ريمان برس -
بداية أقول أن (الصحافة) بالنسبة لي والكتابة ليست مجرد (مهنة) اعتاش منها، إنها حالة عشق نماء وترعرع في ذاتي منذ الطفولة.. كبرت وكبر عشقها معي.. طبعا انا لم اتخرج من جامعة ولم اتحصل على شهادة من كلية الإعلام.. بل تخرجت من جامعة الحياة، أدمنت على القرأة مبكرا وقبل أن أجد قيمة شراء كتاب أو مجلة أو صحيفة.. بدأت رحلتي مع القرأة من كتب والدي المتواضعة في منزلنا بالقرية، حين انتقلت الى صنعاء تعرفت على السفارة الصينية وكنت أذهب إليهم أسبوعيا ليعطوني رزمة مجلات صينية بالعربية.. انتقلت للحديدة منتصف السبعينيات وهناك التقيت بنخبة من الشباب الناصرين فكانوا لي العون والسند وعرفت منهم معنى الأخوة والإيثار، الأستاذ ياسين عبد الرزاق، الأستاذ، الدكتور عبد الجبار ردمان، الأستاذ حسين قحطان، الأستاذ جميل عبده محمد سالم، الأستاذ حسين النائب، وعن طريقهم تعرفت على كوكبة من المناضلين، الأستاذ هاشم عبد الرزاق العزعزي، لكن أعظم من تعرفت عليه وتتلمذت على يديه كان المرحوم الاستاذ سعيد علي كحيل،الذي لم يكن مجرد اخ أو قائد بل كان إب بكل معنى الكلمة.. هؤلاء منحوني فرصة العمر في أقتنا الكتب والقرأة، وزاد شغفي بالصحافة أيضا رغم ان الأخوة كان تأهيلهم لي ومساعدتهم ياخذ طابع سياسي وطني وقومي..
اعترف اني كنت امشي في الشارع واري جريدة أو مجلة مرمية أو بين أكوام القمامة التقطها وانفض عنها التراب وانظفها واقراء كل صفحاتها..
بعد أن التحقت بالعمل وحصلت على أول راتب مقداره ( 150 ريال) مع الحوافز هرولت لمكتبة الثقافة في باب مشرف واقتنيت اول كتاب من مالي الخاص للأستاذ محمد حسنيبن هيكل _عبد الناصر والعالم _ كنت اكتب واكتب واشخبط وامزق ما كتبت واعود اكتب لنفسي طبعا اكتب وانا القاري الوحيد لما اكتبه..!
عام 1978م كتب اول مقال وارسلته لمجلة لبنانية (فنون) والمصيبة انهم نشروا مقالي وشكروني وشجعوني بالاستمرار والكتابة إليهم..!
وفعلا واصلت هذا العشق وكتبت وذهبت لمكتب ( صحيفة الحرية) بالحديدة واعطيتهم مقالات، ثم راسلت( صحيفة الأمل) في صنعاء، وذهبت( لصحيفة الصباح) التي كانت تصدر من الحديدة وتعرفت على الاستاذ سعيد علي الجريك الذي استقبلني بود وترحيب وشجعني على الأستمرار، ثم طرأت أحداث منعتني عن مراسلة الصحف والكتابة لكني لم انسي هذا العشق..
في عام 1985م تعرفت على الاستاذ محمد الزرقة عن طريق الأخوين عبد الله محمد بشر الذي كان في العلاقات العامة وسعيد ثابت العامري، ونشر لي اول مقال في الثورة بالصفحة الثالثة وكان عن صراع الاجنحة في مفاصل النظام الشطري في جنوب الوطن.
هاجرت بعدها حتى عام 1992م عدت للوطن والمهنة تسيطر على كل وجداني لأنها لم تغيب يوما عني كحلم وامل وهدف وغاية.
ووصلت الي ما انا عليه.. لكن ثمة حاجة في نفسي اريد أبوح بها، وهي أن بعض الأخوة والأصدقاء وكثيرون ربما غيرهم حين يتابعون نشاطي المهني في الكتابة والكتابة عن كل شيء محليا وعربيا و دوليا يتصورون أن هذه الغزارة في الانتاج والكتابة لها مردود مادي للعبد لله وان من الطبيعي أن يكتب الكاتب وله منفعة مما يكتب.. واقول بكل صدق وصراحة إننا اكتب لدوافع ذاتية وقناعة ذاتية وان الكتابة لي أصبحت بمثابة البحر للسمك، وانا مؤمن بأن توقيفي عن الكتابة يعني لي الموت..!
لذا اكتب عن كل ما انا مقتنع به دون توجيه من احد او رعاية من احد او طلب من ايا كان.. انا وتحديدا منذ عام 2011م اكتب لوجه الله بقناعة اكتب وعن اي قضية أو ظاهرة أراها اكتب.. وللعلم من عام 1992م وحتى عام 2000م كتبت في غالبية الصحف اليمنية لم اتلقي أجرا أو مكافئات عما كنت اكتبه الا من الاستاذ احمد الشرعبي في صحيفة الميثاق وبعده من الأعزاء الافاضل الاستاذ المرحوم عباس غالب والأستاذ على الحزمي.. ثم انقطعت عن الصحيفة بعدهم.
في عام 2000م بدأت اكتب في صحيفة الرابطة عن الاستاذ محمد جسار حفظه الله وفي صحيفة الشورى عند الأستاذ المرحوم عبد الله سعد _رحمة الله تغشاه _ وكانا اول من اعتمدوا لي إنتاج فكري شهري.. ثم كتب لصحيغة الشموع ومجلة أضواء الشموع وصحيفة اخبار اليوم، ثم لاحقا في صحيفة الثورة والجمهورية والوحدة ومجلة معين حتى عام 2011م انقطع عني العائد المادي من الكتابة في الصحف.. ومن يؤمها وانا اكتب تطوعا لأن الكتابة بالنسبة لي هي الهواء الذي اتنفسه فهل يمكن للإنسان أن يعيش بلاء هواء..؟!
هذا باختصار طبعا حكايتي مع الصحافة والكتابة، ومن فترة وانا افكر بعمل اعيل منه اسرتي وابحث عن أي عمل حتى ( سائق، أو حارس) المهم عمل يعود عليا بدخل يساعدنا واسرتي على البقاء أحياء، حتى اخفف عن زملائي وأصدقائي الذين اعيش (عالة عليهم)، ومع ذلك ساضل اكتب وانشر ما اكتبه.. ألم يقال ان (آلزمار يموت واصابعه بتلعب) وهذا الحال مع الكاتب أو الصحفي الذي لا يقوي أن يهجر مهنة المتاعب والتعاسة والقهر..
دمتم انقياء.. اعزائي
صنعاء في فجر 28 أكتوبر 2024م |