الرئيسية  |  الاتصال بنا  |  فيس بوك
الجمعة, 20-أكتوبر-2017
ريمان برس- خاص -

تميزت القوى السياسية الفاعلة على المشهد اليمني منذ العام 2011 م بقدر من الإنتهازية السياسية بطريقة توحي وكأن هذه القوى فقدت كل مبررات الفعل الإيجابي المعبر عن قدرتها التأثيرية ، وبدت فاقدة الحيلة ومستلبة الإرادة وغير قادرة على التلاحم بجماهير الشعب ومؤثرة فيه رغم مظاهر الإحتشاد التي كنا نشاهدها وكانت حصيلة عوامل وتفاعلات خارجة عن السياق التأثيري لهذه القوى ، التي راحت تعبر عن إنتهازيتها بدون رؤى ومشروع وظهرت _ فعلا _ مجردة من الموضوعية المتسقة مع ما يفترض ان تعبر عنه هذه القوى .
كان ( الربيع العربي) قد اتخذ من جماعة الإخوان رافعة وجسرا يتيح لمن خطط له فرصة الوصول إلى أهدافه ، وكان ( الإخوان المسلمين) هم فرس الرهان ومن تونس إلى صنعاء مرورا بليبيا ومصر وسورية كان الإخوان هم حصان طروادة ، وكان صعود ( مرسي للسلطة ) ذروة النجاح المبهر للإخوان وهو النجاح الذي أفقدهم الحصافة والحكمة والعقلانية ودفعهم لحالة من الغرور والنرجسية وتبنوا مواقف وسلوكيات كشفت منذ اللحظة الاولى عن بوادر فشل وعن مقدمة لسقوط مريع ينتظرهم ، وكان هذا شعور غالبية المراقبين للمشهد وتداعياته وطنيا وإقليميا ، لأن نجاح الإخوان كتنظيم ريديكالي يتبع تقاليد تنظيمية صارمة ويسخر قادته كل قدراتهم البلاغية وتأثيرهم السلوكي والفكري على اتباعهم مستغلين العاطفة الدينية التي جبلت بها الشعوب ، لكن كل هذا النجاح التنظيمي لم يؤهلهم للنجاح كرجال دولة وكقادة للمجتمعات والشعوب المتعددة الإيدلوجيات والمشارب الفكرية والقناعات السياسية والفكرية ، وحين يسقط الإخوان عن حكم دولة بحجم ومكانة _ مصر _ فأن هذا السقوط يلقي بظلاله على وضع الإخوان في كل الأقطار العربية .
وطنيا شكل نجاح الإخوان في مصر إنتصارا لإخوان اليمن بلغ درجة الغرور والتيه والنرجسية المفرطة والغير معهودة ، عوامل جعلت إخوان اليمن يخوضون معركتهم المصيرية بإنتهازية فاقت تعاليم ( ميكافيللي ) وفي سبيل الإنتصار لمشروعهم مارسوا كل المؤبقات الكذب والتزوير والدجل ، والقتل والتأمر والخيانة وكل المحرمات غدت حلالا في مواقف وسلوكيات الإخوان في سبيل الوصول لأهدافهم ولايزالوا ، ومع ذلك لم يسقط النظام بل تنحى ( صالح ) بقرار خارجي اكثر منه داخلي لنائبه عبد ربه منصور الذي ألتف حوله الإخوان وبقية شركاء الساحة المعارضة لصالح ، غير ان الإخوان ذهبوا بعيدا في سيطرتهم على مفاصل السلطة ، وتوغل رجالهم في هذه المفاصل ، متعطشين للسلطة وكانهم لم يكونوا فيها وحاضرين في مفاصلها واجهزتها على مدى أربعة عقود ، وكانوا أبرز واهم شركاء صالح وهم من صنعوا أكثر من 60% من نسبة الفساد والإفساد والنهب للقدرات الوطنية المختلفة ..؟!
فجأة سقط الرئيس الإخواني في مصر ، وتعدلت مسارات الأزمة في سورية والعراق ، وبرزت جماعة ( انصار الله ) كمكمون سياسي مؤدلج هو الاخر لكنه بدأ بخطابه المقنع وكانه عامل ردع وتوازن لجماعة الإخوان ومخرجاتهم وحلفائهم .
تزامنا مع هذا بدت متغيرات إقليمية ودولية تبرز تجاه الإخوان وأبرزها الموقف السعودي الذي وضع الجماعة في قائمة الإرهاب فيما قدمت الرياض كل الدعم لمصر ورئيسها الجديد في مواجهة جماعة الإخوان ، بذات الوقت تغير موقف الرياض تجاه سورية والعراق بمعزل عن الخطابات المعلنة ..!
وكان قرار الرياض بوضع ( 33) قياديا من إخوان اليمن في القائمة السوداء ، بمثابة الصفعة الاولى التي وجهت لخدهم ليبدأ على اثر هذا تحرك الجناحين القبلي والعسكري للإخوان باتجاه الرياض في مسعى لإعادة المياه إلى مجاريها ، وفعلا نجحت المساعي وعاد إخوان اليمن إلى العيش في ( مجاري آل سعود ) ..؟!!
