ريمان برس - خاص -
كان لإعلان قيام الدولة الفلسطينية عام 1988م تبعات سياسية وأجتماعية وأقتصادية ومعنوية، ولا شك في ذلك فقد ألقى الإعلان علي المشهد العربي الفلسطيني تبعات وألتزامات قانونية وإخلاقية وسياسية وثقافية وفكرية، وجاء وكأنه يترجم عبارة أبو عمار التي أطلقها قبل هذا الإعلان بسنوات من علي منصة الأمم المتحدة حين خاطب أعضاء الجمعية العمومية للأمم المتحدة عام1974م قائلا ( جئتكم حاملا بيدي غصن الزيتون فلا تسقطوا غصن الزيتون من يدي.. لا تسقطوا غصن الزيتون من يدي.. لا تسقطوا غصن الزيتون من يدي..
بعد إعلان الجزائر كان أمام الثورة الفلسطينية ومنظمة التحرير وأمام الرئيس الشهيد ياسر عرفات وكذا أمام حركة فتح وقيادتها جملة من التحديات التي يجب التعاطي معها والمؤامة بين دبلوماسية الدولة وبندقية الثورة، خاصة بعد إعتماد المجتمع الدولي ظلما ونفاقا فكرة المساوة بين ( المقاومة والإرهاب) بضغط أمريكي _غربي، لحماية كيان الاحتلال ولتجريم أي شكل من أشكال المقاومة ضد هذا الكيان الاستيطاني، وبعد إسقاط القرار الأممي الذي يساوي بين ( الصهيونية والنازية) وتكريس فكرة أن ( إسرائيل) دولة ديمقراطية وحيدة في المنطقة، وهي المتحضرة الوحيدة التي يطوقها ( وحوش همج ومتخلفين وغير متحضرين،وغير ديمقراطيين )..؟!!
وأختار أبو عمار وحركة فتح بعد الإعلان عن قيام الدولة طريق السلام والحوار والدبلوماسية، معلنا عن تخلي حركة فتح عن الكفاح المسلح والعنف..؟!
لكن واقعيا لم تتخلي حركة فتح عن المقاومة المسلحة ولا كوادرها ولا قادتها ورموزها، ولكن أتبعوا طرق أخري للمقاومة، أطلق عليها البعض حينها ( المقاومة الإحتيالية) وتحولت حركة فتح إلي حاضنة وراعية وداعمة ومساندة لكل عمل مقاوم، في مواجهة غطرسة وعربدة الكيان الصهيوني المحتل والاستيطاني..
وأعتبر نفسي ( أنا كاتب هذه السطور) شاهد عيان علي هذه الحقيقة إذ كنت أحد أفراد حركة فتح في جنوب لبنان حين أعلن عن قيام الدولة وتبني حركة فتح لفكرة النضال السلمي ونبذ العنف المسلح، يؤمها كنت مرابط في موقع ( كفر فالوس) في جنوب لبنان وفي مواجهة قوات العميل ( أنطوان لحد وجيش الاحتلال الصهيوني) ولم يكن يفصل موقعنا عن موقع العدو سوى بضعة أمتار، وكانت التعليمات _ العلنية _ من القيادة لكل كوادر وعناصر حركة فتح ب حماية الحدود ومنع أي تسلل لعناصر فدائية لضرب مواقع العدو، فيما واقعيا كانت مهمتنا غير ذلك، كانت مهمتنا الغير معلنة هي أن نستقبل شباب المقاومة والعمل الفدائي الذين كانوا يصلون إلي مواقع حركة فتح بملابس مدنية ونقوم نحن أبناء حركة فتح وأبو عمار بتقديم الملابس العسكرية لهم والأحذية والسلاح المطلوب للعملية والذخيرة المطلوبة إضافة إلي دليل من كوادر الحركة يقود المجموعة إلي حيث الهدف المطلوب خلف خطوط العدو داخل الشريط الحدودي ونزودهم بكل متطلباتهم حتي الماء والطعام، كانت حركة فتح تتكفل بإنجاح العمل الفدائي من خلال إيصال المقاومين الي هدفهم وعودتهم لقواعدهم سالمين، بل لا أفشي سرا لو قلت إننا في حركة فتح كنا ننزل عمليات خلف خطوط العدو وأثناءقيامنا بمثل هذه المهام الفدائية كنا نحمل بطاقات هوية من فصائل أخري، إذ كان يكفي أن نعطي صورة 4× 6 لأحد الرفاق في الفصائل الفدائية الأخري وما أكثرها حتي ياتيك بهوية عسكرية تؤكد إنتمائك لهذا الفصيل المقاوم أو ذاك فتحملها خلال قيامك بالمهمة حتي إذا قدر الله وأستشهدت يعرف العدو هويتك وأنتمائك لفصائل أخري موجودة علي الجبهة وليس لحركة فتح علاقة بالعملية، بل أن كثيرا من العمليات كان يقوم بها أبناء فتح وكانت الحركة تدينها إعلاميا حسب قانون المرحلة، في تأكيد علي ألتزامها وتمسكها بالمسار السلمي ورفض العنف بعد أن صارت المقاومة في العرف الدولي برعاية أمريكا عملا إرهابيا يجب أدانته وأدانت من يقوم به..؟!
25 أكتوبر 2023م |