ريمان برس - خاص -


72 ساعة وأكثر مضت قضيتها في قرأءة التقارير والوثائق والأحكام الخاصة بقضية الطفل ( محمد ) والدكتور العريقي ومستشفى النخبة والقاضي العريقي وثائق كثيرة لم أتوصل معها لقناعة يقينية تبرر لي منطوق الحكم اولا والصادر بحق الدكتور مطهر العريقي ومستشفى النخبة ، الأمر لم يتوقف هناء بل دفعني للاستفسار من أكثر من دكتور إضافة إلى الاستعانة بشبكة النت ..لكن بعيدا عن كل هذا دعوني اتحدث عن مسئولية الدكتور وأوضح لبس للاسف كثيرون لم يستوعبوا دور وحدود وعلاقة الدكتور الجراح بالمريض ..
نعم حدثت كارثة في حالة الولد محمد الذي اتمنى له من الله معجزة تعيده لحالته الطبيعية التي كان عليها قبل أن يتعرض للسقوط ويحدث معه الكسر ، فالكسر الذي تسبب له بالجلطة ( الدهنية ) وليس العملية الجراحية وهذه الجلطة متوقعة بنسبة 4% في أي عملية كسور تجري غالبا حسب الأدبيات الطبية والأدلة العلمية ، ومن خلال رزمة الوثائق التي اطلعت عليها لم اجد عبارة واحدة في تلك الوثائق تتحدث عن ( خطاء طبي ) إلا في حيثية حكم القاضي رضوان العريقي ولا اعرف كيف ؟ ومن أين استخلص هذه العبارة ..؟!
طبيا معروف أن الدكتور الجراح لا علاقة له بالحالة الكلية للمريض بقدر ما يختص بعمله فقط ، إذ أن هناك طاقم ( التخدير ) وبقية الطاقم المتخصص وهم المعنيين الأساسيين بحالة المريض وهم من يقرروا اجراء العملية للمريض ام لا ، بعد التأكد من كل الحالة الصحية والجسدية للمريض بدءا بقياس ضغط الدم وحالة واستعداد كل أجهزة الجسم لتقبل العملية من حالة القلب والكلى و ..و..وكل جزءا في جسد المريض يجب أن يخضع للفحص قبل العملية ومدى سلامة كل اعضاء جسد المريض للعملية من عدمه وهذا كله مرهون بقرار طاقم طبي مكون من طاقم ( التخدير )وأطباء متخصصين الذي يتحكموا بالطبيب الجراح الذي تنحصر مسئوليته المهنية والأخلاقية والأدبية في نطاق العملية التي قام بها فهل كانت عملية الدكتور مطهر العريقي ناجحة ؟! طبيا نعم كانت العملية ناجحة ..طيب ماذا حدث ؟!
ما حدث هو أن المريض تعرض ( لجلطة دهنية ) لم تكون بسبب العملية بل سببها الكسر ذاته هذه الجلطة متوقعة في حالة الكسور العظمية بنسبة 4% قد يتعرض لها أي شخص تعرض لكسور عظمية سوى أجريت له عملية أم لا ؟!
التقارير المتعددة التي اطلعت عليها من مرافق طبية محلية وخارجية تحدثت مجتمعة عن ( حالة ) وصلت إليها أو اطلعت عليها ، وهذا طبيعي فنحن أمام حالة صارت في وضع ( موت سريري ) نتاج جلطة خارج عن إرادة الطبيب والمستشفى ، حالة تمثل قدرا إلآهيا كان يمكن أن يتعرض لها المريض قبل أو بعد العملية وان لم يدخل المستشفى ويجري العملية كان سيتعرض لهذه الجلطة طالما وقد تعرض لكسر عظمي لأن هذه الجلطة تحدث نتاج تسرب سائل لزق من داخل العظم إلى مجرى الدم فتسبب هذه الجلطة ..!!
لذا فإن مسئولية الطبيب الجراح تنحصر في نطاق العملية التي قام بها وبإمكان أي لجنة طبية محلية أو خارجية أن تكشف على الولد وتحدد نجاح العملية من عدمه فإذا كان الدكتور الجراح قد أخطاء طبيا فليعاقب بحدود الخطاء الذي اقترفه ، لكن لا يمكن معاقبة الطبيب على فعل قدري لأن ( المغسل والمكفن للميت ) لا يضمن له الجنة ..؟!
