ريمان برس - متابعات - التشكيلية اليمنية غادة الحداد لـ« عمان »:-
الفراغ له وظيفة مهمة في بناء اللوحة ولا أرسم لمجرد التسلية لأنني أحمل رسالة إنسانية!
تجسيد البيئة المحلية -
في اللوحة هو من يجعل العمل الفني عالميا وليس العكس -
حاورها في صنعاء: سامي الشاطبي -
إقامة «30» معرضا تشكيليا جلّه في معارض عربية ودولية بالنسبة لفنانة يمنية لم يزد عمرها الفني عن خمس سنوات وفي وسط فني يتسم في اليمن بالزخم والكثافة ليعتبر تجربة فريدة يجدر بنا استكشافها..
انها الفنانة التشكيلية اليمنية غادة الحداد..ابنة البحر والفن..فالى هذا الحوار المزدان ببعض من لوحاتها.
• هو ذلك السؤال التقليدي الممتنع السهل والذي يأتي في اطار تقدمه للخارج ..من هي غادة الحداد؟
غادة الحداد هي وبكل بساطة تلك التي تعشق الشخبطة منذ نعومة أظفارها.. الحريصة على ان تكون يوما ما فنانة معروفة على مستوى العالم.. أنا غادة بنت جابر الحداد ذلك الأب الذي ما ان أدرك عمق رغبتي في اقتحام عوالم الفن التشكيلي إلا وجاهد ولبى رغبتي عبر صقل تجربتي الفنية.. خريجة كلية الفنون الجميلة.. حائزة على جائزة رئيس الجمهورية للعام 2008 اعمل حاليا في وزارة الشباب والرياضة (الأمانة العامة لجوائز رئيس الجمهورية) شاركت مع فنانين في أكثر من (15) معرضا وأقمت 30 معرضا تشكيليا خاصا داخل واليمن وخارجها.
• الخطوط طرق مقترحة والألوان اضاءات ممكنة لتلك الطرق فإلى أي طريق تقود غادة لوحاتها؟ تتداخل القضايا المطروحة في اللوحة الواحدة ..قضية المرأة..قضية الوطن..الخ، في تجسيد كلي ..إلى أي هدف واحد تنتهي؟
باعتقادي ان الفنان الذي يطرح القضايا المثارة على حسب الوضع ويوظف الموروث الشعبي والمحلية المغرقة في لوحته هو الذي يتمكّن من إيصال رسالته بوضوح ومن دون رتوش..هناك قضايا هامة وحساسة مطروحة في اليمن ..مثل المرأة ..الحب..الحرب..وكوني امرأة تلامسني قضايا المرأة اليمنية والتي تتسم بالتشعب والتعقيد وفي بعض الأحيان تسيطر على لوحاتي..أيضا هناك قضايا مثل الثورة والأزمات اللا متناهية التي تعصف بالبلد وغيرها من القضايا الإنسانية والتي أكثر ما يشغل بالي وريشتي ان أجد الحل من خلال اللوحة.
الرسم متنفس يستطيع الرسام من خلاله إيصال ما يريد إيصاله للمتلقي سواء كانت رسائل إنسانية أو عاطفية أو سياسية ..الخ وأرى أن اللوحة هي الأقدر على إيصال ما يريد الفنان إيصاله للمتلقي، والفنان لا بد وان يكون صادقا في كل ما يطرحه لكي تصل إلى الناس ويهمني كثيرا الرسالة التي أريد ان أوصلها إلى كل من يشاهد لوحاتي بصورة صحيحة فأنا أتعامل بشفافية مطلقة مع لوحاتي فاللوحة الصديقة التي لم تخذلني عندما ارمي بفرشاتي إلى أحضانها.
• تعتبر الفراغات عنصر من عناصر الفن التشكيلي..فالى أي مدى توظفين الفراغات في اللوحة؟
توظيف الفراغات ينتج على حسب الاسكتش، لان الفراغ له وظيفة مهمة في بناء اللوحة في الاسكتش.. أحيانا يكون الفراغ هو العنصر السائد في اللوحة ورغم انه فراغ إلا انه يعزز من قوة اللوحة في التعبير ويعطي مجالاً أكبر في التفكير ووضع الكثير من علامات الاستفهام وهذه الاستفهامات تكون هي الهدف من اللوحة.
