الرئيسية  |  الاتصال بنا  |  فيس بوك
ï؟½ï؟½ï؟½ï؟½ï؟½ ï؟½ï؟½ï؟½ - 
عبد الغني درهم اليوسفي 
تقرير استقصائي من الميدان والوثائق يكشف كيف تُثبت الطبيعة فشل دعوات الانقسام
تعز، اليمن - على مرتفعات جبل صَبِر، الذي يُطِلّ

الخميس, 18-سبتمبر-2025
ريمان برس -

عبد الغني درهم اليوسفي
تقرير استقصائي من الميدان والوثائق يكشف كيف تُثبت الطبيعة فشل دعوات الانقسام
تعز، اليمن - على مرتفعات جبل صَبِر، الذي يُطِلّ على مدينة تعز، تتوزع الحياة على سفوحه الغربية والشرقية. فالمياه التي تروي المدرجات الخضراء في جهته الشمالية الغربية تنحدر نحو البحر الأحمر، بينما تتجه قطرات المطر المتساقطة على الجهة الشمالية الشرقية نحو خليج عدن. هذا المشهد، الذي يتكرر في جبال يمنية أخرى مثل سُمارة، بَعدان، والعود، ليس مجرد لوحة طبيعية، بل هو الأساس الجيولوجي لوحدة اليمن. فالتضاريس، التي تبدو وكأنها حواجز تفصل بين المناطق، هي في الحقيقة شريان يربط البلاد، مما يجعل من الوحدة حقيقة جيولوجية لا يمكن إنكارها.
في ظل صراعٍ دامٍ يُهدد بتقسيم البلاد، تطرح هذه الدراسة سؤالاً جوهرياً: هل يُمكن أن تكون الجغرافيا، لا السياسة، هي البوصلة التي يجب على اليمنيين اتباعها؟
جغرافية الوحدة: من القمم إلى المصبات
تُظهر دراستنا المتعمقة أن اليمن ليس مجرد تجمع لمحافظات متفرقة، بل هو كيان طبيعي متكامل. إن نظام جريان المياه هو "الآية الكبرى" في هذه الوحدة. فالجبال الشاهقة، التي تُعتبر الأعلى في شبه الجزيرة العربية، تعمل كأبراج تقسيم للمياه، حيث تُغذي شبكة معقدة من الأودية التي تمتد عبر البلاد بأكملها.
٠المرتفعات الغربية: يتركز فيها ما يقارب 80% من سكان اليمن. وهي تُشكِّل العمود الفقري للبلاد، وتُعدّ مصدراً رئيسياً للمياه المتجددة من الأمطار، التي تتراوح كمياتها بين 250 و800 ملم سنوياً.
٠خط تقسيم المياه الرئيسي: يقع في هذه السلسلة الجبلية، حيث تنحدر المياه باتجاهات مختلفة، مُشكِّلةً أوديةً رئيسيةً تُغذي السهول الساحلية (مثل وادي مور ووادي زبيد)، والأحواض الداخلية (مثل قاع يريم وحوض صنعاء)، وحتى المناطق الشرقية (مثل وادي حضرموت).
هذا الترابط المائي يؤكد أن أي صراع على الموارد المائية في منطقة ما سيؤثر حتماً على مناطق أخرى، مما يجعل من التعاون في إدارتها ضرورة وجودية لا مجرد خيار سياسي.
تاريخٌ من الترابط لا الانفصال
لقد أثَّر هذا التنوع الطبيعي على الأنشطة البشرية منذ العصر الحجري الحديث قبل حوالي 9000 سنة قبل الميلاد. لم تؤدِ الاختلافات التضاريسية إلى انقسام، بل إلى تكامل اجتماعي واقتصادي.
٠التكوين الجيولوجي والثروات: إن توزع الثروات الطبيعية، مثل النفط والغاز في مأرب والجوف، والمعادن في مناطق أخرى، يُعزِّز الحاجة إلى التكامل بين المحافظات. فكل منطقة تُكمِّل الأخرى، مما يُؤكِّد أن الوحدة ليست خياراً سياسياً، بل هي أساس التكامل الاقتصادي والاجتماعي.
٠الديموغرافيا والتاريخ: تشترك القبائل اليمنية في تاريخ مشترك يمتد لآلاف السنين. فقد كانت الأودية والجبال جسوراً للتواصل والحضارة، وليس حواجز للفصل. إن التركيبة السكانية، رغم تنوعها، تشكِّل نسيجاً وطنياً واحداً، حيث أثبتت التجربة أن الانفصال لا يحل المشاكل، بل يخلُق بؤراً جديدةً للصراع.
قانونياً وسياسياً: الوحدة خط أحمر دولي
بالإضافة إلى الأدلة الطبيعية، فإن الوحدة اليمنية محمية قانونياً على المستويين الوطني والدولي.
-الدستور اليمني: نصّت المادة الأولى من دستور الجمهورية اليمنية 1991 على أن "الجمهورية اليمنية هي وحدة واحدة لا تتجزأ، ولا يجوز التنازل عن أي جزء منها". هذا النص يُجعل من أي دعوة للانفصال غير دستورية وغير قانونية.
-قرارات مجلس الأمن: منذ عام 1994، أصدر مجلس الأمن الدولي أكثر من 10 قرارات تُشدِّد على وحدة اليمن وسلامة أراضيه. فقرارات مثل 2140، 2216، و2624 تُشير بوضوح إلى أن المجتمع الدولي يرفض أي محاولات لتقسيم اليمن، خاصةً تلك التي تُنفَّذ بالقوة.
يُدرك الخبراء السياسيون في المنطقة أن الانفصال ليس خياراً مستداماً. فهو يتطلب دعماً دولياً، وتغييرات دستورية، وقدرة على إدارة دولة مستقلة، وهي متطلبات شبه مستحيلة في ظل الظروف الراهنة.
الخلاصة والتوصيات: طريق المستقبل
إن الوحدة اليمنية ليست مجرد ذكرى في 22 مايو؛ بل هي حقيقة جيولوجية وديموغرافية وتاريخية. فجبال اليمن الشاهقة، وأوديته المتشعبة، ونظامه المائي المتكامل، كلها تُثبت أن هذا البلد كيان واحد.
ولتعزيز هذه الوحدة وتحقيق الاستقرار، تُوصي هذه الدراسة بما يلي:
1.إدارة الموارد المشتركة: يجب إعطاء الأولوية لإدارة الموارد المائية والجوفية بشكل عادل ومستدام، لمنع تحولها إلى أداة للصراع.
2.التنمية الشاملة: يجب وضع خطط تنموية تُعزِّز التكامل الاقتصادي بين المحافظات وتُنهي حالة التهميش.
3.تفعيل القانون: يجب تطبيق سيادة القانون وتفعيل القضاء، لضمان العدالة وإنهاء مظاهر الفساد.
4.الحوار الوطني: لا بد من تعزيز الحوار والتفاهم بين جميع المكونات الاجتماعية والسياسية، لأن الوحدة ليست أمراً مفروضاً، بل هي نتاج إرادة شعبية مشتركة.
إن دماء الشهداء وجهود الأجيال كلها تصب في بوتقة هذه الوحدة، ويجب أن تبقى منارة تضيء طريق الأجيال القادمة.

أضف تعليقاً على هذا الخبر
ارسل هذا الخبر
تعليق
إرسل الخبر
إطبع الخبر
RSS

مختارات
جميع حقوق النشر محفوظة 2025 لـ(ï؟½ï؟½ï؟½ï؟½ï؟½ ï؟½ï؟½ï؟½)