سهير السمان - تحققت الوحدة اليمنية، وكان من أهم مقومات توحد الشطرين وجود قاعدة شعبية متوحدة منذ القدم، لم تعقها تلك الحدود المصطنعة، كان اندماج الشعب اقتصادياً وثقافياً قبل اندماجه سياسياً، وكان الوعي الجماهيري الذي مهد خطى السياسيين للاندماج التاريخي، فكان حلم اليمنيين في تحقيق التطور والتكامل الاقتصادي والثقافي، والنهوض بأهداف الثورتين التي لم تتحققا إلا من خلال التواصل والتفاعل بين أحرار الشمال والجنوب الذين سعوا نحو هدف واحد التخلص من الاستعباد والاستعمار، هذا الرصيد الحقيقي الذي سعى للوحدة ، ولكننا الآن نتساءل في خضم هذه المرحلة الفارقة في مستقبل هذا الوطن هل تبقّى من هذا الرصيد الجماهيري شيئا من شأنه أن يصحح مسار الوحدة التي أصبحت بين مؤيدي بقائها وبين الرافضين استمرارها، إن القاعدة الشعبية التي دفعت بالقوى السياسية للوحدة ، تقهقرت أمام القوى التقليدية المتمركزة بالعنصر القبلي، في ظل فقدان الدولة المركزية القوية، التي تلتهمها سابقاالأطراف المتصارعة.إن من العقبات التي واجهت الوحدة اليمنية على رأي أحد المحللين السياسيين “أنها لم تبحث في شكل وإطار الوحدة قبل إعلانها ، فمتخذي القرار السياسي بين الشطرين لم يطرحوا الصيغ المتعددة للوحدة ، كالكونفدرالية، أو الفدرالية أو التكامل الاقتصادي والسياسي وهي من أهم الأساليب في التدرج للوصول إلى الوحدة المطلوبة، فتبنت القيادات السياسية آنذاك أسلوب الاندماج السياسي بدلاً من التكامل السياسي، وهو ما فتح باب الصراع والمواجهة بين قطبي الوحدة أكثر مما ساعد على التقارب والتكامل وبناء المؤسسات” فما نقصده الآن في هذه المرحلة التحويلية ، هو إعادة بناء شكل الوحدة ، وتصحيح مسارها، وتقوية الرصيد الجماهيري وإعادته إلى الساحة ، هي الشراكة المتفاعلة على مختلف الأصعدة السياسية والاقتصادية والثقافية، والدراسة العميقة لتحقيق وحدة تقوم على نظام التكامل لا نظام الاستحواذ، أمامنا فرصة عظيمة في سبيل تحقيق ذلك وهو النظام الفيدرالي الذي صيغ في مؤتمر الحوار في شكل بناء الدولة اليمنية الحديثة، ولكن هذا يتطلب منا أولاً التشكيل الحكومي القادر على توجيه شكل النظام الفيدرالي القادم.
|