الرئيسية  |  الاتصال بنا  |  فيس بوك
الخميس, 05-مارس-2020
ريمان برس - خاص -

لكل مهنة رسالتها وأدواتها وقيمها وقدسيتها ، فإذا ما توقفنا أمام ثلاث مهن محورية ترتبط رسالتها بصورة مباشرة بحياة المجتمع فإننا سنجد الصحفي مثلا قد يخطئ وهذا الخطاء قد يظلل المجتمع لبعض الوقت وليس لكل الوقت ثم سيسقط صاحب كلمة الافك وسيتوارى خارج ذاكرة الوعي الجمعي ..في المقابل سنجد خطاء الدكتور قد يؤدي بحياة مريض في خطاء لن يتكرر لان الدكتور إذا ما شعر بخطائه تلقائيا وبدون زجر أو احكام سيجد نفسه ذاتيا بدافع من ضمير يعتزل المهنة وقد حدث هذا كثيرا لان الدكتور وايا كانت نظرة أو مواقف العامة منه فإنه يمتلك ضمير يوءنبه ويقلق سكينته ..لكن تبقى الكارثة والمصيبة في خطاء القاضي الذي خطاءه قد يدمر دين وشريعة وقيم لأن العدل اساس الملك وأساس الحكم وإذا ما غاب العدل غابت معه كل القيم والاخلاقيات الدينية والدنيوية وتسقط معه الأعراف والتقاليد ، فكم من إمبراطوريات انهارت واندثرت بسبب غياب العدل وغياب العدل سببه فساد القضاء وفساد القضاء سببه قضاة جعلوا من القضاة وظيفة للوجاهة والشهرة والكسب المادي لم ينظروا للقضاء كرسالة مقدسة بها تقوم وتستقيم عدالة السماء وتعاليم الله على الارض .
قديما في زمن خشية الله كان إذا قرر الحاكم أو الأمير أو الخليفة تعيين شخصية بمنصب قاض كان هذا الشخص الذي تم اختياره يذهب مهرولا لعند الحاكم أو الأمير أو الخليفة ويقف بين يديه باكيا ومتضرعا ومتوسلا له أن يعفيه من هذه المهمة ، كان هذا في زمن غابر حين كان القضاء مهمة مقدسة لا يشغله الا كل ذو علم وحكمة وحصافة وفراسة وتقوى وإيمان لا يتزعزع بتعاليم الله ومعرفة أحكامه ونواهيه ، أما اليوم في زمن نجد فيه البعض يقضون أيامهم ولياليهم على أبواب الحكام ويلاحقون مواكبهم من حارة لحارة ومن شارع لشارع ومن ديوان لديوان ويوسطون لهم الأقرباء والأصدقاء من أجل أن يرضوا عنهم ليوظفوهم بمهنة قاض في هذه المحكمة أو تلك وهي المهنة الوحيدة التي تمنح ولا تطلب ، إذ أن من الكبائر أن تمنح وظيفة قاض لمن يطلبها ،فما بالكم أن تمنح لمن يدفع ثمنها ..؟!
لا احد يحدثنا عن قدسية القضاء في زماننا ، فالحديث عن قدسية القضاء يتماهي مع الحديث عن حرمة ( اكل لحم العلماء ) ؟!
طيب وان كان هذا العالم مهمته أو رسالته هو التحريض وأثارت الفتن بين أبناء المجتمع وتصنيفهم بعدة تصنيفات وإصدار الفتاوي المثيرة للفتن والدين والرسول يقولان ( الفتنة نائمة لعن الله من ايقضها ) والله يقول ( الفتنة اشد من القتل ) .
أن صلاح واستقرار المجتمعات وديمومة الأنظمة والحكام مرهون بالعدل والعدل لا يتحقق إلا من خلال قضاء عادل وقضاة يخشون الله أكثر من خشيتهم لمن عينهم في مناصبهم ..
في عام 2011 خرج الناس للشوارع ، هل تعرفوا سبب خروجهم واستجابتهم لأصوات التحريض والفتاوى وخطابات الدجل ، السبب ببساطة كان غياب العدل ولوا كان هناك عدل سائد لما استجاب أحدا لنداء التحريض الذي أطلقه علماء كانوا مرموقين ومحل ثقة البسطاء واحترامهم لكن بعد فترة وجيزة سقطت هيبة ومكانة أولئك العلماء الذين أثبتوا أنهم مجرد لصوص مدثرين بثياب التقوي وعلى شاكلتهم هناك قضاة اليوم لايرون في القضاء غير وظيفة دون أي صفة أو قدسية وهم من قال فيهم رسول الله عليه الصلاة والسلام وعلى اله ( قاض في الجنة وقاضيان في النار ) ؟!
تبعات بعض الأحكام القضائية تكون كارثية على المجتمع خاصة تلك التي تصدر دون حيثيات منطقية يقبلها العقل ويجيزها الضمير ، احكام قد يراها بعضنا أنها أنصفت هذا المظلوم مجازا لكنها في بعدها الاجتماعي ضحت بسكينة واستقرار مجتمع ، مثل أن تصدر حكما على دكتور مثلا وهذا الحكم بنظر جمهور الأطباء والعاملين في القطاع الصحي لا يستند على حيثيات منطقية قاطعة وأدلة وبراهين تثبت إدانة هذا الدكتور الذي صدر بحقه الحكم الجزافي الذي من شأنه أن يدفع العاملين بهذا القطاع إلى التوقف عن ممارسة أنشطتهم أو مغادرة البلاد إلى حيث يحترم الطبيب ويحاسب ويعاقب أشد العقاب أن أخطاء بمهنته واقرت هذا الخطاء جهة متخصصة تقسم أمام القاضي القسم على خطاء أو عدم خطاء الطبيب وعلى ضوء ذلك يأتي الحكم من القاضي الذي لا يصدر أحكاما جزافية ..!!
أن الأحكام الجزافية والمزاجية لا تستهدف شخص بذاته وان وجهت له ، لكنها تستهدف عدالة وتسيء لقيم وأخلاقيات وشريعة وتشكك الرأي العام بالشريعة وبكل تعاليم السماء وأعراف وتقاليد وأخلاقيات الأرض .
لهذا تبقى أخطاء القاضي هي الأخطاء الكارثية والمدمرة ، وهي لا تسيء لمن يصدرها ولا للقطاع الحاضن له بل تسيء لكل نواميس وقيم الشريعة وتعاليمها والمؤسف أن في بلادنا ونقولها دون تحفظ وهذا ما يدركه ويعرفه كل أبناء الشعب هو وجود قضاء غير عادل وغير نزيه والقضاء هو مؤسسة يصنعها قضاة إجلاء من أولئك الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم ، أولئك الذين أجبروا على تحمل مسئولية كهذه لم يمسوا إيمانهم بسوء ويقضون ليلهم مستغفرين ومبتهلين إلى الله أن يسدد خطاهم وان يغفر لهم ،أولئك الذين يعتمدون في أحكامهم على قانونين هما القانون السماوي والقانون المادي الوضعي وهناك قانون ثالث غير منظور هو ضمير القاضي ..
لذلك على من يريد بناء دولة ويحقق استقرار وطن ومجتمع عليه أن يوجد قضاة يؤسسون بدورهم لقضاء عادل به فقط تترسخ القيم ومكارم الاخلاق .

أضف تعليقاً على هذا الخبر
ارسل هذا الخبر
تعليق
إرسل الخبر
إطبع الخبر
RSS

مختارات
جميع حقوق النشر محفوظة 2025 لـ(ï؟½ï؟½ï؟½ï؟½ï؟½ ï؟½ï؟½ï؟½)