ريمان برس -خاص -
ولد الإمام زيد بن علي عام 76 للهجرة في المدينة المنورة تعلم أبجدية الحرف والكلمة على يد والده علي أبن الحسين ابن علي بن أبي طالب الملقب ب( زين العابدين ) وكان الناجي الوحيد من مجزرة كربلاء ويعد زين العابدين والد الإمام زيد الإمام الرابع من أئمة ( الشيعة الاثناعشرية) حسب توصيف الشيعة وهو توصيف لاحق للأحداث على كل حال ..
انتقل الإمام زيد من المدينة إلى البصرة في العراق وعمره 17 عاما وأكمل مسيرته العلمية على يد وأصل بن عطا الذي بدوره تتلمذ علي يد الحسن البصري ..نبغ الإمام زيد في الفقه وعلوم الدين ولقب ب ( حليف القرأن) ..تأثر الإمام زيد بفكر وثقافة وفلسفة معلمه وأصل بن عطا وكان واحدا من فرسان الكلام والبلاغة وأول من أخذ في ترجمة كتاب الله الكريم والتأمل في آياته وجسد فهمه للقرآن في دعوته القائمه على قاعدة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ..فهم الإمام زيد القرأن واستوعب أوامره ونواهيه وراح يقدم كل ذلك بلغه فلسفية راقيه تميز بها عن اسلافه من ال أبي طالب ..تأثر الإمام زيد بالفكر المعتزلي فكريا وثقافيا وسياسيا لكنه سلوكيا تأثر بجده الإمام علي في زهده وتقشفه وتواضعه وبساطة الحياة التي عاشها منافحا في سبيل الله ورفع راية الإسلام كما جاء به خاتم النبيبن عليه الصلاة والسلام لا كما أراد له عشاق الدنياء أن يكون ..وبقدر تأثر الإمام زيد بفكر وأصل بن عطا والمعتزلة أثر فيهم أيضا بطروحاته وخاصة فيما يتصل بحل جدلية الصراع حول الحاكمية وعلاقة الفرد بالمجتمع وحقوق وواجبات الأفراد تجاه بعضهم ..
تميز الإمام زيد رضي الله عنه برؤيه دينية وفكرية وثقافيه وسياسية ميزته عن الكثير من رموز ال بيت أبي طالب فكان أكثر ذكاء رحمة الله من جده الإمام الحسين وأكثر غزارة فكرية ليستحق عن جدارة لقب ( حليف القرأن ) ..وكان صاحب رؤية إسلامية شاملة حملت أفكاره وطروحاته هم المسلمين ولم بتعصب يوما بقول او بفعل لفيئة او لشريحة بذاتها بل كان مع الإصلاح ومع السلام ومع العداله الاجتماعية ومع نصرة المظلومين ومقارعة الظالمين أيا كانوا وكانت مكانتهم ..إذ سعى لتقديم رؤية إسلامية متكاملة هي ترجمة حرفية لما ورد في كتاب الله ونظر للدين بأنه دين الحرية والعدالة ودين المحبة والسلام والعلم والمعرفة والاستقرار ..لم يتحدث رحمة الله عليه عن الإمامة والولاية بالعصبية التي نراها او نقرأ عنها في بعض الكتيبات التي ضلت ولاتزل تضلل العقل المسلم وتسوق مفاهيم وأساطير ما أنزل الله بها من سلطان ..بل كان يحث على الشورى بين المسلمين فيما يتصل بشئون حياتهم السياسية ..إذ قام فكر وفلسفة الإمام زيد بن علي على خمس قواعد او منطلقات اختزل من خلالها رؤيته لقضايا الدين والدنياء وهي :
العدل ..التوحيد..الوعد والوعيد .. المنزلة بين المنزلتين ..الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ..وهي تقريبا نفس الأهداف والمنطلقات التي قام عليها التيار المعتزلي ..اتخذ الإمام دعوته بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بطرق سلمية ولم يدعوا للحرب او سفك ..فاستحوذ على حب وإعجاب عامة المسلمين وكان حيث يحل يحضى بكثير من التقدير والاحترام لمكانته العلمية والدينية وكان بالمقابل هناك من يمقته بدافع الغيرة من دعاة العلم والمعرفة من أقرانه ومن هؤلاء من كانوا زملاء له في حلقات التحصيل العلمي وكانوا يغيرون منه لأن وأصل بن عطا كان يؤثره ويحتفي به أكثر من بقية طلابه وحين حصل على الإجازة العلمية زاد غيرة البعض من هؤلاء وراحوا يوشون به في بلاط الخليفة ويحذرون أهل البلاط منه ومما يدبر للخلافة خاصة والإمام لم يكن من رواد بلاط الخلافة بل كان من رواد المساجد ومجالس العلماء ممن يقضون أوقاتهم في تلاوة كتاب الله وتدبر آياته والتمعن في مفرداتها ..ولم يكن يتخلف أن رأى منكرا في إدانته وإدانة من قام به أيا كان وكانت مكانته ولوا كان الخليفة ذاته او أحد ولأنه ..
