ريمان برس - متابعات - وكالات - تصاعدت ردود الفعل المنددة باغتيال النائب عن حركة الشعب والمعارض التونسي محمد البراهمي بتعرضه لإطلاق نار أمام منزله الواقع بولاية أريانة (شمال شرق تونس العاصمة) من قبل مجهولين، وسط تنديد محلي ودولي على الحادثة .
فقد أهابت الرئاسة التونسية في بيان لها بكل الطبقة السياسية بضرورة الوعي بأن من اطلق رصاصات الغدر على محمد البراهمي إنما اراد توجيهها نحو كل المسار الديمقراطي ويهدف من وراء ذلك إلى ايقاع البلاد في جحيم الفتنة.. داعية كل التونسيين إلى عدم الوقوع في هذا الفخ الذي يريد من خلاله من وصفتهم بـ" المجرمين " الايقاع بالتونسيين وإحلال التناحر والعنف محل الوفاق الوطني والتطور السلمي.
وأشارت الرئاسة في بيانها الذي وقعه عدنان منصر الناطق الرسمي باسمها إلى أن هذه الجريمة التي اختار المخططون لها ذكرى الجمهورية موعدا لتنفيذها جاءت في وقت بدأ يتضح فيه برنامج نهاية المرحلة الانتقالية مع قرب تشكيل المجلس الوطني التأسيسي لهيئة الانتخابات وفي الوقت الذي تشهد فيه بعض الدول تحولات دموية بعد إيقاف العملية الديمقراطية .
وقال الرئيس التونسي منصف المرزوقي "إن من يريد ترويع الشعب التونسي لن ينجح في ذلك"، في كلمة توجه بها إلى التونسيين عقب حادث اغتيال البراهمي، وطالب القوى السياسية والشعب بالتحلي بالهدوء حتى لا تسقط البلاد في العنف.
وأوضح المرزوقي أن أهداف من يقومون بهذه العملية معروفة، وهي مرتبطة بـ"الحس الإجرامي واللاوطني"، مؤكدا أن البلاد سترفع التحدي الأمني وستحاسب من قام بهذه العملية أمام القضاء، وسترفع أيضا التحدي السياسي وستصل إلى بر الأمان، حسب قوله.
من جهته اعتبر علي لعريض رئيس الحكومة التونسية المؤقتة أن اغتيال البراهمي لم يستهدفه في شخصه بقدر ما استهدف تونس الثورة حكومة ومعارضة ومسارا ، مؤكدا أن عملية الاغتيال التي تزامنت مع احتفال الشعب التونسي بعيد الجمهورية وما تمر به البلاد من استقرار وتوافق بين كل الفرقاء تشكل فاجعة يرغب منفذوها في استنساخ تجارب أجنبية على أرض تونس.
وأشار في تصريح عقب إشرافه على مجلس وزاري مصغر وطارئ الى أن منفذي عملية الاغتيال يريدون الانقضاض على الثورة التونسية التي تمثل أمل الربيع العربي في الانتقال الديمقراطي ويرغبون في ادخال البلاد في حرب أهلية عبر التشجيع على الفتنة والتقاتل . واستنكر رئيس الحكومة ما أسماه الرسائل التي تم توجيهها من قبل العديد الأطراف والتي تنادي بالعنف والخروج عن القانون والاخلال بالنظام العام في البلاد.
ودعا لعريض الشعب التونسي والمنظمات والجمعيات والأحزاب إلى عدم الركوع والانصياع إلى دعاة الفتنة والذين حاولوا مباشرة ، كما قال ، بعد اغتيال البراهمي توظيف الحدث لادخال البلاد في الفوضى.
وقال في نفس السياق "لا نريد أن نحقق أمل الذين يسعون الى إفشال الربيع العربي ومع ذلك ندعو الى التهدئة والاحتجاج بالطرق السلمية "، مؤكدا ان التعلميات أعطيت إلى جهات الامنية لتعبئة أكثر ما يمكن من العتاد والأعوان للقبض على الجناة ومن يقف وراءهم، ومجددا عزم الحكومة على ملاحقة المجرمين وضبط الأمن وهي ، كما قال ، فاتحة ذراعيها للحوار.
