ريمان برس -خاص - وتعالى خلقنا وكرمنا أعظم تكريم وميزنا عن جميع مخلوقاته بأن جعل الملائكة الذين يسبحونه ويعبدونه ليل نهار يسجدوا لنا ..ألم يعطينا الله عقولا لنفكر بها وهذه العقول أيضا ميزنا بها عن سائر مخلوقاته ..الله كرمنا بأن خلق كل شيء في هذا الكون من أجلنا الليل والنهار والشمس والقمر والبحار والصحارى والأنهار والطبيعية وتوازنها وما تحمل ..وما تحتويه البحار والمحيطات واعماق الصحاري ..وجعلنا خلفائه في الإرض ..والله لم يخاطب عواطفنا او مشاعرنا بصورة مباشرة بل خاطب عقولنا ..ويقول سبحانه ( إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآَيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ * الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ..) ويقول سبحانه ( قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون إنما يتذكر أولوا الألباب)..ويخاطب القرإن الكريم في معظم أياته وسوره العقل الإنساني بمثل ( يعلمون ..يتدبرون .. يتفكرون ..يعقلون .. يبصرون..يسمعون..وبالتالي فأن تعطيل العقل او تحجيمه او وضع محاذير من القداسة أمامه ليس من الإسلام ولا من الدين ولم يأمر الله به فالله سبحانه وتعالى حاور إبليس وأخذ وإعطاء معه وحين طلب إبليس أن يكون من المنظرين أعطاه الله طلبه وقال له ( إنك من المنظرين ليوم الوقت المعلوم ) ..
بل أن نبي الله إبراهيم الذي أعطاه الله الحجة وهو الخليل خاطب ربه بقوله ( وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَىٰ ۖ قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِن ۖ قَالَ بَلَىٰ وَلَٰكِن لِّيَطْمَئِنَّ قَلْبِي..) هل خرج إبراهيم عليه السلام عن الطريق بهذا التساؤل..؟ لا قطعا فالله سبحانه هو القائل ( وما أوتيتم من العلم إلا قليلا ) والقائل ( وفوق كل ذي علم عليم ) إذا العلم هو الأساس في الدين ) بل العلم جوهر الدين وأولى كلمات الله لرسوله الخاتم كانت كلمه ( إقرأ) ولم تكن ( أسمع )..!!
لكل ما سلف أعود وأقول أن العصمة هي للأنبياء وما دونهم فأن النقد والتساؤل وتناول السير بصورة سرد الأحداث والمواقف جائزه وليس فيها عيب ولا جريمة وأقصد هناء ما يتصل بسيرة ومواقف ( الخلفاء ) بعد رسول الله والذين لقبوا ب ( الخلفاء الراشدين ) ومن حقي كمسلم اعترض على عبارة ( الراشدين ) لأننا لم نسمع عن ( رشاد) بقدر ما سمعنا عن ( فتن )طاحنة نعيش وتعيش الأمة ويلاتها حتى اليوم وقد تستمر إلا ما شاء الله ولن تتوقف إلا في حالة أن يبدأ المسلمين بإعمال عقولهم وأن يتوقفوا عن تقديس ما قدس أبائهم من رمزيات ( صنمية) لم نجني من ورائها سواء الجهل والتخلف والتمزق والشتات ..لقد أمرني الله بأن اعبده حنيفا مسلما ولا أكون من المشركين ..فكيف لي أن أخالف أمر خالقي ورسله وانبيائه وما أنزل من نور في كتابه الكريم ومن ثم أتبع ما قاله ( س..أو ص ) من المجتهدين الذين ليسوا حجة على الدين بل الدين حجة عليهم وإلا ما الفرق بيننا وبين بني إسرائيل الذين حذرنا الله منهم أو أن نقتفي أثرهم ..؟!
