الرئيسية  |  الاتصال بنا  |  فيس بوك
الثلاثاء, 27-أغسطس-2019
ريمان برس - خاص -
مرت يوم أمس الذكرى ( السادسة عشرا ) لرحيل أنبل وأعظم وأحب إنسانة هي ( أمي ) الحبيبية التي انتقلت إلى جوار ربها في الساعات الأولى من فجر 26 أغسطس 2003م ، ويوم أمس فقدت ( قريتي ، ومديريتي ، ومحافظتي ، ووطني ) أنبل وأشجع الرجال وأكرمهم وأكثرهم كرما وحكمة وإخلاق وإيثار وتضحية .. نعم رحل الأب ، والأخ ، والصديق ، عبد الرزاق درهم محمد العامري ، بعد عمر حافلا بالنضال من أجل الجميع وفي سبيل الكل بدءا من بسطاء القرية مرورا بكل الوطن الذي لم يغفل عنه ولا عن قضاياه وهمومه لحظة سواء في عهد ( التشطير ) المثخن بالأزمات ، أو في عهد ( الوحدة ) المولودة من رحم تلك الأزمات أو الهاربة منها فكانت وكنا كمن يستجير بالرمضاء من النار - حسب تعبير الفقيد الراحل ذات يوم ..
كثيرون ربما لا يعرفون الكثير من تاريخ الراحل وأدواره ومواقفه ، فالرجل كان من أولئك الكبار الاستثنائيون الذين يعملون بصمت لا يحبون الشهرة وحب الظهور ولا يبحثون عن ثناء الناس واعجابهم ..
يعود التاريخ النضالي لفقيدنا وكبيرنا الراحل للاعوام التالية لقيام ثورة سبتمبر وانطلاق ثورة أكتوبر حين كان شابا حالما طموحا بوطن أمن ومزدهر تسوده واحدية الهوية والانتماء والمواطنة المتساوية ، ومن أجل ذلك وبعيدا عن الأضواء عمل الفقيد بكل جد واخلاص في سبيل القيم التي كان يتطلع لأن تسود في بلادنا بدءا من القرية الصغيرة وصولا للوطن الكبير ..
كان والد فقيدنا الحاج درهم محمد العامري من وجهاء المنطقة وسمعته ومكانته حاضرتان في أذهان سلطات ( الشطرين ) بما في ذلك سلطات ما قبل الثورة ، وقد استغل الراحل هذه الثقة وهذه المكانة فكان ( إيقونة ) للنضال الوطني وساهم بفعالية في دعم الحركة الوطنية وافرادها ورموزها وعبر ( بابور ) النقل الذي كان يقوده وينقل به البضائع من ( الجنوب للشمال ) والعكس ، هرب وبذات البابور ما يحتاجه ( ثوار الجنوب ) من مؤاد وعتاد مستغلا شهرة أسرته ومكانتها عند من يتولون أمور النقط الحدودية ، ولم يكن الانتصار نهاية نضال الشاب عبد الرازق درهم محمد العامري بل كان يرى في الأنتصار بداية الثورة التي ربط انتصارها بالوحدة والتنمية والتقدم الاجتماعي وبسيادة دولة النظام والقانون والعدالة والمواطنة المتساوية ..
أتذكر في عام 1985م كيف كانت وقفته في سبيل إنشاء مدرسة في ( قريتنا ) وكيف حاول البعض تحويلها إلى ( معهد ديني ) فتصدي لهذه المحاولة قائلا وبالحرف ( لاتريد أن نحول القرية إلى مسرح للعمليات الجهادية ) مضيفا ( إننا منطقة حدودية نقع بين شطرين متباينين سياسيا وفكريا وإنشاء معهد يعني أن تتخرج منه مجاميع جهادية متطرفة ، وفعلا ناضلنا برعايته ودعمه فكانت مدرسة لاتزال كما أرادها حتى اليوم .
كان الراحل عبد الرزاق درهم العامري الجبل الشامخ الذي نتكئ إليه في لحظة إرهاق ، وكان السند الذي نلجاء إليه وقت الحاجة ، وكان الحكيم الذي لا يبخل علينا بالنصيحة ، وكان رحمه الله ينبوعا للكرم وكان ملاذا لكل من طرق باب منزله سواء في القرية أو المدينة وكان كريما حيث حل يحل الخير معه إنه عبد الرزاق درهم محمد العامري ويكفي أن تذكر أسمه فترى الابتسامات وعبارات الاعجاب في وجوه من ذكرة أسمه أمامهم .
خلال الأزمة التي شهدتها البلاد عام 2011م شاركني عبر الفضائية اليمنية من خلال ( برنامج المشهد اليمني ) في ( ثلاث مداخلات هاتفية ) من منزله في تعز المدينة وبأسم ( مستعار ) لبس خوفا فهو الذي عرفته لايعرف الخوف إلا من ربه الذي خلقه بل لم يكن يحب مطلقا الشهرة والبروز وحتى حين كان يعطي لا يحب أن يعرف عطائه ولمن إعطاء حتى اقرب الناس إليه ، حتى في زمن مطاردات الأجهزة الأمنية بشطرييها للمناضلين من رموز وأفراد الحركة الوطنية كان منزل الراحل في القرية نقطة استراحة للتزود بالغذاء والمتطلبات الأساسية وكان رحمه الله يوفرها دون أن يعلم اهل بيته عن المستفيد منها شيئا ..
أه ..يا وجع قلبي من رحيل الفاجعة لنبراس كان يضئ بحظوره سماء قريتي وكان ملاذ للكثيرين فيها , هذا الرجل اجزم لوا اكتب عنه مجلدات لن افيه حقه ولن انصفه ولكن ها هو قد فارقنا وذهب إلى جوار أحكم الحاكمين الذي سيجعل مثواه الفردوس الاعلى مع الانبياء والرسل والشهداء والصديقين . فوداعا يا أنبل وأشجع وأكرم وأصدق من عرفت ..وداعا حتى نلتقي ..
ختاما لا أحد ما أقوله من هول الفاجعة غير التسليم بقضاء من لاراد لقضائه وازجي صادق واخلص التعازي الأعزاء : سلطان ، وعلي ، وعارف ، وعامر وماجد أبناء الراحل العظيم ، والعزاء للأخ عبد الرحمن عبد الله انعم العامري ولكل افراد أسرة الراحل وأخوانه ولكل اهلي وأبناء قريتي ولكل اصحاب وأصدقاء الراحل ..

أضف تعليقاً على هذا الخبر
ارسل هذا الخبر
تعليق
إرسل الخبر
إطبع الخبر
RSS

مختارات
جميع حقوق النشر محفوظة 2025 لـ(ï؟½ï؟½ï؟½ï؟½ï؟½ ï؟½ï؟½ï؟½)