ريمان برس -
47 عاما مرت علي ابشع خيانة ارتكبت بحق هذا الشعب، خيانة تخجل من هولها كل أشكال الخيانات التي عرفها الشعب اليمني.. في مثل هذا الوقت من عام 1977م وتحديدا بوم 11 أكتوبر وفي ذروة النهار والشمس في كبد السماء تم اغتيال حلم اليمن واليمنيين الرئيس الشهيد المقدم إبراهيم محمد الحمدي رئيس مجلس القيادة والقائد الذي سعي طيلة ثلاث سنوات وبصعة أشهر في الارتقاء باليمن الأرض والإنسان والقيم والأخلاقيات.. ثلاث سنوات وبصعة أشهر نقل خلالها الحمدي البلاد والعباد والقدرات الي مصاف لم يكن يدور بخلد أكثر الحالمين إمكانية تحقيقه في فترة زمنية قصيرة.. لكن الحمدي استشهد في وليمة الخيانة التي شارك فيها أنظمة الإقليم وساهموا في تلك الجريمة فقط لأن الشهيد كان وطنيا وقوميا وحرا يتمتع بقيم وأخلاقيات وطنية وقومية رافضا لسياسة التبعية والارتهان.. فقد عمل من أجل الارتقاء بحياة المواطن اليمني ووضع أسس لدولة وطنية عادلة تساوي بين مواطنيها رافضا فكرة الهيمنة القبلية ورافضا أن تبقى القبيلة فوق الدولة واقوى منها..!
عمل على وضع أسس وطنية للوحدة والدولة وسار على طريق الإنجاز الوحدوي على أسس وطنية متكافئة، إنطلاقا من إيمانه بالوحدة وحتميتها، سعي تكريس استقلال اليمن من كل أشكال التبعية والارتهان، وعمل جاهدا على إبقاء البحر الأحمر بحرا عربيا خالصا رافضا فكرة عسكرته أو تواجد لأي قوي دولية في مياهه، طالب بإقامة علاقة ندية مع دول الجوار وخاصة _السعودية _التي سعت ومن خلال عملائها من الرموز السياسية والقبلية أن تجعل من اليمن _حديقة خلفية _قرارها بيد (الرياض) والمصير..؟!
وطنيا آثار توجه الرجل رموز القبيلة وحلفائها من الساسة، وقوميا آثارت توجهات الرجل غضب بعض الأنظمة التي استكثرت أن تكون لليمن كلمة وموقف ودوليا غضبت محاور النفوذ من توجه الرجل بتطهير البحر الأحمر من نفوذهم العسكري، ناهيكم عن توجه الرجل نحو تكريس الحياد الايجابي وعدم الانحياز وتبني واضح للقضية الفلسطينية وكان المبادر لارسال قوات يمنية الي بيروت، عوامل كثيرة مترابطة داخلية واقليمية ودولية ساهمت في اغتيال الرجل لكن تبقى الخيانة من الداخل هي الأكثر بشاعة وأكثر جرما وهنا كانت الخيانة مركبة، خيانة نخب سياسية ورموز قبلية وخيانة شعب أيضا..؟!
نعم خيانة الشعب كانت أشد مرارة من خيانة الرموز التي دافعت باستهداف الرجل عن مصالحها، فيما الشعب لم يتحرك دفاعا عن مصالحه بل تدثر _ بدثار الجبن_وتخلي عن قائد شعر معه لأول مرة بلذة المواطنة وحقيقة الهوية والانتماء..!
ابراهيم الحمدي لم يفكر بمواطني الداخل بل ذهب للقارات الخمس يبحث عن أبناء الوطن ويعيدهم الي وطنهم ليساهموا في تنميته وتعميره فاعادهم من دول القرن الأفريقي من الصومال، والسودان، وإثيوبيا، ومن كينيا، وتنزانيا، وحتي من فيتنام وكمبوديا، وبدأ وكأن اليمن تتجه نحو آفاق المستقبل الواعد بكل الخير للارض والإنسان وتحولت البلاد خلال الثلاث سنوات الي خلية نحل وورشة عمل، كما سجلت حضورها الإقليمي والدولي ولكن للأسف لم يعجب هذا (شيخ المشائخ) وعصابته، ولم يعجب (جارة السوء) ولم ترتاح له بعض الأنظمة العربية التي رأت في توجهه إحراجا لها او إهانة لها كما فهم الأمر _السادات _الذي لم يكن بعيدا وأجهزته عن (الوليمة) التي كانت الجارة حاضرة فيها ممثلة بمخبريها وملحقها العسكري في وقاحة سافرة لم تعهدها العلاقات بين الدول..؟!
محليا أطراف عدة شاركت بالجريمة وساهمت فيها كلا حسب مصلحته من قوى قبلية وسياسية وحزبية وعسكرية، وان لم يكن الكل مرتبط بالجارة وأهدافها ولكن لكل طرف كان هناك رغبة في التخلص من رجل لاذنب له سوي انه وطني عشق البلاد والعباد وسعي جاهدا ومخلصا للارتقاء بواقعهما الي مستوى حضاري أفضل، ومع ذلك تخلي الشعب عن قائده تحت وطء الخوف من البطش مع ان النظام يؤمها كان اوهن من بيت العنكبوت وكان اي تحرك شعبي كفيلا بإسقاط النظام وسحل رموزه بالشوارع ولكن الشعب تخلي ليذكر رئيسه بعد أربعة عقود..؟!
لكن كان هناك رجالا آمنوا بربهم ووطنهم سعوا للثأر والانتقام للقائد غير أن المؤامرة كانت أكبر وهذا ما سوف نتناوله في موضوع اخر بذكرى 15 أكتوبر وابطالها العظام.
رحم الله الشهيد القائد ابراهيم الحمدي واسكنه فسيح جناته والرحمة والخلود لكل الشهداء الذين رحلوا على طريق الحرية للوطن والمواطن.
صنعاء عشية 11 أكتوبر 2024م |