخلية اليمنية فإنه وخلال الفترة من 2006 حتى 2010 فقط تم ضبط 41 طناً و367 كيلو حشيش، إضافة إلى أكثر من 16 مليون حبة كبتاغون.
ووفقا لهذه الإحصائيات فقد تمكنت إدارة مكافحة المخدرات -خلال عام 2008 والنصف الأول من العام 2009م- من ضبط 28 طناً و556 كيلو جراماً من مادة الحشيش المخدر، و15 مليوناً و407 آلاف و 98 قرص مخدر وأكثر من 352 متهما في 162 قضية مخدرات، ضبط منها خلال النصف الأول من العام الجاري طنان و225 كيلو جراماً حشيش ومليوني قرص مخدر، وأكثر من 100 متهم في 49 قضية.
في مايو 2009 م أتلفت السلطات الأمنية في العاصمة صنعاء نحو خمس أطنان من المخدرات نوع (الراتنج) وستة ملايين حبة مخدر بقيمة أكثر من(83) مليون دولار، كانت ضبطت في منافذ اليمن البرية والبحرية.
وفي نوفمبر من العام 2008م أتلفت السلطات كمية من المخدرات قدر حجمها (1400.77) كيلو جرام إلى جانب (1.170) قرص مخدر.
يشار الى سقوط عدد من تجار المخدرات في قبضة الأمن خلال السنوات الأخيرة (يمنيين وإيرانيين وباكستانيين وسوريين) يتخذون اليمن ممر عبور إلى دول الخليج وخاصة المملكة العربية السعودية.

* الإقتصاد نيوز - الحدث