ريمان برس - متايعات - “كلَّما دوايتُ جرحاً سالَ جرحُ” أتمنى على الله سبحانه، بل أسأله بحقهِ عليه، ألاّ يكون هذا هو لسان حالنا وحال اليمن، السفينة التي لم تنحصر نكبتها على أن بين من تحملهم، من يعمل جاهداً على خرقها،بل هناك أيضاً من لا يريد لها أن ترى نورساً يبشر بقرب اليابسة، أو ترسو على شاطئ آمن.
اليمن التي نستدل مما يصيبها أن هناك من لا يريد لها عافيةً بل ولا فسحة من الوقت لتضميد جراحها.. ودعونا نتجاوز المعاناة والجراح السابقة -المتلاحقة- وننظر إلى جديدها وطريها.
لقد خرجنا بهذه السفينة التي تقلنا (اليمن) من عنق البندقية والقاذفة، بالمبادرة الخليجية وآليتها -المزمَّنَة- وتداركنا ما تداركنا من دماء وأعراض وأموال.. واستبشرنا بأن الشفاء سيجرى بالبُرء من الاسقام المؤلمة، وذلك عبر البشارات التي تزف عبر المعنيين من وزراء -وما دونهم وما فوقهم- عن التحسن الذي يطرأ على خدمات الكهرباء وتنامي دخل وعائدات الجمارك والضرائب، والأسماك.. والايرادات عموماً وأرقام المضبوطين من المطلوبين للعدالة ومن تصدر بحقهم الأحكام القضائية.. وأعداد السيارات المفرج عنها بعد إزالة القطاعات -وليس السرقة والنهب- وغيرها من الأخبار والخطوات المبشرة بالعافية وبلسمة الجراح، كترتيبات الحوار الوطني وإنهاء انقسام الجيش.. إلاّ أن ذلك ما يلبث أن تُقابله أخبار تضاعف الهواجس ومشاعر الأوجاع كالبيان رقم (2) لوزير الكهرباء الصادر مساء 23 من شهرنا الجاري وغيره من الأخبار التي تثير الأسئلة النابعة من المخاوف، مثل: ماذا يراد لنا ولليمن؟؟! فمما ظهر -وما خفي كان أعظم- تتزايد المخاوف من المجهول.. الذي تتقدمه صفقات الأسلحة التركية -خاصة تلك المسدسات الكاتمة.. والصغيرة الحجم- وتلاحق اكتشاف صفقات الأسلحة السرية التي بلغ عددها خمس صفقات -عند كتابة هذه الأسطر- وكان آخرها ما تم اكتشافه في ميناء المكلا من أسلحة وذخائر.
لماذا تلك الأسلحة الصغيرة والكاتمة السهلة الإخفاء حتى للجريمة؟.. لماذا مناظير ونظارات القنص بشقيه -النهاري والليلي-.. لماذا الدروع الواقية من الرصاص.. ولماذا.. ولماذا حتى أخطر المخدرات وأفتكها (الكوكايين)؟!.
ما الذي يراد لليمن وأهله؟! وهل تلكم الصفقات المشبوهة لها صلة بمخطط يسبق استخدام ما في أيدي المواطنين في اليمن من أسلحة (60 مليون قطعة).
ما يخيف أو ما يبدو مخيفاً هو ما يبدو غامضاً، والغموض الذي يكتنف ما يكتشفه ويلقي القبض عليه الشرفاء الغيارى من أبناء اليمن في المنافذ الجمركية والنقاط الأمنية، هو ما يزيد من القلق والتوقعات..
إنه الغموض المخيف حقاً؛ غموض اختيار تلك النوعية من الأسلحة، والغموض المحيط بمصدرها وطريقة تهريبها، وتتالي تهريبها وتسريبها، وخروج بعضها من المنافذ البحرية، ولا تكتشف إلاّ مصادفة في إحدى النقاط الأمنية كشحنة السبعة آلاف مسدس التركية الصنع، مؤخراً، ثم الغموض المحيط بأسماء من تم الإفصاح عنهم كمستوردين -أو من سجلت بأسمائهم- وهم من يعملون في أعمال صغيرة جداً في صوالين حلاقة وما شابهها، ثم غموض الموقف الرسمي التركي، الذي بدا مضطرباً، حيث نفى بدايةً أن تكون تلك الشحنات مصدرها من تركيا، ثم اعترف ضمنياً وقال مسئول رفيع فيه إن حكومته ستفتح تحقيقاً في الموضوع يكشف كل الملابسات، فزادت الملابسات وزاد الغموض المخيف من طول انتظار نتائج التحقيق التركي، كما هو شأن انتظارنا لنتائج التحقيق اليمني، الذي يبدو وكأنه كلما افتضح أمر شحنة من تلك الأسلحة التهى بها عن الأولى، حقاً نحن خائفون، من تلك الأسلحة، وزمن إرسالها وتلاحق ما يكتشف منها.. كما نخاف مما نسمعه عن الأموال التي تأتي من هنا وهناك.
إنه أمننا وسلامنا واستقرارنا ومستقبل أبنائنا الذين تتشكل اليوم ثقافتهم ونفسياتهم، ألا يستحق أن نخاف عليه؟! وأن نرتعب من عدم التعامل معه بحزم وجديد وشفافية كاملة.. وبمنظور وتعامل واحد مع كل الدول أو الجهات التي انقسمنا في توجيه الاتهامات لها في العبث بأمن اليمن واستقراره..
نقول لمن لا يريد أن يترك هذا البلد وشأنه: دعونا نتعافى، نضمد جراحنا، نغسل قلوبنا مما علق بها، ونتحاور بمفهوم أن كلاً منا بحاجة إلى الآخر، مستغلين ما تبقى لنا من زمن فترة انتقالية تهيئنا لمرحلة جديدة ونقلة نوعية، وأن نحافظ على ما أنجزناه، ولا تشعُرونا بأنَّا أخطأنا عندما استدعينا الحكمة اليمانية عند الشدائد، لتجنبنا سفك الدماء، والدمار والتمزق.
لا تشعُرونا بأنَّا أخطأنا، وأن هذا الخطأ يجب أن يصحح، أو أن علينا أن ندفع فاتورة غير مستحقة، ولا تزرعونا بالخوف من بعضنا بعضاً.
اعتذار
< نعتذر للقراء الأعزاء عن الخطأ الذي ورد في مقال الثلاثاء الماضي، فقد عاش المطهر بن شرف الدين في القرن الـ17، وهو من اشتهر بمقاومته العنيفة للأتراك في اليمن.
براضش نت |