ريمان برس - خاص -

أعود وأكرر وأقول أن (الثورة إنتصار وليست إنتحار) وأن أي (ثورة) تحتاج لنجاحها _ أولا _مشروع وطني _ثانيا _برنامج تغير ثوري مرحلي _ثالثا _طليعة ثورية تقود الجماهير نحو أهدافها في التغير..
الثورات الشعبية والانتفاضات الشعبية بدون قيادة ثورية توجهها نحو أهدافها تتحول إلى (فوضى) أو بالأصح (طوفان) مدمر لكل شيء داخل الوطن..!
ما شهده وطننا إليمني وعدة دول عربية منتقأة بعناية لم تكن (ثورات) و( أتحدي) أي فاهم بأبجديات العمل السياسي أن يقول أن ما حدث تحت مسمى (الربيع العربي) كان (ثورات شعبية)، حتى وأن قيل أن الشباب كانوا (ثوار) متطلعين الي التغير وحالمين بتحسين أوضاعهم وأوضاع البلاد والتخلص من الفساد والفاسدين وديكتاتورية الأنظمة وقمعها واستبدادها، لكن ما حدث لم يكن يدل على ذلك بل كان يدل على ثقافة حقد ورغبات إنتقام وثأرات سياسية وتصفية حسابات، بدليل اللغة والشعارات التي رفعت والتي تؤكد أن من رفعها ورددها لم يكن ثوريا ولا صاحب مشروع وطني وليس هو أداة تغير ثوري، وبما أن المقدمات تدل على النتائج فأن ما حدث في ذالك العام كان مشروع تكريس ( الفوضى الخلاقة) الذي دمر أنظمة ودول الجمهوريات العربية وبتمويل من الأنظمة الرجعية العربية وتخطيط وتدريب أمريكي _صهيوني _استعماري..؟!
قد يقول قائل أن هناك من ( سرق ثورة الشباب)؟ وأعود وأقول أن (الثورات الشعبية لا تسرق)، وما شهدته اليمن وبعض الدول العربية ذات الأنظمة الجمهورية فقط لم تكن ( ثوارات شباب) ولم تكن بالأصل ( ثوارات) بل كان أحداث فوضى أصحابها بلا مشروع ومشروعهم الوحيد كان (إسقاط النظام)؟ طيب حين سألنا : قادة ( الثورة) المزعومة، ماذا بعد إسقاط النظام؟ كان الرد ( مابداء بدينا عليه)؟ ولم نبدي إلا على الفوضى والتمزق والشتات والحروب؟ فأين نجح (ربيع الفوضى)؟ في اليمن؟ في ليبيا؟ في سوريا؟
أن (الثورة) تعني الانتقال مما هو كائن إلى ما يجب أن يكون، تعني تصحيح حياة المجتمعات، تعني جلب الاستقرار والسكينة والتنمية والتقدم والحرية والعدالة للشعب؟ تعني إيجاد دولة المواطنة؟ تعني تغيير حياة الشعب ونقله من حياة البؤس والقهر والسيطرة والديكتاتورية والاستبداد والقمع، إلى حياة الحرية والعدالة والنظام والقانون؟ فماذا حدث؟
حدث أن تمزقنا وتمزقت الأوطان، وحدث أن تكرست ثقافة الحقد والكراهية والتعصب المذهبي والطائفي، وحدث أن حملت المجتمعات السلاح ضد بعضها، وحدث أن تمزقت الجغرافية والنفوس والعقول والأفكار والقيم والهوية الوطنية..؟!
قد يأتي من يقول أن ( الأنظمة التي سقطت) هي السبب؟ واقول كيف تكون هي السبب، وقد تم إسقاطها؟
وأصبح رموزها يطلق عليهم ب (المخلوع) و(البائد)؟!
وأقول أن ما حدث لم تكن (ثورة) هناء ولا (ثورات) هناك، بل كان كل ما حدث مؤامرة بدليل أن (الثورات) تفجرت في الدول والأنظمة التي لا تحتاج لها فيما لم تحدث في الدول والأنظمة الرجعية التي شعوبها تعبد وتقدس حكامها أكثر مما تعبد وتقدس خالقها..؟!
كيف تقوم الثورة في بلد يصدر فيها أسبوعيا أكثر من 170 صحيفة ومجلة رسمية وحزبية وأهلية، يهاجم فيها الرئيس والحكومة ونلعن عبر صفحاتها بعضنا البعض، ولا تقوم الثورة في دول مغلقة قمعية وديكتاتورية وتسلطية وشعوبها عبارة عن قطعان من العبيد لصاحب الجلالة والقداسة والسموء، بل والأدهي أن هذه الدول وأنظمتها الرجعية القمعية والمستبدة، مولت ورعت ودعمت ثوار الغفلة؟!
نعم كان عندنا فقر وبطالة وشباب بلا عمل، لكن هل جاءت الثورة لتقضي على الفقر والبطالة ووظفت الشباب؟
كان الشعب العربي في ليبيا _مثلا _ يعيش في نعيم الماء والكهرباء والغاز والسكن بلاش مجانا من الدولة والطالب الذي يرسل للدراسة خارج البلاد مخصص له شهريا ( أربعة الف يورو) فأين هي ليبيا اليوم؟
أين هي العراق اليوم؟ أين هي اليمن اليوم؟ وأين هي سوريا؟ وأين هي السودان؟
والمؤسف أن أحدا لم يكلف نفسه لمراجعة مواقفه بل هناك من يصر وبحماس على أن ما حدث كان (ثورة)؟!
في مكابرة تستغفل عقل المتلقي وتزدري إنسانيته وتسخر من قدرته، نعم هناك من أثراء من هذه (الثورات) لانه إثراء من دماء أبناء وطنه وعلى حساب أمن واستقرار وطنه، وهناك من أثراء من الحروب واستفاد منها حتى أصبحت الصراعات بمثابة مشاريع استثمارية ناجحة كسبت ابطالها الملايين من الدولارات ولايزالوا يجنون الثروات من معاناة أوطانهم وشعوبهم بدون خجل وبدون حياء، بل ولايزالون وبوقاحة مصرين على أنهم (ثوار)..؟!