ريمان برس - خاص -
رغم ان اليمن _إجتماعيا _لم تتشكل من أعراق وقوميات عرقية واثنية ودينية، كبقية المجتمعات العربية، وان المجتمع إليمني يتشكل غالبيته من اتباع المذهبين (الشافعي، والزيدي) وان كان هناك قلة محدودة من اتباع الطرق الأخرى مثل (البهائية، والإسماعيلية) وبعض اتباع الديانة (اليهودية) غير أن كل هؤلاء عاشوا لقرون في حالة سلام وتعايش اجتماعي، َوتعرضوا لكل أشكال القهر والظلم من قبل أنظمة الاستبداد المتعاقبة بصورة شبه متساوية مع بقية المكونات الاجتماعية بما فيهم (الشوافع والزيود) ، لكن ورغم ذلك فإن الصراع على السلطة ظل عنوان القلق الاجتماعي على مر العصور، وظلت (الدولة) ودورها الافتراضي مغيبة ومهمشة فيما السلطات المتعاقبة ظلت ترتكز على قوة (القبيلة) وعلى قيمها وثقافتها وتقاليدها، وعليها راهن عشاق السلطة والتسلط مستغلين الدين كأحد اهم العوامل التي جعلت القبيلة في خدمة المتسلطين، ولأجل ديمومة هذا السلوك، كرس المتسلطين في الوعي القبلي فكرة ان اي تغير اجتماعي هو ضد الإسلام ومنافي لقيم وأخلاقيات المجتمع ولم يتردد عشاق السلطة أن يرسخوا في الذاكرة القبيلة فكرة ان القبيلة بقيمها هي حامية الدين ومصدر دعم لولي الأمر الذي يستولي على السلطة من الاخر بالقوة وبدعم واسناد من القبيلة التي ومن خلال رموزها ربطت علاقتها مع رموز السلطة وفق مصالح رموزها، الذين وزعوا ولائهم لأصحاب النفوذ والمتنافسين على السلطة والحكم، ورغم أن القبيلة كانت ولاتزال مصدر قوة لعشاق السلطة، كانت ايظا مسرحا لصراعات بينية فيما بينها وفق لعبة نسج خيوطها المتسلطين الذين رغم اعتمادهم على المكون القبلي إلا انهم لم يترددوا في دفع هذا المكون الاجتماعي للصراع فيما بينهم وضرب قبيلة بأخرى بهدف إبقاء هذا المكون تحت سيطرة المتسلطين والنافذين في السلطة.
ظلت اليمن منذ فجر الإسلام تخضع لسلطة الحاكم الفرد الذي كان يمنح نفسه غالبا لقب (ظل الله في الأرض والحاكم بامره) جاعلا من نفسه إلها يعبد على الأرض لا يجوز معارضته ولا الخروج عن طاعته ومن عارض أو خرج عن الطاعة يعد مارقا ومرتدا وعدوا لله والرسول ولولي الأمر.. فترسخت على إثر هذه السلوكيات ثقافة اجتماعية تكرس الولاء للحاكم الفرد ولشيخ القبيلة وكان على الحاكم أن يستميل شيوخ القبائل الذين بدورهم يوجهون أتباعهم مع أو ضد الحاكم وفق مصالحهم الخاصة ووفق قرب هؤلاء الشيوخ أو بعدهم عن بلاط الحاكم..!
عقود وقرون عاشها الشعب اليمني اسير الولاء للحاكم المتسلط ولشيخ القبيلة، ولم تتبلور فكرة الوطنية الجمعية لا كثقافة مكتسبة ولا كسلوك يمارس، فيما المتسلطين المتعاقبين حرصوا على تغييب الثقافة الوطنية من ذاكرة العامة كما حرصوا على تكريس ثقافة التجهيل والانغلاق والتخلف الاجتماعي إضافة لتكريس كل مظاهر الفقر والتخلف الاجتماعي، وهي الظواهر التي انعكست بصورة صراع بيني تفجر في أوساط الجمهورين بعد قيام الثورة من ناحية وبين الجمهورين وبعض القبائل التي رأت في الثورة رجسا من عمل الشيطان و مؤامرة على الإسلام وعلى الشعب اليمني الذي لن تجلب له الثورة سوئ الفسق والمجون والحياة على طريقة (اليهود والنصارى)..؟!
يتبع
27 اغسطس 2023م |