خلال وجود الإخوان في حكومة عبد ربه مارسوا كل المفاسد التي قالوا إنها سبب ثورتهم على ( صالح ) كما تنكروا للشباب وتجاهلوا شركائهم بل وخاضوا معهم معركة التنافس هذا داخليا ، خارجيا قدم إخوان اليمن ، تنازلات للخارج بدءا من الرياض وصولا لواشنطن دون أن يغفلوا لندن ..؟!
ومع إشتداد الأزمة بين حكومة ( هادي ) والأخوان وبدءا الصراعات بين هادي من جهة وبين اللواء علي محسن وحميد والجماعة ، في الوقت الذي كان فيه هادي يترقب صراعا اكثر مرارة مع ( صالح ) ، دخل انصار الله في خط الصراعات السياسية ووصلوا إلى محافظة( عمران ) وكانت فاتحة الصراع السلطة المحلية المحافظ _ وأمين عام المجلس المحلي ، تطورت الأزمة وانتهت برحيل المحافظ ثم تفجر الصراع مع ( القشيبي ) طبعا كان هذا بعد وصول انصار الله إلى منطقة ( العصيمات ) وتفجير احد منازل الأحمر ، بعد احداث عمران نزل عبد ربه لمحافظة عمران ليؤكد بخطابة ( ان عمران عادة اليوم لحضن الدولة ) وكانت هذه العبارة كافية ليدرك المراقب حجم المؤامرة التي تحاك ضد انصار الله ،الذين بدورهم شعروا بالغرور واصابتهم النرجسية القاتلة وللأسف لم يتعضوا بمن سبقوهم ، بل كان الإتفاق الإيراني _ الغربي حول البرنامج النووي الإيراني ، وصمود التحالف الثلاثي السوري _ المقاومة _ إيران ، ودخول روسيا الاتحادية بكل ثقلها على المشهد السوري كل هذه المؤشرات شجعت ايضا أخواننا انصار الله فذهبوا بدورهم بعيدا في خطابهم ومواقفهم وسلوكياتهم ولم يراعوا خصائص واقعهم الوطني ، فترتب على هذه التصرفات تبعات ما كان انصار الله بحاجتها ، لتدخل الازمة اليمنية مربع التجاذبات الإقليمية والدولية .
أتجه الأنصار من عمران إلى صنعاء وكما واجهتهم حكمة الإخوان في عمران واجههم تعقل الإخوان في صنعاء وكان هذا تجسيدا لفكرة _ المخطط الفخ _ الذي مهد طريق ومواقف فرقاء الصراع ودفعهم للسير في الاتجاه والمسار الذي يرغب فيه المخططون الإقليميين والدوليين .
في صنعاء ذهب الانصار نحو السيطرة والتمكين ، وبعجز واضح في حسم الخيارات التي رفعوها ، وهناء بدت إستراتيجية الفعل ورد الفعل وتداخلت الاحداث وتكررت المؤبقات ..
هرول الإخوان إلى تعز والرياض وهرول الحوثي إلى عدن قبل ان يتراجع نحو تعز ، وفي تعز بدا الإخوان تحركاتهم تحت شعار ( لأجلك ياعدن ) ثم تطور الامر إلى الدفاع عن تعز ..؟!!
وكان هذا هو المطلوب ( تعز ) ..في تعز وجد الإخوان أرضية خصبة بسبب ضخامة التراكمات السياسية والثقافة الإستلابية المجبولة ( بفوبيا صالح )..فتحول ولأول مرة الحقد السياسي إلى برنامج عمل لمن احتشدوا في تعز وحملوا بنادق ثم وجدوا انفسهم في صف العدوان الذي قطعا لم يجلبه ساسة تعز بما فيهم من يطلق عليهم ( بالخونة ) ..؟!
لأن العدوان كان معد له سلفا سوى ذهب في ركبه بعض ابناء تعز او لم يذهبوا ، ولو كانت تعز كلها اصطفت خلف ( الحوثي ) لحدث فيها ما حدث وكانت كل المؤشرات تدل على ذلك ..!!
الأمر الاخر كانت الاحتقانات السياسية والشعور بالغبن قد تفجرت لدى كوادر الفعاليات الحزبية في تعز بسبب التعبية الفكرية الخاطئة ، وبسبب غباء وحماقة النظام السياسي الذي غذا هذه الاحتقانات بدوره ، ثم بإعتماد النظام على رموز ومرجعيات بينها وبين ابناء تعز فجوة بل فجوات كبيرة تصل حد التصادم ، ضاعف من هذا تصرفات ( الانصار ) ومغامراتهم التي تسببت باذى كبير لهم ولنسبة الغالبة من الجماهير ليس في تعز بل في كل الوطن ، خاصة بعد ان وجدا الناس تناقضات في خطاب الانصار المعلن وسلوكياتهم وممارساتهم على الارض ..تناقض اظهر الانصار كنسخة طبق الاصل من خصومهم بغض النظر عن النوايا والمعطيات والظروف والدوافع والاسباب ..!