لكل ما سلف دعوني أتساءل من يحرمون وبجرمون بل ويكفرون من يتحدث عن ( خلفاء ) رسول الله أو صحابته او من يطلق عليهم الأئمة أو العلماء ..؟
إذ وبعد كل التطورات الهائلة التي تعيشها البشرية والتي كان يفترض أن يكون المسلمين هم رواد هذه التطورات والتحولات الحضارية التي حققها من نرى فيهم ( الكفر ) لكن في الواقع نحن من نعيش ( الكفر ) والكفر لغويا تعني إخفاء الشيء ونحن اخفينا نعم الله علينا واخفينا تعاليمه التي لم نعمل بها لأننا انهمكنا ومنذ وفاة نبينا المصطفي بالصراع على ( الكرسي والسلطة والثروة) فعملنا على تمزيق دين الوحده والتوحيد وزرعنا الحقد والكراهية فيما بيننا ونزعم إننا ننتمي لدين المحبة والرحمة والتسامح والإخاء..!!
والسبب إننا سلمنا طواعية بتعطيل عقولنا وقبلنا بمرجعيات تفكر نيابة عنا وهي من تقرر لنا كيف نفكر وكيف نعيش وكيف نصلي وكيف نصوم وماذا نقول قبل النوم وماذا نقول حين نصحوا..والمصيبة أن من سلمنا بقداستهم ليسوا أنبياء ولا منزهين ولا معصومين بل بشر أمثالنا وقد يكون فينا من يفكر أفضل منهم ويعلم بأمور دينه أكثر منهم ويفهم مقتضيات الدنياء أكثر منهم ..!! ولما لا فأنا وأنت وأنتم لم نشهد عصر رسولنا ولم نشهد نزول الوحي. لم نعايشه ولكنا أمنا بالله وبرسالته التي أرسلها مع نبيه الخاتم بقناعة وطواعيه تصلان حد اليقين فلما إذا لا يكون فينا من هو أفضل من بعض المسلمين الذين عايشوا الرسول والوحي ..فرحمة الله واسعة وهو وحده سبحانه من يزكي عباده وليس البشر مهما كانت مراتبهم او مكانتهم التاريخيه والدينية والعلمية والمعرفية ..فالله سبحانه وتعالى حين بعث محمد أبن عبد الله عليه الصلاة والسلام بعثه بشيرا ونذيرا وعليه أنزل القرأن الذي حمل لنا كل القوانين والتشريعات والعلوم الدينية والدنيوية التي تجعل منا خير أمة وتجعل منا أمة وسطاء وتجعل منا أمة تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر ..ومع ذلك يخاطب الله رسوله الخاتم بقوله ( لست عليهم بمسيطر ) ويخاطبه أيضا بقوله ( عليك البلاغ وعلينا الحساب ) ويقول سبحانه أيضا ( لا لوم عليكم اليوم قد تبين الرشد من الغي ) ويقول سبحانه ( من شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر ) ووعد المؤمنيين بما يليق بإيمانهم وتوعد الكافرين بما يليق بكغرهم ..دون أن يغفل سبحانه نوازعنا ورغباتنا فقال ( يَا أَيّهَا الَّذينَ آمَنوا أَطيعوا اللّهَ وَأَطيعوا الرَّسولَ وَأولي الأَمر منكم فَإن تَنَازَعتم في شَيء فَردّوه إلَى اللّه وَالرَّسول إن كنتم تؤمنونَ باللّه وَاليَوم الآخر ذَلكَ خَيرٌ وَأَحسَن تَأويلاً..) لاحظوا نص الأيه الكريمة وتأملوا وتفكروا فيها فالله قال ( أطيعوا الله ) و( أطيعوا الرسول ) وفي الأخير ( وأولي الأمر منكم ) لم يكرر كلمه ( أطيعوا ) لولي الأمر فطاعه ولي الأمر هناء مرهونة بطاعة ولي الأمر لله والتزامه بأوامره ونواهيه ..!!