ومن جانبها دعت حركة / النهضة/ الإسلامية التي تقود الائتلاف الثلاثي الحاكم في بيان اليوم كل التونسيين الى الحفاظ على الوحدة الوطنية والتضامن وضبط النفس لتفويت الفرصة على من وصفتهم بـ "المجرمين " الذين يريدون تخريب تجربة تونس وتعايش أبنائها .
ودعا البيان الذي وقعه رئيس الحركة راشد الغنوشي السلطات الامنية والقضائية إلى بذل كل الجهد وتخصيص كل الامكانيات للوصول إلى الجناة ومحاكمتهم وإنارة الرأي العام .
في هذه الاثناء قرر المكتب التنفيذى للاتحاد العام التونسي للشغل أقدم وأكبر ثلاث تنظيمات نقابية عمالية في تونس الإضراب العام الوطني بكافة أنحاء البلاد كامل يوم غد /الجمعة / وفقا لترتيبات اضراب يوم 8 فبراير 2013 الذي كان قد تقررعقب اغتيال الناشط السياسي والحقوقي شكري بلعيد وذلك تنديدا باغتيال " شهيد الوطن المناضل محمد البراهمي المنسق العام للتيار الشعبي وعضو المجلس الوطني التأسيسي والقيادي بالجبهة الشعبية".
كما أعلن المكتب التنفيذي للاتحاد في بيان أصدره اليوم في اعقاب اجتماع طارئ عن " تنظيم جنازة وطنية للشهيد وتعليق كل الجلسات والمبادرات بخصوص الحوار الوطني ودعوة الهيئة الادارية الوطنية للانعقاد يوم الاثنين 29 يوليو الحالي لتدارس الوضع العام بالبلاد واتخاذ القرارات الضرورية والملائمة".
وعلى صعيد دولي، أدانت مفوضة الامم المتحدة العليا لحقوق الإنسان نافي بيلاي اغتيال البراهمي، مطالبة بـ"تحقيق سريع وشفاف" في هذه الجريمة.
ودعت المفوضة العليا في بيان لها "السلطات إلى أن تفتح فورا تحقيقا سريعا وشفافا لضمان محاسبة المسؤولين عن هذه الجريمة".
من جهتها دانت الولايات المتحدة بقوة اغتيال السياسي التونسي المعارض محمد البراهمي ودعت الى تحقيق شامل لتقديم الجناة الى العدالة.
وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية ماري هارف للصحفيين "هذا ليس الاغتيال السياسي الاول منذ الثورة التونسية ولا يوجد مبرر لمثل تلك الاعمال الجبانة والشائنة في تونس ديمقراطية."
واضافت "نحث الحكومة التونسية على اجراء تحقيق شفاف ومهني فورا لضمان تقديم الجناة الى العدالة في الوقت المناسب."
كما أدان الرئيس الفرنسي فرانسو هولاند "بأقصى درجات الحزم" اغتيال البراهمي، وطالب بـ"إلقاء الضوء في أسرع وقت ممكن على هذه الجريمة، وعلى تلك التي ذهب ضحيتها شكري بلعيد قبل قرابة ستة أشهر.
وجاء في بيان صادر عن الرئاسة الفرنسية أن هولاند دعا مجمل القوى السياسية والاجتماعية التونسية إلى التحلي أكثر من أي يوم مضى بحس المسؤولية الضروري للحفاظ على الوحدة الوطنية وضمان مواصلة عملية الانتقال الديمقراطي".
ميدانيا ..اقتحم عدد من الشباب والمواطنين في مدينة /سيدى بوزيد /بوسط تونس بعد ظهر اليوم مقر المحافظة وأضرموا النار فيه وذلك عقب تجمع لعدد كبير من المواطنين للتنديد بعملية الاغتيال. كما شهدت مدينة /صفاقس/ في الجنوب التونسي مسيرة شعبية انطلقت من أمام مقر حركة الشعب لتجوب شوارع المدينة شارك فيها أنصار الجبهة الشعبية والتيار الشعبي ومكونات المجتمع المدني.
يشار الى ان البراهمي هو نائب عن حركة الشعب ذات التوجه القومي الناصري، وهو من محافظة سيدي بوزيد حيث انطلقت الثورة التونسية.
وقد التحق مؤخرا بصفة فردية بالجبهة الشعبية بعد خلافات مع حزبه حركة الشعب، حيث اعتبر أنها "تسير في اتجاه قريب من السلطة"، وعُرف بمواقفه المناهضة للائتلاف الحاكم خاصة حركة النهضة.
سبأ |