ريمان برس - متابعات - وكالات - قال مركز القاهرة لدرسات حقوق الإنسان إنه بعد عامين من انطلاق ما عرف بالربيع العربي الذي أطاح خلال بضعة شهور برموز عاتية في الطغيان والتسلط بمصر وتونس وليبيا واليمن ، تظل وضعية حقوق الإنسان في حالة بائسة بدرجات متفاوتة، وفرص الانتقال إلى الديمقراطية محاطة بقدر كبير من التحديات والمخاطر.
وأضاف المركز ـ في تقريره السنوى الخامس حول حالة حقوق الإنسان فى العالم العربى خلال عام 2012 ، والذي صدر اليوم /الجمعة/ تحت عنوان " آلام المخاض " ـ أن أوضاع حقوق الإنسان في البلدان الأقل تأثرا بالربيع العربي تظل تعاني من قدر كبير من التدهور بمستويات متفاوتة من بلد لآخر.
وأوضح أن ذلك يأتي في الوقت الذي ارتفعت فيه الممارسات الإجرامية والوحشية للنظام السوري إلى مستوى يضعه في مصاف دول الاحتلال أو يتجاوزها.
ورصد التقرير حالة حقوق الإنسان فى مصر بعد وصول الرئيس محمد مرسى للحكم .. وقال "إن ممارسات جماعة الإخوان المسلمين عمقت من حدة الانقسامات السياسية بعد حصول مرشحها على مقعد رئيس الجمهورية، وخاصة بعد الإصرار على تمرير دستور غير توافقي ، يفتح الطريق لتكريس دعائم الاستبداد السياسي والديني، ويهدد حقوق النساء، ومكتسبات نضال الصحفيين، ويؤسس دستوريا لأول مرة لمحاكمة المدنيين أمام المحاكم العسكرية، وأخفق في منع عمالة الأطفال بشكل كاف، ويكرس سلطات هائلة لرئيس الجمهورية".
ولاحظ التقرير أن "الممارسات القمعية للنظام الجديد - الذي تؤسسه جماعة الإخوان المسلمين- لا تقتصر علي توظيف أدوات النظام السابق - كالشرطة أو الملاحقات القضائية عبر صلاحيات النائب العام بل يجري أيضا استخدام أعضاء وأنصار الجماعة في ممارسة العنف بحق المتظاهرين والمعتصمين، بما في ذلك احتجاز وتعذيب منتقدي الرئيس أو الجماعة". وقد أفضى ذلك إلى تصاعد العنف المضاد، الذي وجد تعبيره في بدء ظهور حرب الشوارع وإحراق عشرات من مقار جماعة الإخوان المسلمين وحزبها.
وفيما يخص تونس لاحظ تقرير التقرير السنوي الخامس الصادر عن مركز القاهرة لدرسات حقوق الإنسان حول حالة حقوق الإنسان في العالم العربى خلال عام 2012 ، الإخفاق المشترك بمصر وتونس في إصلاح أجهزة الأمن، ومنع الإفلات من العقاب، وتواصل الانتهاكات الشرطية الجسيمة، وخاصة خلال قمع التجمعات والاحتجاجات السلمية، فضلا عن استمرار ممارسة التعذيب وإساءة معاملة المحتجزين.
وأشار التقرير إلى إحباط آمال التحول الديمقراطي فى تونس لما قام به حزب النهضة " الإسلامى " من تعطيل لقوانين استهدفت تعزيز وحماية حرية الصحافة وساير حزب النهضة السلفيين فيما قاموا به من ضغوط على حرية التعبير ، بالإضافة لما حواه الدستور الجديد من الإخلال بالمساواة بين النساء والرجال والانتقاص من مكانة الاتفاقيات الدولية بالدستور الجديد بما فى ذلك إتفاقيات حقوق الإنسان .
وبشأن ليبيا ، قال التقرير إن السلطات الانتقالية مازالت عاجزة عن بسط سيطرة الدولة المركزية، لاسيما مع استمرار وجود الميلشيات المسلحة، وتنامي التطرف الديني، ورغم الانفراج على صعيد ممارسة حرية التعبير وبزوغ دور المجتمع المدني، فإن التقدم المحرز يقابله استمرار سطوة الميلشيات المسلحة على قطاعات كبيرة من السكان. وبالنسبة لليمن أوضح التقرير أن السلطات الانتقالية ظلت تواجه تحديات كبرى في استعادة الأمن في ظل الانشقاقات داخل الجيش، واحتفاظ عائلة الرئيس السابق علي عبد الله صالح بإدارة أجهزة الأمن والأمن المركزي والحرس الجمهوري .
وذكر التقرير أن اليمن مازالت تعانى من استمرار مراكز القوى، المتصارعة على ملء فراغ السلطة بعد إزاحة الرئيس السابق، وتدير مراكز للاحتجاز بشكل مستقل عن الحكومة وبعيدا عن الإشراف القضائي.
وبشأن سوريا، قال التقرير السنوي الخامس الصادر عن مركز القاهرة لدرسات حقوق الإنسان حول حالة حقوق الإنسان في العالم العربى خلال عام 2012، إن القمع الوحشي للانتفاضة الشعبية والمقاومة المسلحة قاد إلى مصرع ما لا يقل عن 36 ألف مدني، فيما طال الاعتقال التعسفي منذ بدء الانتفاضة ما يزيد عن 32 ألفا ، ولقي المئات مصرعهم جراء التعذيب.
