ريمان برس - خاص -
هذا النمط السلوكي الذي تعاطت به النخب النافذة المتحكمة في مفاصل السلطة أدى على مدى عقود لتلاشي قدرات اقتصادية واختفاء بيوت تجارية عريقة ونمت بالمقابل طبقة رأسمالية طفيلية معجونة بثقافة الفساد والإفساد، ومعها نمت قيم وسلوكيات رسمية راحت ترسخ أقدام الرأسمالية الطفيلية التي كونت ثروة من خلال النفوذ واستغلال وجودها في مفاصل السلطة المختلفة أو قربها بمن هم في السلطة، ليمد النافذين نشاطهم جامعين بين السلطة والتجارة متكئين على تغذية العصبية القبلية والقيم المذهبية والطائفية لدرجة ان المرافق السيادية برية كانت أو بحرية أو جوية استغلت لحركة انسياب تجاري وخضعت لتحقيق أهداف ترويكا الرأسمالية الطفيلية التي تظللت بمظلة السلطة والقبيلة، الأمر الذي عمق من أسباب الصراع على السلطة والنفوذ حتى وصل نيران هذا الصراع إلى مفاصل السلطة وإلى خيمة (القبيلة) ورموزها بعد أن أشعلت نيران السيطرة والنفوذ رموز وأركان الترويكا القبلية الذين استطاعوا إحكام سيطرتهم على الوطن ومقدراته، ونسج علاقة إقليمية ودولية، دفعت الأطراف الخارجية على الرهان على الرمزية القبلية والوجاهية بعد أن استشعرت هذه الجهات الخارجية أن سلطة وسطوة القبيلة في اليمن يمكن الرهان عليها وان لا أمل لمن يراهن على الدولة التي لا إثر لها، بل هناء سلطة تستعر في مفاصلها الصراعات ولا يمكن الرهان عليها خاصة بعد مذبحة العام 1977و عام 1978م وصولا لعامي 1994م وعام 2011م وكانت هذه المحطات قد شكلت باحداثها دور وأهمية القبيلة ورموزها، فيما كان القطاع الاقتصادي الوطني يدفع ثمن انتمائه الوطني وثمن جهوده وقناعته في إحداث التنمية والتحولات الاجتماعية والاستقرار الوطني.
ربما شات الأقدار أن تضعنا أمام العديد من الاشكاليات الاقتصادية التي تم بموجبها استهداف القطاع الاقتصادي والتجاري وتحديدا منذ العام 1982م وما رافق ذلك من تداعيات وإحداث تفجرت بين رموز السلطة والنفوذ وبين الترويكا الاقتصادية الوطنية التي كانت تناضل من أجل ترسيخ هويتها الوطنية فيما النافذين والمتسلطين يسعون لتقليص نفوذ وحضور هذه الترويكا لصالح أخرى أوجدت لتكون سور حماية لهم و لانشطتهم التي يمكن وصفها بأنها غير مشروعة، وفيما راح النافذين والمتسلطين يمنحون طبقتهم التسهيلات والامتيازات راحوا بالمقابل يفصلون ويطبقون القوانين على الرأسمالية الوطنية و تضييق الخناق عليها حد التعصب على طريق الاستهداف الممنهج.. سلطة لم تكلف نفسها حماية الاقتصاد الوطني ومنتجاته وانشطته، وهو الذي يتحمل مسئولية التنمية ويشغل الأيادي العاملة الوطنية ويورد المليارات يوميا وأسبوعيا وشهريا وسنويا لخزانة الدولة بصورة ضرائب وجمارك و مستحقات واجور ومساهمات اجتماعية، دون أن يغفل هذا القطاع الجوانب الإنسانية والاجتماعية والخيرية، ومع كل هذه الاسهامات ظل نافذي السلطة والسطوة في استهداف هذا القطاع الوطني لتأتي مؤخرا الأحداث الوطنية لتكشف وبكل سفور وبشاعة حصاد العقود الماضية الذي زرعته النخب النافذة، حتى أن الصراع الذي تفجر قبل أكثر من عقد ولايزل لا يحمل دوافع وطنية واخلاقية بقدر ما هو حصيلة طبيعية في جدلية الصراع على السلطة والثروة، مضاف الي ذلك ثمة رغبات تتضح بصورة يومية في سلوكيات النافذين الجدد وتعاملهم مع القطاع الاقتصادي الوطني بسلوكيات إنتقامية ومعاقبة منتسبي هذا القطاع بأثر رجعي، دون مراعاة للمرحلة التي يمر بها هذا القطاع والوطن والشعب جراء فشل النخب في احتوى صراعاتها وتقنين وفرملة جشعها وكبح رغبتها المسعورة في الإثراء وتحقيق المكاسب السريعة وكأنهم يريدون التماهي مع اسلافهم..؟!
يتبع
الأحد 13اغطس 2023م |