كان من مرتادي مجلس الإمام زيد ويحضر بعض حلقات الذكر التي كان يقيمها والي العراق خالد بن عبد الله القسري الذي ارتبط بعلاقة احترام وتقدير مع الإمام وكان من المعجبين بطروحاته الفلسفية عن الدين والحياة وهمومهما فتوطدت العلاقه بينهما وكانت هذه العلاقة علاقة متلقي بعالم وفيلسوف وداعية كل ما يصدر عنه من قول يتطلع إليه ويتمناه الجميع بما في ذلك بعض رموز البلاط الأموي ..لكن ثمة علماء وفقهاء السلاطين من عشاق الدنياء لم يكن سيرهم حضور الإمام وعلاقته واحترام الناس وتقديرهم له فراحوا يكيدون له ولمن ينصتوا له من الأتباع فراحوا يكيدون به عند الخليفة ورموز بلاطه كما راحوا يوغرون صدر الخليفة على واليه في العراق خالد بن عبد الله القسري حتى غضب الخليفة من واليه فقرر عزله وتعين بدله واحدا من ألد خصومه يدعى يوسف الثقفي الذي لم يكن يطيق خالد القسري ..وكان يوسف هذا يتقمص شخصية الحجاج ابن يوسف ومعجب به كونه من المقربين له اسريا..
ويقول المؤرخين إنه وما أن وصل يوسف الثقفي والي العراق الجديد حتى عمل على اعتقال الوالي السابق ونهب كل ممتلكاته ومصادرتها بما في ذلك المنزل الذي كان يقيم فيه مع أسرته ..لم يتوقف الأمر هناء بل ذهب المنافقون إلى تحريض الوالي الجديد على الإمام زيد وإيهامه أن جزءا من أموال الوالي المعتقل لدى الإمام زيد فطلب الإمام زيد وحضر لمواجهة الثقفي الجديد فبانت برأة الإمام واتضحت مكيدة الكائدين ولم يتردد الإمام بالمطالبة بالإفراج عن الوالي السابق واعتبر ما حل فيه وأسرته وأقاربه ظلما لايجب السكوت عليه ..لكن الثقفي رفض طلب الإمام الذي غادر مجلس الوالي غاضبا فعلم أهل الكوفة بالواقعة فطلبوا الإمام لمبايعته وفي الكوفة تم جمع أربعين ألف مبايع للإمام فعلم الخليفة هشام بن عبد الملك بالأمر وأبلغ واليه الثقفي وأمره بإخماد تحرك الإمام فهرول الثقفي من ساعته وبدأ في مطاردة الإمام زيد وحشد جيشه وطوق مدينة الكوفة فأستعد الإمام للمواجهة لكنه لم يجد حوله سوى ثلاثمائة رجل فقط من أتباعه فيما البقية اختفوا واثروا السلامة ..لم يتردد الإمام ولم يتراجع او يتخاذل فواجه الموقف بشجاعة واستبسال وقاتل جيش الثقفي وبني أمية متجاهلا غدر أهل الكوفة وخيانتهم وزيف مناصرتهم ..!!
يتبع |