ريمان برس -
حين نطرح تساؤلاتنا عن دور ( محور الاعتدال العربي) لا يعني هذا إننا ننتقص من دور هذا المحور ولا حتى نشكك بقدراته، لكنا نتسائل رغبة منا فعلا في التسليم بدور هذا المحور ومعرفة كيفية تأديه لدوره أمام هذه الغطرسة الصهيونية والإسناد الأمريكي الفج حتى القباحة مع هذه الغطرسة وكأن دول محور الاعتدال هذه لا مكانة لها ولا تأثير في الحسابات الصهيونية _الأمريكية، وهذا السلوك لا شك انه يقلق المتابع العربي الذي ينتظر بل ويتمنى نجاح نظرية محور الاعتدال وقدرة دول المحور على تحقيق السلام وتحقيق أمن واستقرار الوطن العربي وإنهاء معاناة الشعب العربي في فلسطين وأن عن طريق فرض ( حل الدولتين) كما تزعم دول المحور وتوئدها دول العالم، وهو الحل الذي تراهن دول الاعتدال على تحقيقه عن طريق المفاوضات مع العدو وبرعاية أمريكية، وأمريكا هي التي انفردت منذ اتفاق ( اوسلو) برعاية القضية الفلسطينية واحتكارها بعد أن تخلصت واشنطن من اللجنة الرباعية التي كانت ترعى الحوار بين الجانبين الفلسطيني والصهيوني..؟!
شخصيا افكر بقدر من الاهتمام عن الألية التي ستعمل بها دول محور الاعتدال العربية حتى تتمكن من حل القضية الفلسطينية بدون مقاومة وعن طريق السلام والمفاوضات مع عدو لا يحترم لا قانون دولي ولا اتفاقيات ولا معاهدات وليس هناك من رادع له سوي المقاومة التي تجرمها دول الاعتدال العربي ويدينها المجتمع الدولي الذي يعتبر بدوره المقاومة (إرهابا) وفق التوصيف الأمريكي الذي رسم للعلاقات الدولية مسارات أمريكية وقوانين أمريكية فرضها على العالم وطالب بالالتزام بها.. أمريكا ترى المقاومة الفلسطينية إرهابا وترى في حزب الله والمقاومة الإسلامية في لبنان مقاومة إرهابية، وامريكا هي من رأت لنظام دمشق السابق نظاما إرهابيا وترى في نظام إيران نظاما إرهابيا وكل من يدعم المقاومة في فلسطين ولبنان بنظر واشنطن هو إرهابي يجب معاقبته، وهذه النظرة تمتد من المنطقة بما فيها نظام صنعاء الي جنوب أفريقيا وصولا إلى فنزويلا وكوبا وبقية دول أمريكا الجنوبية .. وترى في الصهاينة أصحاب حق مشروع وجرائمهم ترى فيها (دفاعا عن النفس)، ومن يتحدث عن جرائم الكيان يجب معاقبته كما هو حال المحكمة الدولية، بل وتصنيفه معاديا للسامية ..؟!
إذا ما هي آلية محور الاعتدال العربي.؟ وما هي خياراتها في تحقيق السلام والاستقرار عن طريق المفاوضات مع العدو وبرعاية أمريكا..؟!