• بين لوحة وأخرى ثمة هوّة فالأولى تتصف بالكونية في مضامينها والتالية تتصف بالمحلية المغرقة…؟
مازلت اكتشف وأبحر في عالم الفن الواسع.. مررت عبر عدة طرق..مدارس.. اتجاهات.. أبحرت في الواقعية والسريالية والتجريدية والانطباعية.. لكنها جميعا لم تلب رغبتي.. انني أسعى إلى تجربة مميزة.
• لكن تجربتك مميزة والدليل هذا الكم الهائل من المعارض واللوحات المباعة بأثمان خيالية وانجرافي الشخصي امام لوحاتك؟
هذا ليس مؤشرا بأنني مميزة !
• قد يبدو السؤال مفاجئا ..لماذا ترسمين؟
كي أرى نفسي من خلال لوحاتي، والناس ترى غادة الحداد من خلال لوحاتها، لان الفنان حساس وصادق في كل ضربة لون يضعها في لوحاته فهي تجسد رسالته..معاناته، سواء كانت سعيدة أو تعيسة..أنا لا ارسم لمجرد التسلية لأنني احمل رسالة إنسانية!
• تتميز التشكيلات المعمارية في اليمن بالتنوع والثراء.. كيف تعكسين ذلك التنوع في تجربتك الفنية وكيف توظفين المعمار اليمني في لوحاتك ؟
اليمن غنية بالمعمار، فكل محافظه تمتاز بمعمارها الخاص وطابعها، وكوني عشت وترعرعت في محافظة الحديدة وشدتني معامر زبيد التاريخية كحارة السور وباب مشرف ..كانت تلك المعمار القديمة ينبوعا تزودت به مطفئة عطش لوحاتي..ان تجسيد البيئة المحلية في اللوحة هو من يجعل النتاج الفني عالميا وليس العكس.
• بموازاة التشكيل المعماري هناك ثمة تشكيل إنساني ..هل ثمة سر في وصولك وبتميز إلى ذلك؟
كان أبي رحمة الله عليه يشجعني دائما ويقول ان شاء الله ستتمكنين من أدوات الفن..دعمني كثيرا لدرجة إن كل نجاح لا اسعد برؤيته ولمسه إلا من خلال سعادة أبي الحبيب رحمة الله عليه.. كل نجاح إبداع انسبه إلى والدي العزيز لأنه ملهمي..
• أنتِ بنت البحر لكن البحر شبه غائب في لوحاتك؟
أنا بنت البحر.. رسمت البحر وموجاته، فأنا اعشق البحر وموجه الهائج وضرباته الصارمة على الصخر ونوارسها المحلّقة في سماء الحديدة والنخل والقوارب، ولكن كل ذلك كان توظيفا لرسالتي الإنسانية وليس لأنني بنت البحر.
• كيف تقيمين تجربة الفن التشكيلي الشاب في اليمن؟
هناك قفزة فنية كبيرة للشباب وتحديدا منذ صنعاء عاصمة للثقافة العربية 2004م حيث ظهر فنانان وفنانات من مختلف المحافظات، وبرز الفن التشكيلي بشكل كبير حتى انه طغى وتسيد على بقية الأنواع الفنية.. لم يكن الوسط التشكيلي حتى ما قبل العام 2004م يعرف سوى عدد محدود من الفنانين وهم كبار.. أمثال آمنة النصيري وحكيم العاقل وعبد الجبار نعمان وآخرين ولكن بعد 2004 برز الفن والفنانين بشكل كبير ..ما زلنا مهضومين في اليمن لم نأخذ حقنا بقدر كافي.
• مثل انعكاس القمر على ماء راكد ينعكس الحزن في بعض لوحاتك..هل تقفين امام تلك الضفة كخيار لإنتاج اللوحة؟
بعض الفنانين يصنعون المعاناة كي يبدعوا والبعض الآخر يعيش اللحظة كي يبدع.. لا ارسم لمجرد الرسم فقط.. الفكرة والقضية والرسالة وآخر شيء المزاج هي من تتحكم في الإلهام.. فإذا تيسرت الفكرة واتضحت القضية وانكشفت الرسالة وكان مزاجي مهيأ للرسم فلا شيء يقف أمامي .
• كلمة أخيرة؟
أبي.. لقد تقدمت كثيرا في حياتي.. كنت ولا أزال وسأظل صانعة النجاح، ليس لأحد في الكون، بل لأجلك أنت فقط ..رحمة الله عليك..أبي الغالي ..لم اعد ارى من بعدك شيئا..ليس ثمة طعم للفرح.
|