ريمان برس -
من انقلب على حكومة الثورة بقيادة " المشير السلال"؟ ولماذا؟ وكيف؟
من فجر أحداث اغسطس 1968م؟ ولماذا؟
من اغتال الشهيد إبراهيم الحمدي؟ ولماذا؟
من عمل على تصفية النخب السياسية والوجاهية التي دعمت حركة 13 يونيو التي حملت مشروعا وطنيا متكاملا وهدفت الي تصحيح مسار الثورة اليمنية؟
من تعمد تفجير أحداث 13 ينائر في جنوب الوطن وتخلص من الرموز الوطنية التي حملت مشروع الثورة والوحدة والدولة اليمنية؟
من افرغ أهم حدث وطني بعد الثورة اليمنية الذي تحقق عام 1990م _ الوحدة اليمنية _ وهو الحدث الأهم والأعظم الذي حققه اليمنيين وكان كفيلا له ان يعيد الاعتبار للثورة ويوجد دولة المواطنة المتساوية؟
من يعرف الإجابات على هذه التساؤلات، سيدرك لماذا اخفقت الثورة اليمنية الأم في تحقيق أهدافها؟ وكيف حدث ذلك؟ وكيف أفرغت الأحداث الوطنية المتلاحقة التي سعت لتصحيح مسار الثورة، وعلى يد من؟ ولماذا؟! من خلال الإجابة على هذه التساؤلات سندرك فداحة المسار الذي نسير فيه وتعقيداته، كما سندرك خطورة الأزمة التي تخيم علينا وعلى الوطن _اليوم _ وايظا سندرك صعوبة الانعتاق مما نحن فيه أن لم يعود الجميع إلى رشدهم ويتخلون عن مشاريعهم الخاصة الضيقة التي تبنوها كبديل على المشروع الوطني الجامع..!
أن أزمتنا الراهنة هي حصيلة سلسلة أخطاء وأزمات وإنحرفات سياسية متراكمة، كما هي حصيلة تدخلات خارجية إقليمية ودولية، تبدأ عند حسابات "جارة السوء" أو " الشقيقة الكبرى" كما يصفها اتباعها الذي منحوها شرعية التعامل مع اليمن الوطن والشعب والدولة وكأنهم مجرد اتباعا لها أو " خدما" ضمن حاشية "خدم طويل العمر"، وكل هذا مقابل مكاسب وامتيازات شخصية لبعض النخب السياسية والوجاهية اليمنية الذين من أجل مصالحهم الذاتية والأسرية وعلاقتهم الشخصية، يدينون بالولاء والطاعة لنظام الدولة الجارة، أكثر بكثير مما يدينون بالولاء لوطنهم وشعبهم، بل ولديهم الاستعداد لتدمير وطنهم وتمزيق النسيج الاجتماعي الوطني نزولا عند رغبة " حكام الجارة"..!
ألم نتابع معا لقاء ذلك الشيخ الكبير الذي طلع بعد عدوان التحالف على صنعاء عام 2015 م ليعلن وعلى الهوا أن "زرار الجاكت الذي يرتديه من خير المملكة، وانه يهتم فقط بأمن وسلامة المملكة" هذا الشيخ كان يعد من اقرب الناس " للرئيس صالح" وجليسه الوحيد عند الأزمات.. هل عرفتموه إنه " الشيخ الشائف"..؟
ألم تشاهد ذات يوم رئيس مجلس النواب اليمني الذي يمثل ملايين اليمنيين وهو ينحني ليقبل" يد وركبة فهد بن عبد العزيز، الذي كان قاعد على كرسي متحرك "؟!
هذا الشيخ هو عبد الله بن حسين الأحمر..؟!
وهناك الكثيرون أمثال هؤلاء يدينون بالولاء والعبودية لعبيد أمريكا في الخليج..؟!
أن مشكلتنا الحقيقة في هذه البلاد هو إننا نعاني من هيمنة "جارة السوء" ومن إرتهان نخبنا الوطنية السياسية والوجاهية لحكامها مقابل ديمومة مصالحهم الذاتية، الأمر الذي جعل هذه النخب تتجاهل مصلحتنا الوطنية وأهمها إيجاد مشروع وطني جامع نجتمع حوله ونعزز به وحدتنا الوطنية ونشيد بموجبه دولة المواطنة المتساوية والعدالة الاجتماعية والنظام والقانون.
