ريمان برس -
في صباح يوم السادس والعشرين من سبتمبر دخل سكرتير الملك فيصل مهرولا الي غرفة نوم الملك وبلغه أن اليمن أعلنت الجمهورية، نهض الملك من فراشه وهو يردد عبارة " الله يلعن الجمهورية، ويلعن تعز، هذه جمهورية تعز وأبنائها "..!
ظلت تعز ورموزها بعيدين عن نفوذ المملكة حتى عام 1986م حين بدأت المملكة تفكر بتعز وبرموز تعز وكيفية استقطابهم، وكأن بعض من رموز تعز الذين التفوا حول رموز النظام السابق قد بداؤ يفتحوا علاقة مع " الرياض " بطرق رسمية، واخرى عن طريق بعض رجال الأعمال من أبناء تعز، الذين حصلوا على الجنسية السعودية وهناك من أبناء تعز من تقلد مناصب رسمية في المملكة وخاصة من أبناء شرعب وجبل حبشي، وآخرين وعن طريقهم بدأ التواصل مع النخبة التعزية الجديدة والحديثة والتي ولدت من رحم أحداث أكتوبر 1978م ومن رحم أحداث الحجرية، التي نسبت للمشير عبد الله عبد العالم ظلما وهو برئ من دماء رموز ووجهاء تعز التي نزفت غدرا ومن قبل ايادي في النظام نفسه ثأرا وانتقاما منهم، لأنهم كانوا محسوبين على نظام الرئيس الشهيد ابراهيم الحمدي ومن كانوا داعمين له ولحركته ولعهده، وحين عرض عليهم الشيخ الأحمر بعد رفض الحمدي اعادته لرئاسة مجلس الشورى وكان أغلبية الضحايا من شيوخ ووجهاء تعز، أعضاء في المجلس، عرض عليهم توقيع " عريضة للحمدي" والضغط عليه بعودة المجلس رفضوا وتضامنوا مع " الحمدي" وأيدوه في حل المجلس، فاثاروا غضب الشيخ، وغضب حلفائه بما فيهم السعوديين، الذين غيروا مزاجهم نحو تعز ورموزها بعد قيام " الوحدة" ولم يكن هذا التغير لوجه الله قطعا لكنه حدث بعد أن اكتشفوا أن أتباعهم في مفاصل " النظام والقبيلة" يلعبوا عليهم ويبتزوهم خاصة بعد انقلاب شيخ مشائخ وائلة عليهم الشيخ محمد بن شاجع _ رحمة الله تغشاه _، وبدأ بعض الرموز القبلية تتواصل مع أطراف خليجية أخرى، اتجهت أنظار" الرياض" نحو تعز ولكن للأسف لم يكن في تعز رجال الحل والعقد، الذين تم تصفيتهم في أحداث الحجرية، ولم يكن في تعز غير أولئك الذين صنعهم النظام من رحم الكارثة وعلى انقاض دماء أبطال ووجهاء وكبار تعز، إذ استغل النظام حالة الصدمة والذهول التي عصفت بمواطني المحافظة والوطن الي اهتبال اللحظة وتنصيب وجهاء ضعفاء جعلوا من أنفسهم مجرد "دميات" فيما آخرين استغلوا وجودهم في مفاصل السلطة وفتحوا علاقة مباشرة مع "الرياض"..!
حتى عام 1990م لم يكن هناك أي شخصية تعزية مؤثرة دوّن اسمها في " كشوفات اللجنة الخاصة" سوي "النعمان" الأب الذي كان يشغل كما اعتقد مستشارا للملك..؟!
كانت الرياض تنظر لتعز نظرة خاصة هي خليط بين الإعجاب و الرغبة في احتوائها واحتوي رموزها، وتطويعهم ليكونوا حلفائها الجدد، إما كبديل لرموز "الهضبة" أو لإحداث توازن تنافسي فيما بينهم، كان المناخ العام بعد قيام" الوحدة" يتيح لكل راغب الالتحاق بهذه الدولة أو تلك، وبدت الحرية وكأنها حرية الارتهان والعمالة فطالت الظاهرة كل مناحي الحياة ونشطائها شيوخ ووجهاء، سياسيين وإعلاميين، وكأن أبرز الشخصيات الذي ارتبط بعلاقة مقدسة مع الرياض من أبناء تعز هو الدكتور رشاد العليمي الذي راح ينافس بولائه للرياض حلفائها التقليدين والتاريخيين وتطورت علاقته بعد وفاة الشيخ الأحمر وبعد تفجر النزاع الصامت بين ترويكا السلطة في صنعاء..!
كانت علاقة " الرياض" ب"صنعاء" قد دخلت طور التوتر والتوجس والريبة بعد قيام حكومة الوحدة، وغزو العراق للكويت وموقف اليمن الذي فسرته الرياض بطريقتها، ثم وظفت الرياض كل قدراتها ونفوذها لاحداث صيف 1994م التي جاءت تلبية لرغبة أمريكية _سعودية أدواتها التنفيذية حلفائهما التقليدين داخل اليمن وهدفت لتصفية إرث الحزب الاشتراكي وتيار اليسار بعد أن تمكنوا من تصفية التيار القومي سابقا والمتمثل " بالتيار الناصري" وحلفائه وانصاره داخل الساحة اليمنية وابرزهم كان شيوخ ووجهاء تعز _رحمة الله تغشاهم _ الذين نسبت جريمة استهدافهم للمشير المرحوم عبد الله عبد العالم _رحمة الله تغشاه _ بعد رفض المشير عرض الأمير سلطان بن عبد العزيز، الذي حمله إليه حينها إلى مقره في" جبل منيف" بالحجرية الشيخ محمد بن شاجع _رحمه الله _ وكان رد المشير على رسالة الأمير سلطان والتي حملها له "بن شاجع" حرفيا ( بلغ صاحبك أن هذا شأن يمني وليس من حقه ولا من حق أي جهة التدخل فيه)، كان هذا الرد كافيا لتصعيد الأحداث في الحجرية ولكن بطريقة شيطانية..؟!
عام 1995م حدثت مواجهة ساخنة بين الرياض وصنعاء أثناء انعقاد لجان ترسيم الحدود حيث طلب الأمير سلطان رسميا وفي محاضر الاجتماع الرسمي بين اللجنتين " نقل سكان صعده، إلى محافظة يمنية أخرى واستبدالهم بسكان آخرين لا ينتمون" للمذهب الزيدي "..؟!
وابدت الرياض استعدادها لتحمل كافة النفقات من أجل تحقيق هذا الطلب..؟!
تصاعدت التوترات فهدد الأمير سلطان بأنه سوف يرسم الحدود" بجنازير الدبابات "..!
هنا تدخل الرئيس السوري حافظ الأسد _رحمة الله تغشاه _بين صنعاء والرياض وجمع بحضوره كل من الرئيس صالح والملك فهد، وفي اللقاء حدثت مشادة بين الرئيس صالح والأمير سلطان، انتهت بقرار الملك فهد والامير عبد الله بعزل الأمير سلطان عن رئاسة اللجنة السعودية وتعين بديلا عنه هو الأمير نائف بن عبد العزيز..!
يتبع |