ريمان برس - متابعات - وكالات - يصوّت المجلس الوطني التأسيسي "البرلمان" في تونس، غداً الأحد، على النسخة الكاملة من الدستور الجديد للبلاد، بعدما انتهى من المصادقة عليه "فصلاً فصلاً"، وذلك إثر التوافق على الفصل السادس الذي أثار جدلا بين الخصوم في الساحة السياسية التونسية، وسط ترحيب محلي ودولي.. وبعدما كان مقررا التصويت عليه اليوم.. فيما سيعلن المهدي جمعة فريق حكومته الجديدة مساء اليوم.
ونقلت وكالة تونس إفريقيا للأنباء الليلة الماضية عن مساعدة رئيس المجلس الوطني التأسيسي المكلفة بالإعلام النائبة كريمة سويد القول: "إن مكتب المجلس قرر خلال انعقاد اجتماعه عشية الجمعة عقد الجلسة العامة للمصادقة على مشروع الدستور برمته في قراءة أولى بعد غد الأحد بداية من الساعة العاشرة صباحا".
وأضافت سويد "إنه إذا حصل مشروع الدستور على أصوات ثلثي النواب على الأقل 145 نائبا فإن الجلسة العامة الممتازة لختم الدستور ستنعقد يوم الاثنين المقبل".
وكان المجلس قد شرع في التصويت على الدستور الجديد "فصلاً فصلاً" في الثالث من شهر يناير الحالي.. وأنهت الجلسة العامة المصادقة على كل فصوله الخميس الماضي.
وأعلن المجلس في وقت سابق أمس أنه سيصوت اليوم السبت على الدستور بأكمله "في قراءة أولى".. إلا أنه تم التأجيل.
ويتعين أن يصادق ثلثا أعضاء المجلس التأسيسي "145 نائبا من أصل 217" على الدستور "في قراءة أولى" من أجل تمريره.. وإن لم يحصل الدستور على ثلثي أصوات النواب يتم عرضه على التصويت مرة ثانية.. وإن لم يصوت على الدستور ثلثا أعضاء المجلس في "قراءة ثانية" يطرح على استفتاء شعبي.
وسيعوض الدستور الجديد عن دستور سنة 1959 الذي تم تعليق العمل به بعد الإطاحة بنظام الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي.
ويشتمل الدستور الذي صاغه المجلس التأسيسي المنبثق عن انتخابات 23 أكتوبر 2011، على توطئة و146 فصلاً.
وبعد انتخابات 23 أكتوبر 2011، وقعت أبرز الأحزاب الممثلة في المجلس التأسيسي ومن بينها حركة "النهضة" الإسلامية الفائزة في الانتخابات وصاحبة غالبية المقاعد في المجلس "90 مقعداً"، على التزام بالانتهاء من صياغة الدستور خلال عام واحد من تاريخ الانتخابات.
لكن المجلس التأسيسي لم يلتزم بذلك بسبب التجاذبات السياسية بين الإسلاميين والعلمانيين، والأزمة السياسية الحادة التي فجرها اغتيال المعارض العلماني شكري بلعيد والنائب محمد البراهمي وقتل حوالي 20 عنصراً من الجيش والأمن في هجمات عام 2013 والتي نسبتها وزارة الداخلية التونسية إلى جماعات "تكفيرية".
وكانت أعمال المجلس قد توقفت منذ الثلاثاء الماضي بسبب خلافات حادة بين نواب إسلاميين وعلمانيين حول الفصل السادس من الدستور المتعلق بتجريم التكفير والذي تمت المصادقة عليه في الخامس من الشهر الحالي.
يذكر أن مادة في الفصل السادس من الدستور التونسي تنصّ على تحجير التكفير كانت قد أثارت جدلاً واسعاً بين القوى السياسية في تونس، خصوصاً بعد مطالبة بعض الأطراف الإسلامية بإلغائها، غير أنه تم أخيراً التوافق على ذكر عبارة منع التكفير بدلا من تحجير التكفير.
واستأنف المجلس جلساته العامة الخميس الماضي بالتصويت على إدخال تعديل "توافقي" على هذا الفصل.. وصوت على التعديل 152 نائبا من أصل 183 شاركوا في عملية الاقتراع مقابل امتناع 16 واعتراض 15.
ووصف رئيس المجلس التأسيسي مصطفى بن جعفر، الإنتهاء من المصادقة على الدستور"فصلا فصلا" "باللحظة التاريخية المهمة بعد هذا العمل الجبار".
واعتبر "بن جعفر" أن الدستور الجديد لتونس "تقدمي ويستجيب لطموحات الثورة التي أطاحت في 14 يناير 2011 بنظام الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي".