هناك امر اخر يعيق تقدمنا الحضاري وهو الموقع الجغرافي لبلادنا، وميزة المواقع الاستراتيجية هي إما تكون "نعمة" على أهلها، أن حباها الله بقيادة وطنية صادقة ومخلصة وتحب شعبها، والتي يمكنها ان تستغل وبذكاء موقعها وتجعل منه رافعة للتطور والتقدم والتنمية والاستقرار، وأن لم توجد هذه القيادات الوطنية فيصبح الموقع "نقمة ولعنة" على أهل البلاد وهذا ما ينطبق علينا _ اليوم _ للأسف..!
موقعنا الجغرافي كان وراء إحباط تحولاتنا الثورية والوطنية والسبب إرتباطنا الجغرافي مع منطقة الخليج التي تعد "الدجاجة التي تبيض ذهبا لدول الاستعمار" التي صنعت هذه الكيانات وتعهدت بحمايتها ليس لدوافع اقتصادية، أو كونها بحيرة " نفط وغاز" ثرواتها تحرك عجلات الصناعات الأمريكية _الغربية، بل هناك أهداف جيوسياسية ذات أبعاد استراتيجية لدى أمريكا والغرب أهم من النفط والغاز، انه" الكيان الصهيوني "الذي يمثل الخليج خندقا دفاعيا متقدما لحمايته، وأن ديمومة هذا الكيان في فلسطين مرهون ببقاء الترويكا الخليجية كما هي، وهذا يجعل اليمن في دائرة الرصد والاستهداف الإقليمي والدولي، ويعد اي تقدم حضاري تحققه اليمن يحمل في طيه مخاطر للكيانات المجاورة ويهدد سكينتها الاجتماعية واستقرار أنظمتها السياسية القائمة بحماية محاور الاستعمار وليس برغبة شعوبها المدجنة لدرجة الأستلاب بغض النظر عن مظاهر الترف ورغد العيش التي تعد ضمن إستراتيجية استعمارية، اتخذت من مظاهر الترف وسيلة لتطويع شعوب دول الخليج، فيما راحت تحيك مؤامراتها وتزرع الفتن داخل المجتمعات المجاورة، وتحوول دون إستقرارها وتنميتها كي تقنع شعوب الترويكا الخليجية بأن أنظمتها أفضل وان الله أعطاها حكاما أوفياء وانقياء يجب الحفاظ عليهم وطاعتهم..!
أن أزمة اليمن مرهون الخلاص منها بعودة نخبها عن سلوكها الانتهازي وتخلي هذه النخب عن مطامعها الذاتية لمصلحة المشروع الوطني الجامع الذي به يمكن لليمن أن تستعيد دورها وهويتها وقرارها السيادي الوطني وكرامة مواطنيها وان تنطلق نحو البناء والتنمية والتطور الحضاري، أن توافقت نخبها بصدق وجدية واخلاص على مشروع وطني توافقي يكفل حقوق كل أبناء الوطن ويساوي فيما بينهم دون تفرقة أو تميز، وأن لم يتحقق هذا فأن اليمن مقبلة على مرحلة قاتمة من مسارها الحضاري، مرحلة تعيد البلاد لسيرتها القديمة والمؤغلة في القدم حين كانت تعيش تحت سطوة النزوع العشائري والقبلي، وكانت المنطقة الممتدة من " صعده إلي صنعاء" تخضع لسلطات " ستة أأئمة"، وثلاثة آخرين يحكمون المناطق الممتدة من تخوم صنعاء حتى حدود ذمار مع مناطق إب، فيما بقية الجغرافية اليمنية كانت خاضعة لسلطات متعددة وحكام متناحربن فيما بينهم، وكل المؤشرات اليوم تشير إلى إننا والوطن نسير بهذا الاتجاه التمزيقي في ظل تعصب سياسي وتناحر فكري وتعدد الولاءات وليس بينها الولاء لليمن وأن وجد من يحمل ولائه لليمن، يحاول أن يفرض قناعته على البقية دون تفاهم وتوافق بل لا يتردد في فرض قناعته بالقوة وفق رؤى خاصة أحادية لا تنسجم مع رغبات وإرادة غالبية أبناء الشعب.
للموضوع تتمة |