ريمان برس - خاص -
لعب القطاع الرأسمالي الوطني دورا محوريا في إحداث التحولات الوطنية من خلال الدور الذي لعبه هذا القطاع ورموزه في تحقيق الانتصار الثوري وإحداث التغير الحضاري وإخراج الوطن والشعب من استبداد نظام التخلف الأمامي في الشمال والاستعمار البريطاني من الجنوب، إذ قدم هذا القطاع الكثير من التضحيات الحسام ماديا ومعنويا لم يقدمه كل اولئك الانتهازين الذين ركبوا موجة الثورة والتحولات وسرقوا وبوقاحة سافرة أحلام وتطلعات الوطن والشعب، وقد يكون نموذج هؤلاء الذين قدموا التضحيات الحسام من رموز القطاع الرأسمالي الوطني يتمثلون بالمناضل عبد الغني مطهر، وما نال من جزاء يفوق جزاء (سنمار) ومعه المناضل أحمد عبده ناشر العريقي، والحاج هائل سعيد أنعم، والحاج على محمد سعيد، والحاج أحمد هائل سعيد أنعم وبقية رموز آل سعيد أنعم، وإلى جانبهم امين قاسم محمد سلطان الشميري، وال ثابت وال درهم وقحطان ناجي وشاهر عبد الحق والعديد من رجال المال والاقتصاد الذين صنعوا بتضحياتهم السخية فجر التحولات الوطنية، وهو ما لم يعجب سدنة الأئمة والاستعمار ويبدو أن واقعة المواجهة التي حدثت ذات يوم مؤغل في مبنى الغرفة التجارية بين الحاج هائل سعيد أنعم و(الوتاري) وما صرح به الأخير من نوازع طائفية ومذهبية مقيته، ربما جسدت صراحة رؤية الترويكا القبلية المتسلطة لما يجب أن يكون عليه الحال وفسرت ما آل إليه وضع المناضل عبد الغني مطهر وزملائه الذين حلموا بالتغير وناضلوا في سبيله، وهذا ما افصح أيضا عنه أحدهم حين مر من أمام المناضل أحمد عبده ناشر ذات صباح صنعاني ولم يتردد في مهاجمته ساخرا منه ومن تعصبه للثورة والجمهورية وماذا استفاد منهما فكان رد المناضل أحمد عبد ناشر لصاحبنا وهو يتأمل طلاب المدارس يمرون من أمامه قائلا وبكل ثقة (يكفينا أن أرى هذا المشهد الطلابي كل صباح وهم بهرعون للمدارس بازيائهم الموحدة) وكان في الرد ما يكفي لدفع الآخر المتهجم بالاعتذار، غير أن مثل هذه القناعات ظلت مخزونة داخل ذاكرة ووجدان مرضى الوطن وما أكثرهم..؟!
مشروع الوتاري وصاحبه وأمثالهم لم ينتفي من قناعتهم بل ظلوا يعملون عليه ولكن بطرق أكثر شيطانية وماكرة..!