وقال "إن هذا الدستور يبني أسس دولة عصرية".. لكنه أقر في المقابل بأن نسخته الحالية "قابلة للتحسين والتعديل بعد خمس أو ست أو عشر سنوات، فكل شيء جائز لأن الدستور ليس قرآنا".. مضيفاً "إن المجلس الوطني التأسيسي المنبثق عن انتخابات 23 يناير 2011 سيواصل عمله بعد الانتهاء من المصادقة على الدستور".
ونوه بأن المجلس هو العمود الفقري للنظام السياسي "الحالي" ولابد من سلطة رقابة على الحكومة المستقلة التي تم تكليف مهدي جمعة "وهو مستقل" بتشكيلها لتحل محل الحكومة المستقيلة التي تقودها حركة النهضة الإسلامية.
من جانبه أكد العضو بالمجلس التأسيسي والقيادي في حركة النهضة الإسلامية بدرالدين عبدالكافي أن يوم الاثنين سيكون يوم الاحتفال البرتوكولي وتوقيع الدستور بحضور رئيس الوزراء ورئيس الجمهورية ورئيس المجلس التأسيسي إضافة إلى ضيوف من تونس وخارجها ودبلوماسيين غربيين.. مشيرا إلى أنه سيتم توجيه الدعوة للأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون.
وضمن ردود الأفعال على الدستور الجديد، وصفه رئيس حركة النهضة- التي تقود الائتلاف الحاكم- راشد الغنوشي بأنه "الأعظم في تاريخ تونس، وأعظم دساتير العالم".
واتفق معه بدر الدين عبد الكافي الذي قال إن تونس "تعيش مرحلة تاريخية وتعيد رسم صورة أخرى للديمقراطية بعد أن رسمت صورة الثورة".
بدوره، أشار الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون الأسبوع الماضي إلى أن ما وصفه بدستور تونس التوافقي هو نموذج لدول المنطقة.
وقال رئيس الوزراء البريطاني ديفد كاميرون في رسالة خطية إلى الحكومة التونسية نقلتها وكالة الأنباء التونسية يوم الخميس الماضي "إن المملكة المتحدة تبدي إعجابها بالتجربة الديمقراطية التونسية وبالتوافقات الحاصلة عبر الحوار الوطني، التي مثلت نموذجا في التحول الديمقراطي في العالم".
وبالتصديق على الدستور التونسي الجديد تكون خارطة الطريق لرباعي الحوار الوطني قد أوشكت على النهاية في انتظار الإعلان عن حكومة الكفاءات الجديدة للمهدي جمعة اليوم، إلى جانب إصدار قانون انتخابي والذي سيتم على أساسه تنظيم انتخابات عامة في البلاد.
من جهتها أفادت الرئاسة التونسية، الليلة الماضية، بأن رئيس الحكومة الجديدة المهدي جمعة سيقدم مساء اليوم السبت فريق حكومته إلى الرئيس المؤقت المنصف المرزوقي.
وسيعلن المهدي جمعة فريق حكومته في حدود الساعة السادسة مساء بالتوقيت المحلي لتونس (الساعة 17 بتوقيت جرنيتش) على أن يعقد مؤتمرا صحفيا عقب ذلك بقصر قرطاج.
وكان رباعي الحوار الوطني قد أعلن أمس استئناف أعماله بعقد مشاورات في المساء مع المهدي جمعة لبحث تركيبة الحكومة.
وعلى الرغم من حالة التكتم التي تحيط بعملية تشكيل الحكومة، إلا أن تسريبات قوية بوسائل إعلام تونسية أشارت إلى اتجاه جمعة نحو تقليص حجم الحكومة المقبلة إلى 16 وزيرا وأربعة كتاب دولة و10 مستشارين، وعمليا سيؤدي هذا التقليص إلى دمج عدد من الحقائب الوزارية.
وكان أمين عام حزب الوطنيين الديمقراطيين زياد الأخضر قد أكد في وقت سابق على أن الجبهة الشعبية التي تضم أحزاب اليسار، ستعارض ضم أي وزير من حكومة علي العريض إلى حكومة الكفاءات وأي محاولة لإعادة إنتاج نسخة ثالثة من الائتلاف الحاكم الحالي.
ولكن لا تمانع "حركة النهضة الإسلامية وحلفائها" في إلحاق عدد من وزراء الحكومة الحالية بحكومة مهدي جمعة طالما أن المرشحين يستجيبون لمعياري الكفاءة والاستقلالية المحددة بخارطة الطريق حسب رأيها.
سبأ |