ريمان برس - متابعات - زنجبار - بعد ستة أشهر من انسحاب تنظيم القاعدة، ما زالت زنجبار تحمل جروح مرحلة سيطرة التنظيم المتطرف على اجزاء واسعة من جنوب اليمن، وهي تواجه فراغ الأمن وغياب الدولة والخدمات.
وتهشمت معظم مباني المدينة التي سقطت في يد القاعدة نهاية ايار/مايو 2011 وتحولت إلى ساحة حرب إلى أن حررها الجيش في حزيران/يونيو، إلا أن غالبية سكانها عادوا ليستأنفوا حياتهم بعد سنة من التشرد.
وتغيب أجهزة الأمن تماما عن شوارع المدينة. ويخيم الخوف على الأزقة المتداخلة التي ينتشر فيها مسلحو الميليشات المؤيدة للجيش المعروفة باسم اللجان الشعبية.
ولعبت هذه اللجان دورا حاسما في انتصار الجيش على القاعدة في جنوب اليمن بعد أن أقام التنظيم طوال سنة ما يشبه دولة أمر واقع على مساحات واسعة من جنوب وشرق اليمن، لاسيما محافظة أبين وعاصمتها زنجبار.
وقال أحد المسلحين في اللجان الشعبية لوكالة فرانس برس "الأوضاع في زنجبار حاليا أفضل من السابق فالقاعدة لم تعد موجودة، لكن عملاءها وجواسيسها موجودون".
وبالرغم من انسحابها، تمكنت القاعدة من تنفيذ عدة هجمات دامية ضد اللجان الشعبية في أبين.
وأضاف المسلح "الدولة غائبة ونحن اللجان حاليا نسيطر على زنجبار ونقوم بحمايتها والدفاع عنها ويتم ذلك بالتنسيق مع السلطات التي تتكفل بتوفير البعض من احتياجاتنا".
وبحسب هذا المسلح، فإن عدد أعضاء اللجان في زنجبار يصل إلى 300 شخص ويتقاضى معظمهم راتبا شهريا بحوالي 150 دولارا.
وفي نهاية الشارع الرئيسي للمدينة، مدرسة تجمع فيها طلاب أربعة مدارس أخرى دمرت خلال المعارك.
وقالت مديرة المدرسة سميرة سالم عوض لفرانس برس "بعد عودتنا من عدن "إلى حيث نزح معظم أهالي زنجبار" حاولنا اعادة الحياة للمدينة واستأنفنا عملنا في المدرسة".
وأضافت: " المدارس الأخرى تحولت إلى ركام وجمعنا طلاب أربع مدارس دمرت في الصفوف الثمانية من مدرستنا التي لا تزال سليمة".
وبحسب المديرة المنقبة تماما، فقد "تم تخصيص الفترة الصباحية للبنات والفترة المسائية للبنين ".
وفي هذا السياق، قال مدير عام مديرية زنجبار جميل العاقل، وهو بمثابة رئيس بلدية، "نحن نعمل على ترميم المدارس التي تعرضت للدمار ويتم ذلك بتمويل من منظمات دولية".
وبالقرب من بوابة المدرسة كانت أم منية تنتظر طفلتها لمرافقتها اإى المنزل بعد انتهاء حصص الدراسة.
وقالت أم منية: "لا يوجد أمن في زنجبار... هناك خوف شديد وقلق لأن الدولة غائبة".
سكان زنجبار العائدون بعد أشهر من النزوح، يشكون من غياب بوادر حل حقيقي لمشكلة المساكن المدمرة أو تعويض أصحابها.
وعادت مئات العائلات التي نزحت الى محافظات مجاورة مثل عدن ولحج، إلى زنجبار لتجد مساكنها مدمرة كليا أو جزئيا.
ويقيم كثيرون في مبان حكومية نجت من الدمار.
وفي حي باجدار الذي شهد معارك ضارية، سويت معظم المنازل بالأرض جراء غارات جوية شنها سلاح الجو اليمني وأخرى شنتها طائرات أميركية بدون طيار بحسب رواية السكان.
وقال منصور عبدالله هيثم "60 عاما" من أمام منزله المدمر كليا "عدنا من عدن ووجدنا المنزل مدمرا كليا وأقيم مع عائلتي الآن في معهد تقني... الحكومة لم تقدم لنا شيئا"، وأضاف "نحن ما زلنا نازحين داخل مدينتنا".
وتقدر المفوضية العليا للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في اليمن أن أكثر من 90% من النازحين عادوا إلى زنجبار خصوصا الذين كانوا يقطنون في مدارس مدينة عدن، وإلى جانب مشاكل الإقامة، يعاني السكان من غياب الأمن.
وقال مدير عام زنجبار جميل العاقل "لا يوجد أمن في زنجبار... المواطن لا يشعر بالأمان في المدينة بسبب غياب أجهزة الأمن فوزارة الداخلية لم تقم بدورها رغم دعواتنا المتكررة".
وما زالت قوى الأمن لم تنتشر في المنطقة التي بات يسيطر عليها تقنيا الجيش، وإنما لا ينتشر في شوارعها إلا مسلحي اللجان الشعبية.
وقال العاقل: "حاليا اللجان الشعبية تتواجد في زنجبار ونشاطها يتم بالتنسيق مع السلطات ويتلقون رواتبهم من وزارة الدفاع".
وأكد العاقل أن السلطات المحلية تمكنت خلال الأشهر الماضية من توفير الكهرباء والمياه والاتصالات جزئيا لمعظم أحياء زنجبار.
وبشأن المخاوف من عودة تنظيم القاعدة إلى زنجبار في ظل غياب الأمن، قال العاقل "القاعدة انتهت... خرجت ولن تعود".
واتهمت منظمة العفو الدولية تنظيم القاعدة وبدرجة أقل القوات الحكومية اليمنية، بارتكاب انتهاكات "سافرة" و"مثيرة جدا للقلق" في محافظة أبين بجنوب اليمن خلال فترة سيطرة التنظيم المتطرف على المحافظة وأثناء المعارك التي شنها الجيش لاستعادتها.
وذكرت المنظمة في تقرير مخصص لأبين التي سيطر عليها مقاتلو "أنصار الشريعة" التابعين للقاعدة، أن الانتهاكات تشمل خصوصا الاعدامات الميدانية وعمليات الجلد وبتر الأطراف والصلب التي مارسها المتطرفون من خلال "محاكم شرعية".
ويبقى خالد عبدالعزيز سعيد "32 عاما" شاهدا حيا على هذه الانتهاكات، فقد بتر التنظيم يده بتهمة السرقة.
وقال خالد لوكالة فرانس برس: "القاعدة دمرت حياتي فبعد أن قطعت يدي أصبحت معوقا ولا أستطيع العمل... لقد قطعوا رزقي"، ويروي خالد لحظة بتر يده اليمنى بمرارة.
وقال: "تم اقتيادي إلى مكان تنفيذ قطع الأيدي بعد خمسة أيام أمضيتها في السجن... تم تخديري ولم أشعر بشيء... بعد ثلاث ساعات تفاجأت حين اكتشفت أن يدي غير موجودة".
وأضاف "تم توجيه لي تهمة السرقة بينما هم لم يحاسبهم أحد فقد سرقوا مدينة بأكملها".
العرب اونلاين |