مبتدئين في تفكيك الحلقات الأضعف في هيكلية القطاع الرأسمالي الوطني، موظفين سياسة فرق تسد بين رموز هذا القطاع وخاصة أولئك الذين ينتمون لتعز، كانت الإدارة العلمية والمؤسسية المؤهلة لمجموعة المرحوم هائل سعيد أنعم قد تمكنت من تحصين نشاطها الاقتصادي وتمكنت من وضع علاقة آمنة في علاقتها مع الأنظمة الشطريةو الوحدوية ولا تزل تنافح وتجاهد للحفاظ على هذه الاستراتيجية الوطنية التي مكنتها من خدمة وطنها وشعبها دون التردد في بذل مساعيها الصادقة اذا ما تطلب الأمر منها ذلك خلال مراحل الصراعات السياسية استجابة للمصلحة الوطنية وليس مجاملة لهذا الطرف أو ذاك من أطراف الصراع.. فيما آخرين ورغم عصاميتهم انجرفوا خلف مؤامرات ترويكا النفوذ القبلي والسياسي والديني والذي اتي لاحقا على حساب وجودهم وأنشطتهم فكان أن اختفى الكثير منهم ولا زلت احتفظ بحديث المرحوم امين قاسم محمد سلطان الشميري (الأمين) الذي دار بيني وبينه عام 1994م أمام محلاته في مدينة الحديدة المجاورة لمدرسة الثورة الثانوية وهو حديث ضاف وصادق لايزل وسيظل منحوت بذاكرتي حتى القاه، وأيضا ما تحمل ذاكرتي من أحاديث الاستاذ الراحل ورجل الاقتصاد حسبن السفاري وآخرين من رجال الأعمال الذين قدموا تضحيات سخية للوطن وكانوا إيقونة تحولاته الاقتصادية والتنموية، غير أن ترويكا الاستهداف والتآمر لعبت لعبتها القذرة خاصة مع غياب المشروع الوطني للثورة اليمنية والأخطاء التي ارتكبتها الأنظمة الشطرية بعد الثورة شمالا وجنوبا وهي الأخطاء التي منحت ترويكا التأمر فرصة إعادة هيكلة الواقع الاقتصادي مفسحة المجال أمام طبقة الراسمالية الطفيلية التي أوجدت مشهد اقتصادي عبثي احرمت بموجبه الوطن والشعب من الانتصار لأحلامه وعلى مختلف المجالات الاقتصادية والتنموية والحضارية.
في ظل هكذا واقع استهدافي مؤلم ممنهج ترعاه مراكز النفوذ تمكنت بعض البيوتات التجارية من الصمود وتحقيق النجاحات المضطردة بشفافية وعصامية، غير أن تقادم الزمن ورسوخ بعض هذه المنشآت الاقتصادية والتنموية التي فرضت نفسها ونشاطها وعبرت بوضوح عن انتمائها الوطني وانهماكها في تطوير قدراتها الاقتصادية والتوسع حسب الحاجة الوطنية وبما يتلائم مع الثقافة الاستهلاكية للمواطن وانماط القيم الحضارية المكتسبة، ومن مصانع البسكويت والمليم الي صناعة الصابون والزيوت ثم الأغذية الخفيفة الي صناعة السمن والسكر وتأمين المواد الاستراتيجية المرتبطة بالأمن الغذائي، ومتطلبات التنمية الاقتصادية والعمرانية، ومع هذه الاسهامات التنموية الفعالة، ظل هذا القطاع يتعرض للانكماش والتقلص على حساب نموء القطاعات الطفيلية التي ارتكزت بوجودها على رعاية النافذين في مفاصل السلطة والمجتمع من رموز الفساد مستندة على التهرب والتهريب واستغلال النفوذ ومساومة دول وشركات اجنبية كانت لعقود تعتمد على وكلاء محليين، غير أن انتهازية النافذين دفعتهم الي مساومة تلك الدول والشركات الأجنبية بأن تستبدل وكلائها المعتمدين لديها من عقود طويلة بآخرين قدمهم النافذين ليكونوا بديلين عن الوكلاء القدماء واضعين هذه المطالب كشرط للسماح لتلك الدول والشركات الحفاظ على مصالحها الجيوسياسية مع اليمن، وهذا ما حدث فعلا واضطرت هذه الدول والشركات للخضوع لمطالب النافذين مجبرين لا مخيرين للإبقاء على مصالحهم مع اليمن..؟!
وحدها مجموعة المرحوم الحاج هائل سعيد أنعم صمدت وقاومت كل أشكال الاحتوي و الضغوطات متسلحة بهوية اقتصادية شفافة وعصامية ونظام إداري متطور واحترام كل القوانين والتشريعات الصادرة من النظام وحريصة على رفض (الزواج مع الأنظمة المتعاقبة) إلا فيما يتعلق بالمصلحة الوطنية والتنمية الاقتصادية المستدامة وبعيدا عن سياسة الهيمنة والتبعية..
يتبع
الخميس 10 اغسطس 2023م |