طبعا الخطاب الصهيوني _الأمريكي تغير بعد معركة الطوفان وبعد تدمير القطاع والتوجه إلى الضفة، وبعد اغتيال ( نصر الله) وتحييد المقاومة في لبنان وفرض امر واقع على لبنان، وبعد سقوط نظام الرئيس ( بشار الأسد) وبعد إجبار ( طهران) على فتح مسار التفاوض مع الغرب على برنامجها النووي، وبعد الانفتاح الأمريكي على موسكو واستعداد واشنطن على التخلي عن أوكرانيا وتأمين المصالح الجيوسياسية الروسية في أوكرانيا، مقابل تخلي روسيا بدورها عن نظام ( الرئيس بشار الأسد) ومطالبة موسكو بترويض طهران، والتغاصي عن العربدة الصهيونية وترك لبنان خارج دائرة الاهتمام الروسي، مع إمكانية عزل موسكو عن بكين، والتضحية الأمريكية بدول الترويكا الأوروبية لصالح موسكو ، كل هذه التداعيات لم تأتي اعتباطا ولا هي نتيجة ( جنان ترمب) كما يزعم البعض فترمب رئيسا لأمريكا منتخب نعم، لكنه محكوم بمؤسسات سيادية أمريكية هي من تصنع قرارات الرؤساء وليس العكس، وحين يتحدث ( إيلون ماسك) عن ضرورة تخفيظ النفقات والا أمريكا مهددة الإفلاس، ويمنح صلاحية مراجعة موازنة أخطر جهة سيادية أمريكية هي ( البنتاجون _وزارة الدفاع الأمريكية) فإن علينا أن نثق بأن أمريكا تعاني من أزمة حقيقية داخلية وهي أزمة مركبة تعيشها الدولة الأعظم وعلى مختلف المستويات وتصل للحالة الوجودية..!
بيد أن خطاب الصهاينة والامريكان بعد أن تمكنوا من تدمير أو بالأصح تقليص قدرات المقاومة في الداخل الفلسطيني وسعيهم الي تحييد مقاومة لبنان وإسقاطهم للنظام السوري، الطرفان لم يعد يعنيهم حل القضية الفلسطينية لا اساس حل الدولتين ولا على اساس كيان منزوع السلاح حتى، ولم تعد بنظرهم هناك قضية فلسطينية بل أزمة سكان يجب أن تستوعبهم دول المنطقة وان لم فهناك دول أخرى قابلة لاستيعابهم بمقابل مادي تنتزعه أمريكا من الدول العربية النفطية وتمنحه للدول التي ستقبل باستقبال أبناء فلسطين وهذا التصور ليس مجرد وهم خيالي بل هو حقيقة تدرسها واشنطن وتسعى لتحقيقها فعليا رغم أنف دول محور الاعتدال العربي..؟!
نعم لم تعد القضية الفلسطينية قابلة للحل وفق رؤية محور الاعتدال العربي التي عليها أن تدرك أن لا شيء يمكن أن يجبر الكيان على التسليم بمنطقهم، بل عليهم أي على دول محور الاعتدال أن تقبل التطبيع مع العدو حفاظا على وجودها وتعزيز استقرارها في المنطقة قبل أن تفكر بتحقيق السلام في فلسطين على اساس الطروحات التي تطرحها دول الاعتدال العربي..؟!
إذ بعد إسقاط خيار المقاومة وتجربم المقاومين وتجريدهم من سلاحهم، فلا حاجة للصهاينة للسلام الذي ستفرضه أمريكا على العرب بطريقتها، بل هنا المحتاج للسلام أصبحت دول الاعتدال العربي ذاتها، لقد كانت المقاومة هي مصدر القلق للعدو وامريكا، وهي العائق أمام طموحات العدو وأمام مشاريع امريكا في المنطقة وبعد التخلص من المقاومة لم يعد هناك قلق قد يطال كيان العدو أو يزعج واشنطن وحلفاء الكيان، بدليل ما يقوم به الكيان اليوم في فلسطين ولبنان وسوريا وما يسوق في خطابه الاعلامي من خطط توسعيه مدعومة أمريكيا وغربيا في ظل صمت دول محور الاعتدال وصمت دولي مطبق ومريب وكأن هناك تفاهمات دولية تمنح الصهاينة حرية العربدة مقابل أن حل أزمة موسكو في أوكرانيا التي تبدو انها ذهبت ضحية مقايضة متفق عليها بين واشنطن وموسكو، مقايضة المستفيد الأول منها هو الكيان الصهيوني في المنطقة.. إذا ماذا بيد محور الاعتدال العربي بعد كل هذا الذي يحدث..؟!
هذا هو السؤال الباحث عن إجابة مفقودة حتى الأن..! |