إذا في جوهر ديننا وتعاليمه ليس هناك قداسة ولا عصمة لغير رسولنا الكريم عليه الصلاة والسلام ما عداه فلا قداسة ولا عصمة بل من حق أي مسلم يقول فيهم رائه كما يحق لي ولكم نقد الفقهاء والعلماء وفق أسس فكرية وموضوعية بعيدا عن التعصب والتهكم والسخرية ..بل نقد بناء غايته إدراك الحقيقة وسبر أغوار الأحداث التي عاشها أو تسبب بها أيا من هؤلاء ..يقول البعض تعصبا وجهلا _ لا يجوز الحديث عن الخلفاء فهؤلاء تربية رسول الله _ وهذا خطاء كارثي فالرسول لم يربي أحدا غير أهل بيته أما صحابته مهما كانت طاعتهم له وقربهم منه فهوا رسول الله لكل العالم ومن اطاعه فقد أطاع الله وعرف طريق الحق ومن عصاه فقد عصاء الله وذهب في طريق الباطل ..فرسول الله لم يكن ملكا ولا زعيم قبيلة بل رسول الله إلى العالم كافة وبالتالي ليس مسئولا عن من أخطاء من صحابته فهم بشر معرضون للأخطاء وغير معصومين كذلك هم غير منزهين من النقد طالما هم يخوضون في شئون الدنيا ويعيشون تداعياتها وأحداثها ..بل أن الله سبحانه وتعالى وحتى يسقط نزعة الإتكالية لدى البعض قال ( وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفأن مات أو قتل أنقلبتم على اعقابكم ومن ينقلب على عقبيه لن يظر الله شيئا ) ..
ألم يقول أبو بكر مخاطبا المسلمبن بعد وفاة الرسول ( من كان يعبد محمد فأن محمد قد مات ومن كان يعبد الله فأن الله حي لا يموت ) قد يسأل البعض ما دخل هذا بالموضوع أقول إذا كان الله قد فصل بين وجود الرسول من عدمه في أوساط المسلمين فأن هذا الفصل الرباني هو تمهيد لما سيحدث بعد محمد والذي لا يتحمل وزره رسول الله عليه الصلاة والسلام بل يتحمل وزره من سيقوم به او سيشارك فيه وهناء لا ينسب ولا يحسب حتى موقف السيدة عائشة أم المؤمنين التي هي زوجة الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام بل وأحب نسائه إلى قلبه حسب المؤروثات المتواترة لكن ما نسب إليها وإلى دورها في أحداث ما بعد الرسول فعل ينسب لها وليس على رسول الله ..وكذلك ما حدث للخلفاء ومنهم ونسب عنهم أو عليهم والأمر لا يختلف على من لقبوا بالأئمة والمجتهدين والعلماء والفقهاء وذهاب البعض _ جهلا _ إلى تقديس البعض واعتبار البعض لحمهم مسموم والبعض الآخر نقدهم او نقد أفكارهم ( كفرا) وهذه الثقافه وقفت وتقف أمام تقدمنا الفكري منذ 1500 عام وستظل إلى أن نتحرر من ثقافة تقديس الأصنام والتحرر الذي أقصده لا يعني السخرية او الإزدرا ولكن يعني تشغيل العقول للوصول للحقيقه دون إغفال واجب أنصاف من يجب انصافه سواء بواقعة او بموقف او بفكره فليس المطلوب طمس سلبيات وايجابيات هولا بل المطلوب توصيف السلبيات وتحديدها وفق منطق عقلي وعلمي عادلين والإشادة بالإيجابيات وتحديدها ..
أن الدين لا يستقيم بلاء وعي إيماني عميق بحقائقة وهذا الوعي العميق لن يأتي بدون عقول نقية تفرض نفسها على النص الديني وإعمال العقل بالنص هو مطلب رباني من عباده وإما من يقول بضرورة وقداسه مبدأ ( السمع والطاعة ) فهذا يختزل الدين في ذاته من أجل الدنياء ويستغفل العقل الإسلامي ويجرده من كل المقومات الإيمانية ويحول الإنسان إلى مجرد ( كاسيت ) يسجل عليه ما يريد ليبقى يردده على مسامع الناس كالببغاء وبهذا لم يأمرنا ديننا ومن قال بها فقد كذب ..!!
إذ لكي نفهم ديننا لابد من تحرير عقولنا من أدران التبعية وثقافة التجهيل إذ لا طاعة لمخلوق فيما يتصل بالعلاقة مع الخالق ومنها إستلاب العقل الذي كرمنا به الله وغير مسموح لايا كان أن يصادره ويحولنا بعده إلى مجرد تابع متلقي ..في الدين ليس مهما حفظ القرأن وليس في حفظه غاية بل المهم فهم القرأن ومعرفة مقاصد كل حرف وكل أية فيه وماذا تعني لي كفرد وكمجتمع وكدولة ..