كل هذه المعطيات اوجدت تساؤلات كبيرة وكثيرة في الوجدان الشعبي خاصة حين ربط اخواننا انصار الله بين معاناة العامة والعدوان وهو ربط لا يستقيم مع الحقائق الموضوعية المتصلة بدوافع الصراع وأسباب واهداف العدوان وغايته .
أضف إلى كل ما سبق أن جوهر الصراع هو صراع سياسي على السلطة وليس له بعدا لا طائفيا ولا مذهبيا ولا مناطقيا ولا قبليا ، لكن التعبئية الخاطئة لجماعة الإخوان حول الصراع وذهابهم لإعطاء الصراع بعدا مذهبيا بهدف حشد الناس خلفهم ، دفع بالمقابل انصار الله إلى مجارات الجماعة ليبرزوا بخطابهم مفاهيم لم يكن احدا يرضى بها مثل توصيفات ( الدواعش ) التي يوصف بها غالبية سكان الجمهورية ، تقليدا لما يجري في العراق والشام ومحاولة انصار الله الإيحاء بواحدية المصير بين اليمن وسورية والمقاومة وإيران ، دون التوقف امام خصوصيات اليمن وهي الخصوصية التي اجبرت الجمهوريين والملكيين على المصالحة ودفعت الزعيم جمال عبد الناصر لسحب قواته بعد تضحيته بسبعين الف جندي في الحرب ، فيما إيران لم تقدم لليمن طلقة رصاص واحدة لكنها استغلت ووظفت المشهد اليمني لصالحها بغض النظر عن مصلحة اليمن ..!!
ذهاب انصار الله إلى تبني خطاب إعلامي يجتر كل مآسي وموبقات الماضي الامر الذي اعطى الطرف الاخر مبررات ليواصل تعبئيته الخاطئة لاتباعه ويحرض الناس ويخوفهم من الحوثي ومشروعه ، في الوقت الذي ذهب من يزعمون المقاومة إلى ممارسة جرائم التصفية العرقية نموذج بيت الرميمة والصراري وبيت الجنيد ، وبدت هذه الجرائم وكان ثمة توافق ( إخواني _ حوثي ) في سلوك يذكرنا بدور الوكالة اليهودية التي كانت تجند عملائها ليقوموا بعمليات إرهابية ضد السكان اليهود في المدن العربية والإيحاء بأن العرب هم من يقومون بهذه الجرائم والهدف دفع اليهود العرب إلى الهجرة لفلسطين حدث هذا في اكثر من دولة عربية ، وهكذا حدث في تعز جرائم ترتكب بحق اسر وعائلات قامت بها المقاومة بحق مدنيين بتهمة انتمائهم لأنصار الله ، الامر الذي أدى إلى بروز فرز طائفي ومذهبي وسلالي وتمزيق الاواصر المجتمعية دون ان نجد لهذا السلوك تفسير او دافع ، ولمصلحة من ؟!
خلاصة القول مع الاعتذار للإطالة ان كل أطراف الصراع في اليمن خسروا أكثر مما كسبوا ان كان فيهم من يتوهم انه كاسب فانصار الله هم اليوم اضعف بكثير مما كانوا عليه في صعده ، اقول اضعف لأنهم في صعده كانوا مسيطرين ومتماسكين يتطلعون لرفع الظلم والمعاناة عنهم _ مجازا _ وكانت هناك عاطفة شعبية تتفاعل معهم ومع قضيتهم ، اليوم انصار الله حكام ولم يتماهي خطابهم مع سلوكهم فخسروا قاعدة شعبية واسعة كانت تتعاطف معهم ومع قضيتهم لكن للأسف تحولوا _ مجازا _ من ضحايا يحظون بتحالف الشعب إلى ( جلادين ) يمارسون نفس الاساليب التي كانوا يشكون منها ويتعرضون لها ،بل ربما يمارسون اليوم ما هو اسوى مما كان يمارس بحقهم ..؟!!
في إدارتهم للدولة لم يختلفوا عن الإخوان فالسلطة غاية ومغنم لكليهما ..إذا ما الفرق بين ( الإخوان ) و ( الحوثي ) ؟ مبدئيا كلاهما يريد ان يحكم بالقوة .؟!
وكلاهما يمارس نفس الأساليب التي يمارسها خصمه الافتراضي ..؟!
دون ان نغفل ان داخل مكون انصار الله التحق الكثير من المندسين واتباع الرمزيات الاخرى بما في ذلك اتباع علي محسن وعبد ربه وحميد وحتى صالح له سفراء داخل مكون انصار الله ..؟!
وكل هولاء لا يخلصون لأنصار الله ولكنهم يجارون الامر الواقع ويحافظون على مصالح مكتسبة او مأمولة ..!

أضف تعليقاً على هذا الخبر
ارسل هذا الخبر
تعليق
إرسل الخبر
إطبع الخبر
RSS

مختارات
جميع حقوق النشر محفوظة 2025 لـ(ï؟½ï؟½ï؟½ï؟½ï؟½ ï؟½ï؟½ï؟½)