وأشار التقرير إلى أن عددا كبيرا من المعتقلين - بينهم نشطاء حقوقيون وصحفيون ومعارضون سياسيون- صاروا في عداد المختفيين قسريا، واضطر قرابة مليون شخص للنزوح من ديارهم ..موضحا أن التجاذبات السياسية والطائفية في لبنان ، وخاصة إزاء تداعيات الصراع في سوريا ، اقترنت بتصاعد حدة المصادمات الطائفية وأودت بحياة عشرات المواطنين في لبنان.
أما فى العراق فقد رصد التقرير أن العراق ظل ساحة مفتوحة للعنف الدموي وأعمال الإرهاب، التي حصدت أرواح 4400 شخص، وهو ما يؤشر لاستمرار حالة الإخفاق المزمن في إدارة العملية السياسية وإصلاح الأجهزة الأمنية ووضع حد للانفلات الأمني.
وفيما يخص الأقليات الدينية والمذهبية والعرقية فى العراق فقد أشار التقرير إلى إستمرار تعرض هذا الأقليات إلى صنوف من التمييز، فضلا عن الاعتداءات المسلحة، التي تستهدف تكريس هيمنة الجماعات المذهبية والإثنية الكبرى من العرب "شيعة، وسنة" والأكراد على مقادير السلطة والثروة في البلاد.
وبالنسبة للوضع في السودان، قال التقرير السنوي الخامس الصادر عن مركز القاهرة لدرسات حقوق الإنسان حول حالة حقوق الإنسان في العالم العربى خلال عام 2012، إن نظام الرئيس السوداني عمر البشير يواصل استخفافه باستحقاقات العدالة الدولية التي توجب تسليم عدد من كبار المسئولين إلى المحكمة الجنائية الدولية.
وأضاف أن البشير ارتكاب المزيد من الانتهاكات الجسيمة للقانون الدولي الإنساني الأمر الذي أدى لمقتل المئات من السكان في دارفور وكردفان والنيل الأزرق، وفرض نوعا من الحصار ينذر بتجويع السكان في كردفان والنيل الأزرق، ويفاقم من معاناتهم الإنسانية ؛ وأدى إلى نزوح عشرات الآلاف منهم.
وأكد التقرير أن استمرار تحصين إسرائيل من المحاسبة على جرائمها المتواصلة في الأراضي الفلسطينية المحتلة يمنحها ضوءا أخضر لارتكاب المزيد من هذه الجرائم، كالتوسع الاستيطاني واستمرار الحصار الجائر على قطاع غزة للعام السادس، ومواصلة الهجمات الوحشية على القطاع، التي أسفرت في أسبوع واحد من شهر نوفمبر عن مصرع 156 شخصا، بينهم 103 مدنيين ، ثلثهم من الأطفال.
وأوضح أن الاستخدام المفرط للقوة في قمع أشكال الاحتجاج السلمي، أدى لسقوط العشرات من القتلى في مصر واليمن والسودان والبحرين والمملكة العربية السعودية، بينما أظهرت السلطات المغربية قدرا نسبيا من التسامح تجاه الاحتجاجات ذات الطابع السياسي، إلا أنها تنزع إلى تبني معالجات أمنية عنيفة تجاه بعض أشكال الحراك الاجتماعي، وتجاه احتجاجات السكان في الإقليم الصحراوي، وهو ما يقترن على الأغلب بتزايد حملات الاعتقال والإحالة إلي محاكمات تجافي معايير العدالة.
وأكد التقرير السنوي الخامس الصادر عن مركز القاهرة لدرسات حقوق الإنسانحول حالة حقوق الإنسان في العالم العربى خلال عام 2012، أن المدافعين عن حقوق الإنسان ومنظماتهم فى العالم العربى تعرضوا لاعتداءات خطيرة، وعلى الأخص في البحرين والسعودية والسودان ومصر والجزائر، حيث جرى توظيف البنية القانونية القمعية في حجب المشروعية عن العديد من المنظمات، أو تجريم النشاط الحقوقي وتقديم المنخرطين فيه للمحاكمة.
وقال التقرير" إنه فى الوقت التى تمكنت فيه الجزائر من تمرير قانون جديد أكثر عداء للعمل الأهلي ، فإن النظام في مصر يخطط لتمرير قانون يقود إلى إخضاع مؤسسات المجتمع المدني لوصاية حكومية كلية وخنق منظمات حقوق الإنسان".
وبالنسبة للوضع فى سوريا أشار التقرير إلى أن مدافعي حقوق الإنسان يتعرضون للقتل والاعتقال والاختفاء القسرى ، وتظل السلطات في المغرب تمارس ضغوطا تعسفية تجاه المنخرطين في الدفاع عن حقوق الإنسان بالإقليم الصحراوي على وجه الخصوص، كما أن السلطات اللبنانية نحت مؤخرا إلى إحالة نشطاء حقوقيين إلى القضاء العسكري .
ولاحظ التقرير أن استمرار الإفلات من العقاب عن الانتهاكات الشرطية الجسيمة في مجمل البلدان يقترن بتواصل جرائم التعذيب على نطاق واسع ، الأمر الذي أدى إلى وفاة العديد من الضحايا، وعلى الأخص في سوريا ومصر وليبيا والبحرين واليمن والعراق، وفي أراضي السلطة الوطنية الفلسطينية (داخل مراكز احتجاز الأمن الوقائي بالضفة الغربية ومراكز الاحتجاز التي تديرها حماس في غزة).
ا ش ا |