ريمان برس -خاص -
بوفاة الإمام علي إغتيالا علي يد عبد الرحمن أبن ملجم الحميري بدت مرحلة جديده في تاريخنا الإسلامي تاريخ تجاوزت تداعياته تداعيات 40 سنة خلت منذ بدء تاريخنا الهجري ..بدت مرحلة أنحرف خلالها الجميع وتفرقت أمة محمد عقيدة وفكرا وقيما وسلوكا وروابط إجتماعية وثقافة ..بدت مرحلة لم يعد فيها الدين كما هو زمان الرسول صل الله عليه وسلم ولم يعد فيه المسلمين كما كانوا في عهد رسول الله ولا حتى كما عاشوا طيلة الأربعين سنة التي خلت فإسلام بعد علي يختلف عن الإسلام السائد قبله والأمر كذلك فيما يتصل بالمسلمين وعلاقتهم وثقافتهم وسلوكهم وإنتمائهم العقدي وقناعتهم الفكرية _
والملاحظ إنه وخلال فترة 40 عاما من الهجرة فقط و29 عاما فقط من وفاة رسول الله صل الله عليه وسلم حدثت أربعة حروب طاحنة بين المسلمين وبين هذه الحروب ثورة ضد الخليفة عثمان أنتهت بمقتله وكان أطراف الحروب والثورة العديد من صحابة رسول الله صل الله عليه وسلم وقد بدت هذه الحروب بحرب الردة في عهد الخليفة أبو بكر الصديق وراح فيها الآف من حفظة القرأن الكريم ثم حدثت الثورة ضد عثمان وكان فيها عدد من الصحابة المحرضين وفيهم من كان ناصحا وحين لم ينصتوا لنصحهم فيهم من اعتزل وتجنب الفتنة ومنهم من طمع او عشم نفسه بخلافة عثمان فانحاز لخصوم الخليفة وكان من هؤلاء الزبير وطلحة والعباس وبما أن العباس كان حديث العهد بالإسلام كونه أسلم متأخرا فقد اتخذ من الإمام علي واجهة وراح يكرس فكرة أن علي أولى بالخلافة وإنه كان أولى بها بعد رسول الله مباشرة ..!!
ثم بعد مقتل عثمان حدثت المعركة الثانية بين المسلمين وهي معركة ( الجمل ) وفي هذه المعركة حدثت بشاعة وشناعة بين المسلمين لم تحدث في حروب الجاهلية وكادت هذه الحرب أن تحسم في يؤمها الأول لصالح الإمام علي لولاء قيام عبد الله أبن الزبير بجلب السيدة عائشة على جملها وهودجها وراحت تحرض إتباعها على الصمود فاستبسل إتباعها الذين التفوا حول الجمل ولم يكن يهمهم نصرا او هزيمة بل الدفاع عن أمهم أم المؤمنين خشية أن ينالها سوء فثبت إتباعها وطال أمد المعركة وفيها قتل أخير صحابة رسول الله بسيوف رفاقهم من الصحابة أيضا وفي هذه الحرب ارتكب المسلمين بحق بعضهم من الشماعة ما يعجز العقل عن تحمله وفيها قتل الزبير وطلحة والمصيبة أن في هذه المعركة كان الزبير بجهة وولده عبد الله بالجهة الأخرى إذ كان عبد الله ضد الإمام علي ومع السيدة عائشة وهي خالته فعبد الله والدته هي ذات النطاقين السيدة أسماء بنت أبو بكر وهي شقيقة السيدة عائشة..طبعا كاد أطراف معركة الجمل يكادون ينهون بعضهم قتلا وتعزيرا وتنكيلا لولا أن أمر الإمام علي أتباعه بنحر جمل السيدة عائشة الذي كان واقفا في قلب المعركة والسيدة من هودجها تحث الناس على الثبات والناس يستحيل أن يتراجعوا عن حمايتها ولو هلكوا عن بكرة أبيهم فلما أمر الإمام بنحرالجمل دون المس بالسيدة التي على ظهره والتي سقطت داخل هودجها فهرع إليها عبد الله أبن الزبير وشقيقها محمد بن أبو بكر وحملوا الهودج إلى مكان آمن هناك تفرق الجمع وذهب الإمام إلي حيث السيدة وأمر بإنزالها في إحدى البيوت الفاخرة في الكوفة بعد حوار قصير جرى بينهما انتهى بأن طلب كل واحد منهم المغفرة للأخر..
