ريمان برس - خاص -
خلال الفترة 2010/2014 تحديدا كانت العلاقة الروسية - الأمريكية في ذروة السخونة والتوتر على خلفيات وبسبب سياسة واشنطن و ( درعها الصاروخي ) وسياسة حلف ( الناتو ) التوسعية ..كان حلف الناتو قد تأسس عام 1949م بعد خفوت مدافع الحرب العالميه الثانية من 12دولة أوروبية بقيادة واشنطن والمهمة مواجهة ( نفوذ الاتحاد السوفييتي والمد الشيوعي ) وحماية اعضائه وفقا للفقرة الخامسة من ميثاقه وضمان أمن أوروبا الغربية بسبب وجود الاتحاد السوفييتي وحلف وارسو وقد تكاتفت دول أوروبا فيما بينها وتجاهلت التباينات والخلافات الداخلية ولقد أكدت التطورات أن إنشاء هذا الحلف كان في الواقع خطوة مفسرة ومؤكدة ومكملة لأهداف جريمة الحرب النكراء التي لم يعرف تاريخ البشريه لها مثيلا والتي أقترفتها إدارة الرئيس ترومان عن سابق إصرار وتصميم بقصفها مدينتي ( هيروشيما وناجازاكي ) بأول قنبلتين نوويتين في إرهاب دولة غير مسبوق وغير المبرر والمخالف لابسط القواعد الاخلاقية والقيم الإنسانية وكان الهدف تخويف العالم وأجباره على الركوع أمام القوى الأمريكية الاعظم والخضوع لادارتها وبالتالي لم يكن الناتو ندأ لحلف وارسو ولا المواجهة الاتحاد السوفييتي بل جاءا لفرض هيمنة القوة الأمريكية وأخضاع دول العالم لهيمنتها بدليل أن انهيار الاتحاد السوفييتي وحلف وارسو ودول المنظومة الاشتراكية لم تؤدي هذه الأحداث بالمقابل لتقليص دور الناتو ولا لإنهاء دوره بل زاد هذا الحلف من توسعه شرقا وزاد في استقطاب الدول الأعضاء وسعى لتطويق روسيا الاتحادية من كل الاتجاهات عبر إقامة شبكة الدرع الصاروخي بذريعة مواجهة ( إيران ) ..كانت قضية ( أسانج وسنودن وسوزان ليد) وكانت حرب الأجهزة الإستخبارية الروسية - الأمريكية تندرج في هذا السياق - الدرع الصاروخي - ومحاولة واشنطن تركيع وتطويق روسيا الاتحادية عسكريا والصين اقتصاديا وفيما أتخذت واشنطن من ( إيران ) وملفها النووي ذريعة للي عنق روسيا أتخذت من كوريا الشماليه ورقة ضغط ضد الصين ..وأمام الغطرسة والتهور والغرور الأمريكي كانت الدبلوماسية والحكمة الروسية وكان الصبر والتأني ديدن موسكو وبكين في مواجهة جنون وغرور وغطرسة واشنطن ..؟!
وبثقة الواثق المقتدر استطاعت روسيا توظيف كل الأحداث واستغلال كل الحوادث الداخلية والخارجية الأمريكية في سياق أهدافها الاستراتيجية ومنها هذه القضايا والاحداث ظاهرة ( أسانج ، وسنودن ، وسوزان ليد ) وأخرى غير منظورة وقد تعاطت موسكو مع كل هذه الظواهر إتساقا مع مصلحة أمنها القومي - أولا - وأمن ومصلحة حلفائها ثانيا وبما يحقق أهداف موسكو الاستراتيجية على المدى المنظور ..
