ريمان برس - متابعات - منذ أن خلق الكون وتمثل المرأة مكانة خاصة لدى الرجال بل ولدي جميع المخلوقات بما فيهم البشر والحيوانات والطيور وغيرها، فدائما ترتبط أجمل الأوصاف وأرقها بالنوع الأنثوي، ولأن الله تعالي خلق المرأة لتكون نسمة المخلوقات وأجملها سواء قلبا أو قالبا، فقد خصها بميزات تنفرد بها عن الذكور ، وتلك الميزات علي الرغم من كونها في ميزان المرأة إلا أنه تم استغلالها في غير مواضعها ، ما نتج عنه إهدارا لمكانة المرأة علي عكس ما يظن الكثيرون.
ولنتأكد من تكريم الله للمرأة يجب أن نطلع علي الأمم السابقة والحالية كيف تنظر للمرأة وفي أي تصنيف يضعونها ، كي يتسنى لنا أن ندفع شبهات من يدعى الفهم ، ونعيد للأذهان ما قد تناسته من كوارث وسفاهات وضع المرأة في الشرائع المعادية للإسلام.
فى العصر الفرعونى
مارست المرأة الفرعونية الحكم والكهنوت ، ومن أشهر الملكات ( حبت ، و كاوس ، و كليوباترا ، و نفرتيتى ، و حتشبسوت ) ، كما كان للمراة حق الملكية و الميراث .... ولها اختيار زوجها .
وقد تغنى المفكرون بمكانة المرأة في عصر الفراعنة والتي يمكن أن نصفها وبحق أكثر العصور التي شهدت تأثيرا شديدا وموزونا للمرأة علي الدولة والحكم ، إلا أن الجميع تناسى بقصد وعمد وضع باقي النساء خارج الأسرة الحاكمة، فمنهن جواري وخدم وبوتقات للمتعة غير المقترنة بعقد زواج يكرمها، ومنهن السود الذين كانت لهم أسوء الأوضاع بطبائعهن واستخدامهن كخدم للنساء ذوات البشرة البيضاء ومليكات العرش.
المرأة في الجاهلية:
كلنا يعلم كم عانت المرأة من ويلات الجاهلية ، عبودية ومجون وسخرية وتحقير وإهمال وحتي المكرمات منهن كلن لها صفات محددة إن خسرتاه انقلب عليها الزمان وتساوت بمن دونها، ولتكسب المرأة في الجاهلية مكانة عالية كان لزاما عليها ان تظهر جميع محاسنها وتستخدم كافة سبل الإغراء ولذلك لم تحكم المرأة في ذلك العصر ولم تكن لها أية مكانة في المجتمع الذكوري الجاهلي، وما نعلمه عن الجاهلية كفيل بعدم ذكر الكثير عن المرأة فيها.
في شريعة "حمو رابي"
كانت المرأة في شريعة حمو رابي تحسب في عداد الماشية المملوكة حتى إن من قتل بنتا لرجل كان عليه أن يسلم ابنته ليقتلها أو يمتلكها.
وفى فارس
لم يكن للمرأة حق اختيار الزوج ، و للزوج أن يتنازل عن زوجته ، أو إحدى محارمه لرجل آخر وقع فى الفقر بغير قصد منه ، ليستعين بعملها وذلك من قبيل الإحسان على أخ محتاج أي أنها تباع وتشترى وهدية للتبادل .
شريعة "مزدك"
كانت المرأة في شريعة " مزدك" في بلاد الفرس، مباحة كالمتاع حتى صار الرجل لا يعرف ولده، والولد لا يعرف أباه، وحاول " مزدك " أن يفلسف مذهبه حيث يرى أن أكثر ما بين الناس من شحناء وسفك دماء سببه النساء والأموال، فأحل النساء والأموال، وجعل الناس شركة فيها كالماء والنار والكلأ.
شريعة "زراد شت"
وكان قدماء الفرس يبيحون للرجل أن يتزوج بابنته وأخته ويبيحون الأمهات والجمع بين الأختين، على أن تعدد الزوجات كان مباحاً أقرته شريعة "زراد شت" كما أباحت التسري واتخاذ الحظايا والخليلات، وكان الحجاب شديداً على نساء الطبقة الراقية، أما الفقيرات فكنّ حرات في التنقل، وكذلك الخليلات , لأن المفروض فيهن أنهن يرفهن عن سادتهن وضيوفهم، أما البنات فكانت ولادتهن تجلب اللوعة والحسرة، لأنهم يربونهن لمنزل رجل آخر يجني الفائدة ، وكان الأفراد المتعصبون في الديانة " الزرادشتية " يحقرون شأن المرأة، ويعتقدون أنها سبب هيجان الشرور التي توجب العذاب والسخط لدى الإله.
المرأة عند أرباب الفلسفة
كان اليونانيون ينظرون إلى المرأة كمتاع يعرضونها في السوق للبيع ويبيعونها، وكان هذا من حقوق الأزواج، بل كانوا يعتبرون المرأة رجسا من عمل الشيطان، ولذا فهن محرومات من حقوق الإنسانية، وأنهن سبب غضب الآلهة عليهم؛ فكانوا يقدمون البنات قربانا لألهتهم.
