الرئيسية  |  الاتصال بنا  |  فيس بوك
الإثنين, 30-أكتوبر-2017
ريمان برس- خاص -

يجتازنا الزمن ولا نجتازه , يمر بنا ولا نمر عليه , وحين يمر بنا لا نستطيع أن نخرج منه أو نوقفه إلا أن يشاء الله إن الله على كل شئ قدير ،،
ضمن المخرجات الثقافية للازمة الراهنة التي نعيشها وتعيشها بلادنا الأرض والإنسان ، برزت بعض المفاهيم السياسية مشفوعة بجدل فكري اتابعه في بعض ( الجروبات ) وهذا الجدل أرى فيه وقد يرى فيه غيري من المتابعين له بانه لا يزيد عن كونه جدل ترفي من يخوض فيه يعيش بعيدا عن الواقع او كما يقال يغرد خارج السرب ، ان لم ينطبق على هذا الجدل وصف ( الجدل البيزنطي ) حول _ حقيقة وجود البيضة والدجاجة _ وايهما وجد قبل الاخر ..!!
يؤسفني ان أقول هذا القول لكن الجدل حول ( العلمانية ) والدولة ( العلمانية ) باعتبار ( العلمانية ) هي الحل لواقعنا ، هولاء الذين يخوضون في هذا الجانب وارى إن بعضهم قد وصل حد إزدراء الأخر وكيل التهم كل للأخر ، بطريقة ليس لها تفسير سوى ان من يخوض في هذا الجانب يعيش حالة ترف فكري وسياسي ومبتور الصلة بالواقع الإجتماعي وبهموم الناس ومعاناتهم من ناحية ، ومن الناحية الاخرى يتجاهل من يخوض في هذا الجانب حقيقة التحولات الحضارية والاجتماعية التي لابد للمجتمعات ان تمر بها قبل ان تقف أمام حالة تشخيص الهوية السياسية للدولة والمجتمع ، وان كانت الدولة هي حصيلة التراكم المعرفي للقوى الفاعلة في المجتمع ، وهو التراكم الذي يحدد من خلاله منسوب الوعي الثقافي وتفاعلاته الاجتماعية ويؤسس لقاعدة معرفية راسخة تتمتزج بها ومن خلالها الهوية الوطنية بالوعي الوطني بالتطلعات الحضارية المشروعة التي تعد غاية اجتماعية ووطنية وسيلتها الدولة وهويتها ، إذا من نحن ؟ وماذا نريد ؟ أولا ، إذا قلنا جوابا على سؤالنا الاول ، نحن الشعب اليمني ، فما هي الروابط الاجتماعية والحضارية والتاريخية التي تجمعنا وتؤكد حقيقة واحدية هويتنا الوطنية ؟!
في سياق المعتركات الراهنة نحن نبدوا وكأننا ( شعوب متناحرة تنافس بعضها ) ولسنا ( شعب موحد الهوية والانتماء ) ..؟!
وبالتالي هناك أطوار حضارية ومراحل يجب ان نمر بها ونعيشها قبل ان نفكر بهوية ( الدولة ).. هذه المراحل يمكن اجتيازها بفترة وجيزة جدا إذا ما توفرت الإرادة الوطنية لدى من بيدهم صناعة القرار في هذا المجتمع ، وقد نعيش سنوات وعقود وربما قرون حتى نصل لمرحلة الخوض بهوية ( الدولة ) إذا ما ضلينا نمارس مهامنا في نطاق العصبوية ( القبلية ) بتفرعاتها المجتمعية ونطاقاتها الجغرافية المتحكمة بجدلية علاقتنا الاجتماعية ومساراتها ..!!
أن الحديث والجدل حول ( العلمانية ) شكل من أشكال العبث والترف الفكري في مجتمع لا يزل محكوم باعراف وتقاليد العصبية ( الأنثربولوجية ) أي عصبية الإنتماء العرقي وهي عصبية يفترض أن قد تجاوزها الإسلام كعقيدة وتجاوزتها القيم الاجتماعية المكتسبة بفعل عوامل النمؤ والتطور الاجتماعيين وهي عملية توجد ممكنات التعايش بين وحوش الغابات فما بالكم بالمجتمعات البشرية ..؟!
في بلادنا يتحدث الكثيرون عن تخلف ( القبيلة ) وعن ثيوقراطية ( الدين ) وتخلفه ..؟!