في أواخر العام 2013م إبرمت إتفاقية أمنية بين كل من موسكو وواشنطن يمكن أن نسميه ( إتفاق سوتشي ) الذي تعهدت بموجبه أجهزة البلدين بأحترام مصالح كل بلد وعدم توظيف التداعيات الداخلية لكل بلد من قبل البلد الاخرى ولم يتوصل الروس لهذا الاتفاق مع واشنطن إلا بعد أن أدركت واشنطن حفيقة إنها لم تعد اللاعب القطبي الأوحد وعلى أثر ذلك خرج الرئيس بارك أوباما ولأول مرة ليقول في خطاب علني عن حالة الاتحاد ( لم نعد نحن القوى الوحيدة في العالم بل هناك أطراف أخرى تشاركنا ) مضيفا بقوله ( نعم نحن قوة عظمى ولكن هناك منافسين لنا ولهم أهدافهم ) كان أوباما أول رئيس أمريكي يعترف بتراجع نفوذ واشنطن أمام المنافسة الروسية - الصينية ومع ذلك ظلت الحرب الإستخبارية متصاعدة ولكن وفق ضوابط فرضها الروس إستنادا لما لديهم من المعلومات والخطط الاستراتيجية لواشنطن التي سعت بكل قوتها لإقامة ( شبكة الدرع الصاروخي ) وتطويق روسيا بذريعة التصدي لإيران ..؟!!
وخلال الفترة 2013/2016م سعت روسيا وعبر مؤسساتها الدبلوماسية وعلاقتها الدولية إلى توظيف بنك المعلومات التي لديها لتطويع الإرادة الأمريكية وإجبار واشنطن على العودة للقانون الدولي وأحترام مواثيق الأمم المتحدة وإعادة الاعتبار لهذه المؤسسة الدولية من خلال تطوير ميثاقها وتوسيع عضوية مجلس الأمن الدولي من 5 أعضاء دائمين إلى 15عضوا دائمين والقبول بعالم متعدد الأقطاب بعيدا عن ( القطبين ) وقدمت الخارجية الروسية ومن خلال الوزير سيرجي لافروف رؤية روسيا لإصلاح الأمم المتحدة مكونة من 3000 صفحة فولسكاب ووضعتها أمام مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة الأمر الذي اثار حفيظة واشنطن الرافضة لرؤية الروس وإلى جانب واشنطن انحازت بريطانيا ولاتزل الإشكالية عالقة حول هذا الامر حتى البوم ..!!
رغم التفاهمات الروسية - الأمريكية فيما يتصل بحرب المعلومات والحروب الإستخبارية إلا أن هذه الحرب لم تتوقف بل أستمرت وما حصل في ( سوتشي ) الروسية من تفاهمات استخبارية روسية - أمريكية هو ما يمكن وصفه ب ( قوننة ) هذه الحرب وعدم بلوغها مرحلة ( الخطر ) المباشر الذي قد يظر بمصالح البلدين بصورة ( كارثية ) حتى أن الروس التزموا طلب واشنطن بعدم نشر كل ما لديهم من وثائق تفضح واشنطن وعلاقتها بدول العالم وأيضا عدم نشر وثائق تضر بسمعة وعملاء واشنطن في العالم وخاصة الشرق الاوسط إلا من تريد واشنطن فضحهم من عملائها بغية التخلص منهم ..؟!!
والتزم الروس بهذا مقابل تغير واشنطن بدورها قواعد الحرب الإستخبارية التي تشنها ضد روسيا والصين الشريك الاستراتيجي لموسكو وخاصة فيما يتصل بحرب واشنطن الإستخبارية ضد الصين فيما يطلق عليه ( حرب المعلومات الاقتصادية ) لكن الصراع فيما يتصل بالدرع الصاروخي الأمريكي ضل قائما وايضا الصراع حول مشروع ( السيل الجنوبي الروسي ) الذي يتصل بمشروع مد أناليب النفط والغاز الروسي من سيبيريا حتى تركيا والذي سيمول اوروبا بالغاز الروسي وهذا المشروع كان سبب ودافع واشنطن بإسقاط نظامي العراق وسورية وتنصيب أنظمة عميلة لواشنطن في البلدين والهدف استغلال غاز ونفط الخليج واليمن ونقلهما عبر أراضي سورية والعراق إلى تركيا ليكون غاز الخليج بديلا عن غاز روسيا لأوروبا ..
يتبع غدا |