بعد هذه المعركة بين المسلمين وقعت معركة (صفين) وراح فيها عددا من المسلمين ثم وقعت معركة ( النهروان) وفيها صعق غالبية المسلمين ممن سمعوا رسول الله يخاطب عمار بن ياسر بقوله صل الله عليه وسلم لعمار ( ستقتلك الفئة الباغية) وعمار جاء يؤمها ليقاتل في صف الإمام علي ..وكانت معركة تلك المعركة إخر معارك الإمام علي رضي الله عنه ..أذا وخلال 29 عاما من وفاة رسولنا الكريم شهد وعاش وشارك صحابته وآل بيته في أربعة حروب وثورة وقتل ثلاثة خلفاء _
بعد وفاة الإمام علي بويع الإمام الحسن بن علي خليفة من قبل أهل الكوفة وبعض قبائل العراق التي كانت مواليه لوالده الإمام وما كاد يقبل البيعة حتى دقت طبول الحرب فخرج الحسن على رأس جيش عين له قائدا هو قيس بن ساعده باتجاه أرض المدائن وهناك شاهد الحسن من جيشه ما لم يكن يتوقعه فأدرك فداحة ما هو فيه إذ حدث أثناء توقفه في المدائن أن كاد أفراد جيشه أن يفتكوا به وهم يتقاتلون فيما بينهم على الماء والطعام والحصير حتى إنهم سحبوا بساطا كان يفترشه الحسن من تحته وتركوا الخليفة يفترش الرمال ناهيكم إنه تعرض لطعنة ولكنها لم تكن قاتلة من قبل أحد أفراد جيشه وقال المؤرخون إنه من الخوارج أندس في جيش الحسن ليعود الحسن على أثر ذلك إلى الكوفة للعلاج من الطعنة ..؟!
في تلك الأثناء وصل رسولا من طرف ( معاوية) عارضا على الحسن السلام والحوار ووقف سفك الدماء بين المسلمين فقابل الحسن رسول معاوية بالترحيب على خلفية ما سبق له وشاهده من تصرفات اتباعه الذين فعلا اشعروه بالرعب والخوف من تصرفاتهم حسب ما أورده العديد من المؤرخين ..
حمل الحسن رسول معاوية رده على عرض معاوية له واضعا في الرد بعض الشروط منها وقف شتم الإمام علي من قبل اتباع معاوية والتي كانت قد انتشرت وكانت حتى المساجد يشتم فيها الإمام علي وآل البيت بذريعة قتل عثمان والتواطؤ مع القتلة وعدم محاكمتهم والاقتصاص منهم وخاصة من قبل أهل الشام حيث سلطة ودولة معاوية وساحة نفوذه ..كما طلب الحسن خراج إقليم ( ابجراد) في فارس يكون له سنويا وهو الشرط الوحيد الذي لم يقبل به معاوية واستبدله بأن إعطاء الحسن 5مليون درهم كانت في بيت مال البصرة إضافة إلى خراج كورتين من كور البصرة تمنح للحسن سنويا طيلة حياته وخلال حوار الحسن مع معاوية كان هناك من يستعجل السلام مع معاوية وهو عبيد الله بن عباس الذي كان يقود جيشا الحسن قوامه عدة الآف وقبل أن يتوصل الحسن للإتفاق مع معاوية كان عبيد الله بن عباس قد سلم جيشه لمعاوية مقابل المال واقعة تذكرنا لموقف أخيه عبد الله أبن عباس مع الإمام علي رضي الله عنه ..إذ أن عبد الله أبن عباس الذي هو أبن عم الإمام علي وسنده ويده اليمنى ولم يكن الإمام يثق بأولاده قدر ثقته بأبن عمه عبد الله بن عباس الذي ولاه الإمام على بيت مال الكوفة لثقته به وبنزاهته غير أن أبن عباس وبعد عودته من معركة (النهروان) أدرك أن نجم معاوية يصعد ونجم أبن عمه إلى أفول فأخذ ستة ملايين دينار كانت بالخزانة وشرا لنفسه 3 جواري روميات من سوق الجواري واتجه إلى مكة وشرا له دارا فيها فلما بلغ الإمام علي موقف عبد الله بن عباس وجه الإمام رسائل عدة لابن عمه يعاتبه غير أن العباس لم يرد في البداية على رسائل الإمام لكنه رد عليه أخيرا برساله قال فيها كلام مؤلم للإمام حسب ما أجمع المؤرخين ومن قوله ( أعلم إنني لو أخذت كل خراج الأرض فأنها لاتساوي قطرة دم من دماء المسلمين التي أهدرتها أنت ومعاوية من أجل الكرسي ) ..وما أقدم عليه عبد الله أبن عباس مع الإمام علي قام به شقيقه عبيد الله مع الحسن بن علي..؟!!
على أثر التفاهمات التي حدثت بين الحسن و معاوية تخلى الحسن عن الخلافة وبايع معاوية بن أبي سفيان على الخلافة فدانت الأمصار لمعاوية لكن ثمة جيوب ضلت تقاوم نفوذ بني أمية وتحرض العامة عليهم وعلى حكمهم ومجونهم ..وكانت هذه الجيوب الرافضة لحكم بني أمية موزعة تعامل في بعض النطاقات منها اليمن ومكة وبعض النطاقات العراقيه والمصرية وبعض نطاقات فارس ..
كان معاوية قد اتخذ من ( دمشق ) عاصمة لخلافته الأمر الذي اغضب أهل الكوفة وأهل مكه لكن الغضب الذي لم ترافقه ردود أفعال كبيرة لأن الناس كانوا متلهفين للسلام والأمن والاستقرار بعد أن أرعبتهم سنوات حروب المسلمين وصراعهم على السلطة ..
يتبع .. |