بل لم يجد سقراط حرجا أن يقرض الرجل أصدقاءه زوجته، وأكد أفلاطون أن الواجب أن يتداول الرجال النساء كما يتداولون الحاجات، وكان الزوج في قوانين اسبرطة يمتع زوجته رجلا آخر بإذن منه، ويدفعها للاستبضاع لرجل آخر، على أن يكون الولد للزوج، ثم وصل التدهور إلى انتشار جريمة اللواط بين الرجال والشباب.
يقول سقراط " إن وجود المرأة أكبر منشأ ومصدر للأزمة والانهيار في العالم، وأن المرأة تشبه الشجرة المسمومة ظاهرها جميل ولكن عندما تأكل منها العصافير تموت حالاً " ونتيجة ذلك انهارت الإمبراطورية العظيمة وكأن لم يكن لها شأن في يوم من الأيام .
المرأة في الصين واليابان
عدَّها " كونفوشيوس " متاعاً تباع و تشترى ، كما كان الأب إذا بشر بمولدها حملها فوراً إلى السوق لبيعها بأبخس الأثمان ، فإن لم يجد الشارى وهبها لأول عابر سبيل ، حتى إنه كان فى سنة 1937م فى الصين ثلاثة ملايين أمة ، وكان من حق الزوج أن يطلب من زوجته ألا تتزوج بعده و أن تحرق نفسها عند موته تكريماً له ، و ظلت حوادث حرق الزوجات تقع فى الصين إلى أواخر القرن التاسع عشر .
عند البابليين و الآشوريين
وقد كان يحكم على المرأة بالموت غرقاً إذا أقدمت على الطلاق و ثبت أمام القاضى أنها زوجة مشاكسة ، عند البابليين والآشوريين فى العراق ، رغم مساواة القانون بين الرجل والمرأة عندهم فى بعض الحقوق المدنية ، والقانونية ، والاجتماعية ، من إجراء العقود ، وأداء الشهادة ، وتوريثها كالرجل.
المرأة عند الرومان
قدماء الرومان كانوا يعتقدون أن المرأة أداة الإغواء ووسيلة الخداع وإفساد قلوب الرجال، ولذا كانوا ينظرون إليها نظرة احتقار، ويفرضون عليها عقوبات متنوعة. وكانت وثيقة المرأة عندهم تشمل قرارات توجب علي المرأة أنها ليس لها نفس ، وليس من حقها أكل اللحوم وأن لا تضحك ولا تتكلم وكانوا يلزمونهن بذلك بوضع قفل من حديد علي فمهن يسمى "موزلير"، ولمكانتها أقروا أنها لا تستطيع أن تنال الحياة في الآخرة، لأنها رجس من عمل الشيطان، وعليها أن تقضي حياتها في طاعة الأصنام وخدمة الزوج، وكانت الدولة تعطي الزوج سلطة قتلها.
المرأة في شريعة "متو"
لم يكن للمرأة في شريعة "متو" الهندية ،حق في الاستقلال عن أبيها أو زوجها أو ولدها، وهي قاصرة طوال حياتها ولم يكن لها حق في الحياة بعد وفاة زوجها , بل يجب أن تموت يوم موت زوجها، وأن تحرق معه وهي حية على موقد واحد، واستمرت هذه العادة حتى القرن السابع عشر، وكانت تقدم قربانا للآلهة لترضى أو تأمر بالمطر أو الرزق، وفي بعض مناطق الهند القديمة شجرة يجب أن يقدم لها أهل المنطقة فتاة تأكلها كل سنة، وجاء في بعض شرائع الهندوس ليس الصبر المقدور والريح والموت والجحيم والسم والأفاعي والنار أسوأ من المرأة.
شريعة "مانو"
بل إن كتب الهنود وتاريخهم لا سيما أساطير " مانو " وهي من الشرائع الدينية الهندية تقول: " إن مانو عندما خلق النساء فرض عليهن حب الفراش والمقاعد والزينة والشهوات الدنسة والغضب والتمرد من حب الشرف وسوء السلوك، وإن المرأة إذا خلت برجل قدر ما تنضج بيضة فهي زانية , وأن المرأة يجب أن تحرق بعد وفاة زوجها أو يحكم عليها بالموت حتى إن الاستعمار البريطاني وجد صعوبة في إزالة هذه العقيدة الوثنية منهم" .
المرأة عند اليهود
كانت بعض طوائف اليهود تعتبر البنت في مرتبة الخادم، وكان لأبيها الحق في أن يبيعها قاصرة، وما كانت ترث إلا إذا لم يكن لأبيها ذرية من البنين وإلا ما كان يتبرع به لها أبوها في حياته. واليهود يعتبرون المرأة لعنة؛ لأنها أغوت آدم وقد جاء في التوراة "المرأة أمر من الموت" .