إذا حين نتحدث عن أحداث الرعيل الأول من المسلمين وتحديدا منذ انتقال النبي الخاتم عليه أفضل الصلاة والسلام إلى جوار ربه وما حدث بعد وفاته فهذا حقي كمسلم وحقي أن أبحث وادقق واتتبع واعرف أسس ودوافع الإحداث والخوض فيها ومعرفة أبطالها ومواقفهم وأهدافهم وفق رؤى ومنطلقات سياسية ودينية ورؤية او فهم ومعرفة من كان يسعى لتثبيت قيم الدين ومن كان يريد تثبيت قيم الدنياء ومن حاول الجمع بينهما ..؟
الغاية من كل هذا ليس نبش او اجترار مؤبقات الماضي ومآسيه بل الغاية هي إيجاد حلول ومخرجات لما نحن فيه اليوم لأن إيجاد حلول عادلة لحاضرنا لن يكون ولن يتحقق بدون معرفة ماضينا وإعادة تصحيح أسس ومفاهيم قام عليها ماضينا وقادنا إلى متاهات اليوم المؤلمة ..؟!!
قد لا يعير البعض كلامي أهمية تذكر وقد يسخر البعض من طرح كهذا وقد يزدري البعض هذا الطرح لكن هي رؤية ومحاولة وموقف ساختمها بتساولات وهي : ( لماذا أنا ( شافعي ) وأنت ( زيدي) وذاك ( مالكي ) والآخر ( حنبلي ) والخامس ( حنفي ) ؟!!
لماذا هو ( وهابي ) وجاره ( إخواني ) ورفيقهم ( مكرمي ) وصاحبه ( إسماعيلي) ؟!!
لماذا هذا ( شيعي ) وذاك (سني )؟! لماذا هذا ( علوي) وذاك ( درزي) وهذا ( أباضي) واخر ( بهائي) وذاك ( فاطمي) وتلك تنتمي ل ( البهرة) وذاك ( إثناعشري) واخر ( جعفري) وهناك ( الباقري ..والكاضمي ..والعسكري..والهادوي ..
والمطرفي..والجارودي..والقاعدي..والرافضي..والناصبي..والسلفي..) و ( النصرة ) و( داعش) وهذا ( حزب الله ) وتكلم ( أنصار الله ) وأولئك أحباب الله ) وهؤلاء ( الموحدين ) وأولئك ( الصالحون ) فيما كل مسمى يرى نفسه الأجدر بحماية الدين والأقرب إلى الله ..يرى في المقابل البقية ممن لا ينتمون إليه خصوم له ولله تزكية حصريه غير منطقية تكرس منطق الاختلاف وتحتكر الحقيقة اليقينية في ذاتها وتدحض كل ممكنات التقارب مع الآخر ؟!!
أليس الإسلام دين واحد هو دين التوحيد ..؟ أليس المسلم للمسلم كالجسد الواحد إذا شكى فيه عضوا تداعى سائر الجسد بالسهر والحمى ..لماذا المسلمين لا يتراحمون ولا يتحابون ولا يتسامحون ولا يتضامنون ..لماذا نتأمر على بعضنا ..ونقاتل بعضنا ..ونهتك أعراض بعضنا ..ونهدر دماء بعضنا ..لماذا نستقوي على بعضنا ونمتهن بعضنا ..ونهين ونزدري بعضنا ..وننتصر على بعضنا ..ونكذب ونغالط بعضنا ونحقر بعضنا ونلعن بعضنا ونتأمر على بعضنا ..؟!
هل ديننا يأمرنا بهذا ؟! هل حقا نحن مسلمون ؟ هل هذا هو ديننا الذي جاء خاتم الأنبياء والمرسلين محمد أبن عبد الله القائل ( تركت فيكم شيئان أن تمسكتم بهما لن تظلوا بعدي ابدا كتاب الله وسنتي ) ..وبالتالي فأن ما نحن فيه يدل دلالة قطعية على إننا لم نتمسك بما تركه لنا رسولنا وإلا لما كان هذا حالنا ..؟!
لقد عزنا الله بالإسلام وبعث فينا رسولا منا يتمم لنا مكارم الإخلاق..فلماذا عدنا لنتمسك بثقافة وعصبية الجاهلية وعبادة أصنام هي أخطر من تلك التي قضاء عليها ديننا ونبينا الخاتم عليه الصلاة والسلام ..؟ |