والحقيقة ان مشكلتنا في اليمن تحديدا ليست مع ( الدين ) الذي هو ارقى واشمل بتعاليمه من قدرتنا على الفهم والإستيعاب ، كما ان مشكلتنا ليست مع ( القبيلة ) التي هي الضحية الاكبر وإليها ننسب كل المؤبقات ..؟!
أن مشكلتنا في اليمن هي بالإساس مع ( النخب الأجتماعية ) بكل أشكالها سوى كانت نخب ثقافية وهذه النخبة تتحمل الوزر الاكبر مما تعانيه البلاد والمجتمع وكذا النخب السياسية والإقطاعية بكل مشاربها الاقتصادية والوجاهية ، لكن تبقى المسئولية الكبرى على النخب الثقافية والحزبية هذه النخب التي تعيش في أبراج عاجية مقطوعة الصلة بالواقع المجتمعي مترفعة عن مشاركة الناس همومهم والأمهم عاجزة عن كسب ثقة الواقع الذي وجدت منه وولدت من رحمه ولكنها نأءت بنفسها وعزلت نفسها عن هذا الواقع وراحت تحاكي قوانين التطور الحضاري برؤى استلابية قاصرة مبتورة الصلة بالواقع وهمومه وحاجياته للتطور والنمؤ ..؟!
في اليمن ربما وفي مجتمعات عربية اخرى تقف ( النخب الثقافية ) وراء التخلف المكتسب بكل ظواهره المادية والمعنوية والسلوكية ، بسبب ان الإنتهازية السلوكية طغت في مواقف هذه النخب التي رغم إنها انبثقت من رحم هذا المجتمع غير إنها للأسف لم تنهمك في واقعها وترسخ علاقتها بهذا الواقع وتكسب ثقة واحترام افراده ، بل راحت تنظر للواقع بدونية وإزدراء وتلقي بكل الشوائب وعوامل واسباب التخلف لهذا الواقع دون ان تكلف نفسها النزول إليه والعمل على تبديل مفاهيمه ومعتقداته ..!!
إذا الذين يتحدثون عن ( الدولة العلمانية ) في مجتمع لم تتشكل هويته الوطنية بعد ، ولم يخوض معترك التحولات الاجتماعية بعد ، ولم يعيش اطوار التحولات كما يتوجب ان يعيشها ، هناء حيث لم تتشكل دولة دينية حتى نطالب بوعي عن بديلا لها ، ولم تتشكل دولة اصلا في اليمن منذ اكثر من الف عام واكثر ، إذا نقفز للحديث عن الدولة العلمانية في ظل مجتمع متعدد الإنتماءات العصبوية بما فيه دعاة الدولة العلمانية الذين لم يستوعبوا الشروط الذاتية والموضوعية لقيام الدولة العلمانية ..؟!
بالمقابل هناك من يخوض جدالا حادا عنوانه رفض ( الدولة العلمانية ) باعتبار العلمانية كفر وإلحاد وعدوه للواقع و هذا الاخر لا يختلف بجهله وجهالته عن دعاة الترف العلماني..؟!!
ويضحكني حد السخرية بعض المعارضين للعلمانية كنظام اجتماعي حين يربطون العلمانية بالغرب وبأمريكا تحديدا ويجهل هولاء حقيقة ان لا دولة علمانية _ حاليا _ في الغرب وامريكا ، بل ليس هناك دولة علمانية في كل العالم بإستثناء ( جمهورية الهند ) التي تعد الدولة العلمانية الوحيدة على خارطة الكون ..!!
إذ ان اوروبا ( مسيحية ) وامريكا كذلك ، لكنهم يحتكمون لعقود إجتماعية ودساتير وقوانين تحظى بإحترام كل افراد المجتمع ولديهم انظمة ومؤسسات تحرس هذه القوانين وتتصدي بحزم لكل من يحاول إختراقها ايا كان ومهما كان ..!

( يتبع الجزء الثاني )

أضف تعليقاً على هذا الخبر
ارسل هذا الخبر
تعليق
إرسل الخبر
إطبع الخبر
RSS

مختارات
جميع حقوق النشر محفوظة 2025 لـ(ï؟½ï؟½ï؟½ï؟½ï؟½ ï؟½ï؟½ï؟½)