ريمان برس - خاص -
خلال الاجتياح الصهيوني للبنان عام 1982م كان الهدف الصهيوأمريكي _يؤمها _لا يختلف عن هدف العدوان الإجرامي الذي يشنه العدو الصهيوني اليوم علي الشعب العربي في فلسطين وقطاع غزة تحديدا، وأن كانت ذريعة العدوان علي لبنان هو القضاء علي الثورة الفلسطينية أو ما أصطلح عليه يؤمها _القضاء علي المخربين الفلسطينيين، وتحقيق الأمن للشعب اللبناني _ وكانت أمريكا يؤمها كعادتها حاضرة ببوارجها وحاملات طائراتها وكان عراب العدوان يؤمها الأمريكي ( فيليب حبيب) ولم يكن الموقف العربي الرسمي _يؤمها _ يختلف عن حاله اليوم، كما أن قمة الرباط عام 1982م لا تختلف بمخرجاتها عن ( قمة القاهرة للسلام) المنعقدة مؤخرا مع فارق بسيط هو أن قمة الرباط خرجت ب ( مبادرة سعودية للسلام كتبها الصحافي الامريكي-الصهيوني توماس فريدمان،) وقدمت للقمة بأسم ولي العهد السعودي _حينها _الأمير عبد الله بن عبد العزيز،، فيما ( قمة القاهرة للسلام) المنعقدة خلال الأيام الماضية بالقاهرة وبدعوة من مصر لم يتفق خلالها حتي علي مجرد بيان ختامي وأن كان هزيلا كالعادة لأن ممثلي أمريكا وأروبا حضروا للقمة ولبوا الدعوة المصرية بهدف إفشال القمة والحيلولة دون وجود موقف عربي أو إسلامي موحد يدين مجازر الصهاينة في غزة وفي كل فلسطين المحتلة..!
أوصل الاجتياح الصهيوني للبنان قيادة الثورة الفلسطينية إلي قناعة راسخة وهي أن من المستحيل إستمرار النضال العربي الفلسطيني من دول الشتات، وأن من المهم بل والحتمي أن يكون للثورة الفلسطينية موطئ قدم داخل فلسطين وهذا ما دفع الرئيس الشهيد ياسر عرفات ( أبو عمار) للقول: أريد كيلوا متر مربع داخل فلسطين، ليكون نقطة إنطلاق لنضالنا ومن خلاله إما أن نحرر وطننا وننتصر ونقيم دولتنا المستقلة بعاصمتها القدس، أو نهلك فوق تراب وطننا وندفن بحضن الوطن..!
يؤمها هناك من أتهم أبو عمار بخيانة القضية؟ وأخرين راحوا يبررون تخاذلهم وتواطئهم بطرق مختلفة، لكنهم في الأخير كأنظمة رسمية لم يختلفوا عن أنظمة اليوم..؟!
بيد أن الفارق بين مؤامرة 1982م ومؤامرة اليوم أن في الأولي كان متاحا لكثير من الشباب العربي وأحرار العالم الالتحاق بالثورة الفلسطينية والتطوع للقتال في صفوفها عبر الساحة اللبنانية، ورغم الضغط الأمريكي والدولي والعربي علي قيادة الثورة وعلي الشهيد الرئيس ياسر عرفات بمغادرة بيروت مع قواته التي توزعت بين شطري اليمن وتونس والجزائر والسودان وسوريا، إلا أن المناخ كان مواتيا لعودة المنظمة بطرق مختلفة خاصة بعد مذبحة (صبرا وشاتيلا) والخوف من تكرارها في بقية المخيمات الفلسطينية في لبنان والمنتشرة من جنوب لبنان الي شماله وعلي ضواحي بيروت، ورغم ذلك تشكلت وترسخت قناعة لدي قيادة الثورة الفلسطينية بأهمية التفكير بحلول تؤدي للعودة للداخل الفلسطيني بغض النظر عن الطريقة التي ستتمكن منها الثورة بإيجاد حاضنة وقاعدة إنطلاق لها علي تراب فلسطين.
كانت ملحمة ( بيروت 1982م) قد أسست لرؤى ومفاهيم ثورية ونضالية في مواقف القيادات الفلسطينية، فيما أزداد قائدها ورفاقه في قيادة منظمة التحرير إصرارا في البحث عن فتحة في نهاية النفق الذي آلت إليه أحوال الثورة والقضية، في ظل أوضاع عربية معقدة وإسلامية محفوفة بالعراقيل ودولية متشابكة في معترك جيوسياسي غير مطمئن، فكانت فكرة الشهيد القائد ( خليل الوزير _ أبو جهاد) هي فاتحة أو باكورة العودة للداخل تجسيدا لعبارة قالها الرئيس الشهيد أبو عمار لاحد مراسلي الصحف الأجنبية وهو يهم بصعود السفينة التي أقلته مع مقاتليه من بيروت، حينها سأل الصحفي أبو عمار بقوله إلي أين؟ فرد عليه أبو عمار مباشرة إلي القدس..؟!
طبعا لمن لا يعرف كانت أمريكا حاضرة ببوارجها وبقوات المارينز والمدمرة( يو إس إس نيوجيرزي)..!
وساهمت أمريكا وقواتها وبوارجها في حصار بيروت وقدمت كل أشكال الدعم للصهاينة أمنيا وعسكريا وسياسيا ورددت ذات الخطاب الذي تردده اليوم، ولم يتغير شيئا في الموقف الأمريكي سوا أن بلينكن حل محل فيليب حبيب؟!
23 أكتوبر 2023م |