الرئيسية  |  الاتصال بنا  |  فيس بوك
الثلاثاء, 05-ديسمبر-2017
ريمان برس - خاص -
 
في عام 2006م جمعتني لقاءات مطولة بالرئيس الشهيد علي عبد الله صالح _ رحمة الله تغشاه _ إذ كنت ضمن الطاقم الإعلامي المرافق له خلال جولته الإنتخابية وخلال جلسة ( مقيل ) تحدثنا مطولا عن وضع البلاد والعلاقة الإقليمية ، وكان يومها قد بدأ الحديث يدور حول مد خط أنابيب نفط السعودية والخليج عبر محافظة حضرموت ، وهو المشروع الاكثر من إستراتيجي بالنسبة لدول الخليج وللغرب وامريكا ،وقد بدت فكرة المشروع تزداد مع ازدياد الخلافات الغربية _ الإيرانية وتكرار تهديدات _ طهران _ بإغلاق ( مضيق هرمز ) الذي وظفته إيران توظيف سياسي واقتصادي وجيوسياسي ، وكانت هذه التهديدات مقلقة لدول الخليج والغرب حيث تمر يوميا وعبر هذا المضيق ما نسبته 60% من إحتياجات الغرب وامريكا من الطاقة ..
أتذكر يؤمها ان الرئيس الشهيد حب ان يسمع رؤية الإعلاميين حول علاقتنا بدول الإقليم وتقيمنا لها وكنت ممن أسهب بهذا الجانب وقلت لفخامته رحمة الله عليه _ فخامة الرئيس انت أبرمت إتفاقية شراكة اقتصادية مع باكستان وتركيا ولنا علاقة مع دول الخليج وعلى راسها السعودية ، ومن المهم ان نبدأ صفحة جديدة مع  _ إيران _ التي تنموا كقوة إقليمية ، ولها رؤية خاصة تجاهنا وهي رؤية لا ترتبط بالدين والمذهب ولا بالإيدلوجية بل بالمصالح وترى _ طهران _ ان اليمن سياق جيوسياسي وجيبولتيكي وهي ربما كانت اكثر حماسا من اسرة آل سعود في واد الثورة اليمنية وخسارتها في تجنيد المرتزقة وتقديم الدعم اللوجستي والمادي والمعنوي للملكيين لا تقل عن خسارة اسرة آل سعود ، فهي تكفلت بتمويل نصف المرتزقة الأجانب ودفعت بالكيان الصهيوني للمشاركة في دعم القوى الملكية عبر إسقاط الاسلحة والعتاد لهم من الطائرات ودفعت ثمن التكاليف ، ناهيك ان دور اليمن في الوقوف إلى جانب العراق خلال الحرب مع إيران ومساندتكم غير المعلنة لعرب الاحواز كل هذا يجعل من _ إيران _ خصم ان لم نبادر لفتح صفحة جديدة معها ، ونجاحنا في فتح صفحة جديدة مع _ طهران _ سيمكنا من تحقيق هدفين الاول : إقامة علاقة ندية مع طهران محكومة بالمصالح المشتركة ، والخيار الأخر الحد من عبث _ طهران _ في خارطة الداخل الوطني وان حدث هذا فيجب توظيفه لصالح الاستقرار وليس ضده ، ومما قلته ايظا ان من الخطاء الرهان على المنظومة الخليجية وخاصة الجارة الكبرى التي لا ترى فينا غير مجرد حديقة خلفية لها ، واضفت عبارة ( لا تدع  بيضك في سلة واحدة )..؟
واكدت ان إيران لا تختلف عن السعودية في رغبتها بان لا يكون في اليمن دولة قوية وذات قرار حر ومستقل لأن وجود دولة قوية ذات سيادة يغضب طهران كما يغضب الرياض وكلاهما لا يحبذان وجود هذه الدولة ..
في اليوم التالي كان نائب الرئيس الإيراني في اليمن والتقى بالزعيم صالح وبعدد من رجال الدولة وصدر بيانا في نهاية الزيارة اكد على التعاون المشترك بين صنعاء وطهران في المجالات التنموية والاقتصادية والاستثمار والطاقة ، لكن وبمجرد مغادرة الوفد الإيراني صنعاء حتى هبطت بمطار صنعاء ولأول مرة طائرة وزيرة الخارجية الامريكية كونزاليزارائس وبعدها بدقائق هبطت ولأول مرة طائرة وزير خارجية السعودية سعود الفيصل والوزيران حملاء  معهما التهديد والوعيد ان تقاربت صنعاء مع طهران وابداء الوزيران استعدادهما لترتيب مؤتمر دولي للمانحين يلبي احتياجات اليمن التنموية فكان مؤتمر لندن للمانحين الذي لم نكسب منه فلسا بل فقدنا زميلنا خالد سلمان الذي غادر ضمن الوفد الرئاسي وطلب اللجوء من بريطانيا وعاد الوفد بدون خالد سلمان وبوعود هلامية لم تنفذ حتى اللحظة ..؟!!