وكانوا يرون أن المرأة إذا حاضت تكون نجسة تنجس البيت وكل ما تمسه من طعام أو إنسان أو حيوان فيكون نجسا، وبعضهم يطردها من البيت وربما نصب لها بعضهم خيمة ويضع أمامها الطعام والماء حتى تطهر .
وكانت المرأة في المجتمع اليهودي تعتبر مملوكة لأبيها قبل زواجها وتشتري منه عند نكاحها لأن المهر كان يدفع لأبيها أو لأخيها على أنه ثمن شراء، ثم تصير مملوكة لزوجها وهو سيدها المطلق، فإذا مات زوجها ورثها وارثه لأنها جزء من التركة، وله أن يبيعها أو يعضلها وكان الزواج بالأخت ذائعا عندهم، ثم بعد ذلك حرموا الأصول والفروع، وكان طبيعياً أن المرأة التي تورث كالمتاع لاحق لها في الميراث.
المرأة عند المسيحية
المرأة في المسيحية ليس لها حق الطلاق إلا إذا اتهمت نفسها بالزنا وليس لها الحق في الزواج بعد الطلاق ومن يتزوجها يكون زانيا مثلها ، وليس لها حق الارث إذا وجد عائل لها، بل يرى المسيحيين أن المرأة ينبوع المعاصي وهي للرجل باب من أبواب جهنم يقول ترتوليان أحد كبار القساوسة:- "إنها مدخل الشيطان إلى نفس الإنسان وأنها دافعة بالمرء إلى الشجرة الممنوعة، ناقضة لقانون الله ومشوهة لصورة الله "أي الرجل"، وكان رجال الكنيسة المقدسون في نظرهم يقولون "إن المرأة مدخل للشيطان وطريق العذاب كلدغة العقرباء والبنت جندية الجحيم وعدوة الصلح وأخطر الحيوانات المقدسة".
الإسلام والمرأة
وبعد هذا العرض، فقد تألم الإسلام كثيرا لهذه السخرية من المرأة وجاء مدافعا عنها واصفا إياها بالجوهرة المصونة واللؤلؤة المكنونة داخل ردائها المحتشم وحجابها المتألق ، ليس لها إلا زوج واحد وهو المسئول عن كل ما تريد وتطلب ، لها نصيبها المعلوم في الميراث ولوالدها أن يهبها في حياته ما شاء، وهي الأم التي تحت قدميها الجنة، والجميلة التي لاتظهر محاسنها إلا لبعلها أو محارمها، وهي المرأة العاملة في حدود ما أحله الله ، وهي صاحبة اختيار الزوج ولها أن تطلب الطلاق لو أهانها، وهي كالرجل في كل التكاليف الدينية والدنيوية، بل ومكرمة علي سائر المخلوقات كونها مربية الأجيال.
وحاول الكثير هدم هذه الصورة المحترمة والتقديرية للمرأة كعنصر أساسي في الحياة بادعاءات كثيرة منها أنها لها نصف عقل ولا تتساوى مع الرجل في الميراث وأنها متقوقعة داخل حجابها، علي الرغم من تثبتهم أن كل ما يقولونه كذب وافتراء، فالمرأة وصفها النبي "صلي الله عليه وسلم" بنصف العقل لسيطرة العاطفة علي النصف الآخر ولحنانها وعطفها ولاسيما علي أبنائها، وهي ترث نصف الرجل لأنه عائلها والعقل يحتم ذلك ، وقد استغاظت الشرائع الأخرى من حجاب المسلمة لما يمثله من تحد لجميع البشر أنها وبالفعل جوهرة وزينتها ليست للعرض والتأمل لكل السفهاء.
وثيقة المرأة في الإسلام
وتبني الأزهر الشريف إصدار وثيقة حقوق المرأة في الإسلام كرد علي شبهات المغرضين والكيديين، ولم تخط أيدي العلماء كلمات رنانة في تلك الوثيقة، بل هي وثيقة رسمية مدروسة كان لها أن تعلن إلا أنه ونظرًا لأهمية المرأة، فقد وجَّه فضيلة الإمام الأكبر د. أحمد الطيب - شيخ الأزهر الشريف - نخبةً من علماء الأزهر الشريف لإجراء مزيد من البحث والدراسة والتدقيق في هذا الموضوع، لما يتَّصفُ به من أهمية بالغة متعلقة بمكانة المرأة في الإسلام، وما كفلَتْه الشريعة الإسلامية لها من حقوق ومزايا.
وكذلك عرضنا لكل ذي عقل موقف المرأة في شرائع مختلفة ، وآن لنا أن نقول "فليقل الكائدون ما يشاءون، فالله هو المشرع والمسئول عن خلقه رجالا كانوا أونساء، وإن أرادوا تحكيم عقولهم فمرحبا، وليستفيدوا من شريعتنا إن أرادوا، فالإسلام خلق ليعطي ، والمرأة خلقت لرسالات تؤثر في المجتمع رغما عن جميع المكذبين، وموعدنا يوم أن نلقى ربنا ونقف بين يديه، وندعو الله أن يهدي الجميع قبل هذا اليوم، لنرى جميعا مكانة المرأة الغالية عند ربها المصونة لدى عباده".
محيط |