طبعا _ طهران _ لم تنسي الواقعة ولن تأمن فكرة إقامة مشروع الأنابيب الذي يمتد من الأراضي السعودية والخليج إلى البحر العربي عبر محافظة حضرموت اليمنية ليكون بديلا عن ( مضيق هرمز ) وهذا ان تم تنفيذه يصيب _ طهران _ في مقتل وبالتالي فأنها على استعداد لخوض حربا طاحنة في سبيل إيقاف هذا المشروع الاستراتيجي الذي سيحرمها إمكانية السيطرة والتحكم على احتياجات الغرب وامريكا والخليج من تصدير وإستقبال النفط عبر هذا المضيق الذي تستغله إيران لممارسة الابتزاز والتهديد لكل من يستفيد منه وخاصة الخليج الذي يصدر عبره شحنات النفط والغرب وامريكا الذين يستقبلون عبره النسبة الكبيرة من احتياجاتهم للطاقة ..
ان إيران لا تحكمها المذاهب ولا الايدلوجية بل تحكمها المصالح وهي تستغل اذرعها هناء وهناك بل وتؤسس أذرع لها في كل قارات العالم عبر راية الدين والدفاع عن المستضعفين الذين لا يعنوها بقدر ما تعنيها مصالحها هناء او هناك وتعمل وفق مشروع ممنهج ظاهره الرحمة وباطنه العذاب ..!
ومن العراق حتى صنعاء تتباهي _ طهران _ بحظورها الذي لا تجهله واشنطن والمحاور الفاعلة الذين بدورهم يوظفوا هذا التباهي ليحققوا بدورهم مصالحهم الاستراتيجية المتشعبة والمتفاوتة بين محور واخر ، لكن في المحصلة فان الوطن العربي يعد مسرحا لهذا التنافر الاستراتيجي ببعديه الإقليمي والدولي والذي يدفع ثمنه دماء واموال وقدرات العرب وحدهم .
ما اود قوله ان اليمن دخلت إلى هذا النفق الذي تعيشه على خلفية حسابات إستراتيجية لمحاور إقليمية ودولية وليس لها ناقة او جمل في كل ما يجري باستثناء أنها تدفع ثمن غباء نخبها وانتهازيتهم وارتهانهم لا فرق بين من يزعم مقاومة النفوذ الإيراني او من يزعم التحرر من التبعية السعودية _ الامريكية فكلاهما يخدموا من يزعموا إنهم يقاوموه ..؟!
إذ ان من يزعم إنه يقاوم نفوذ إيران هو يخدم إيران ومشروعها بوعي او بدونه ، ومن يزعم إنه يتحرر من تبعية أل سعود وأمريكا هو الاخر يخدمهما بوعي او بدونه ، وكلاهما لا يملكان مشروعا وطنيا متوازنا يعمل من اجل اليمن الارض والإنسان ويتعاطى الحياد الإيجابي دون ان يكون جزءا من هذا المحور او ذاك ..؟!
فإيران دولة إقليمية تتطلع للعب دورا على مسرح الاحداث وترى في الفراغ الاستراتيجي العربي فرصتها ، مثلها مثل تركيا ، فيما السعودية تحاول ان تلعب هذا الدور وقد كانت تتوهم ان سورية ستكون نقطة انطلاق وتجاهلت ان من ساهم بإسقاط البوابة الشرقية يمكن ان يجد له موطى قدم بالشام ..!!
ومن فقد الشام يستحيل ان يكون ذا شأن في اليمن إلا ان يتخذ من عربدة القوة وسيلة لتركيع شعب كأخر المحاولات البائسة ، ولهذا ارى في تداعيات الراهن اليمني بداية لمرحلة اكثر قتامة وسوداوية مما مضى ،بل قد يكون كل ما مضى مجرد احداث عابرة مقارنة بما سيأتي في قادم الايام ..؟!

أضف تعليقاً على هذا الخبر
ارسل هذا الخبر
تعليق
إرسل الخبر
إطبع الخبر
RSS

مختارات
جميع حقوق النشر محفوظة 2025 لـ(ï؟½ï؟½ï؟½ï؟½ï؟½ ï؟½ï؟½ï؟½)