نعم كلنا لدينا مشاعر إنسانية وجميعنا نتعاطف مع الولد محمد ونتمنى من الله أن ينزل عليه ومن أجله معجزة تعيده لما كان عليه قبل أن يسقط ويتعرض لكسر وما جرى له بعد السقوط من مضاعفات ولم يصل للمستشفى محطته الأخيرة إلا بعد أن لف على كثيرون من الأطباء وحتى ( المجبرين والأطباء الشعبيين ) ولم يصل للمستشفى كما يقال سليما فلوا كان سليما لما دخل المستشفى ولا احتاجها ، ومع كل هذا فهناك احداث قدرية يجب أن تؤخذ بالاعتبار ، وهناك جهات طبية محلية وخارجية يمكنها تحديد الأسباب والظواهر الطبية ويجب الاستماع لرأي المختصين قبل أصدار الأحكام الجزافية ومن الضروري القبول والتسليم بالتحليل الطبي والايمان بالقدر الذي لاراد لقضائيه ، لأن إذا ما دكتور أجرى عملية وحدث تدخل قدري وعوقب الدكتور فلن نجد بالغد دكتور يقبل أن يقوم بعملية هذا أن لم يتوقف القطاع الطبي خاصة أن كانت الأحكام جزافية لا تستند لحيثيات منطقية طبية وعلمية .
ثم يأتي التساؤل المهم وهو لماذا هذه القضية نالت من الإثارة والترويج ما لم يحدث لقضايا قبلها اخطر منها وفيها كانت الأخطاء الطبية واضحة ومع ذلك لم يتطرق أحد لها ولم تذكر في جروب ولا في صحيفة ولا في مواقع بعكس هذه القضية التي نالت شهرة تجاوزت قضية ( محمد ادم ) و ( المهرس) وثقافية الزميل ( سمير اليوسفي ) ؟!!
قضايا طبية خطيرة يعرفها الزملاء المتحمسين لقضية الولد محمد وانا متحمس معهم أيضا واتمنى له الشفاء لكني مؤمن بقضاء الله وقدره ، ومؤمن أن الطبيب لا يملك القدرة على علاج حالات قدرية قدرها الله ، لذا فليعاقب الطبيب على اخطاء مهنته ولا يعاقب على تدخل القدر ، الم يتوفى كثيرون من الناس وفي كل بلدان العالم بعد إجراء أو أثناء إجراء العمليات الجراحية ؟!
الم يذهب والد الولد محمد لأكثر من جهة وحضروا معه واستمعوا للأطباء واقتنعوا ثم رحلوا ؟! الم يذهب للهند وهناك شخصوا حالة وصلت إليهم ولم يشخصوا نجاح العملية من عدمها ، يعاقب الدكتور مطهر إذا كانت هناك أخطاء رافقت عمليته الجراحية وهذا تقرره لجنة طبية متخصصة وليس تهم توزع على وسائل الإعلام ؟!
أن حملات التشهير وكيل التهم للدكتور والمستشفى بدون أدلة فعل غير مسئول ولا ينم على أن أصحاب الحملة والتشهير يبحثون عن العدالة ؟ بل يدل دلالة قطعية على أن هناك من يعتمد فكرة ( خذوهم بالصوت لا يغلوبكم ) وان الضجيج والتشهير قد يحقق له مكاسب وفوائد أكثر ، هذا الأسلوب لم يعد مجديا فالمتهم برئ حتى تثبت إدانته ، والدكتور المتهم متمسك بالقضاء ويبحث عن عدالة القضاء أو إدانته شريطة أن يعتمد القضاء على لجنة طبية متخصصة ومؤهلة تستوعب دور ومهمة ومهنة الجراح وتعرف ماذا تعني ( الجلطة الدهنية ) ؟ وكيف تحدث ؟ وما هي فرص النجاة منها من عدمه ؟!
فالدكتور اليوم أكثر حرصا ممن يتهموه على إثبات صحة وسلامة عمله وان ما حدث لا يتصل به وبدوره كطبيب جراح أجرى عمليته لمريضه بنجاح ..
طيب ماذا كان سيحدث لو لم تتدخل الطبيبة الروسية بعملية الانعاش الصناعي للمريض ؟! ماذا لو قدر الله توفى المريض خلال العملية ؟ هل كان المطلوب رأس الطبيب ؟ وإذا كنا سندين كل طبيب يقوم بعملية يتوفى فيها المريض نحاكم بعدها الدكتور ونخونه جزافا ، فأي طبيب هذا سيبقى يمارس مهنته وهو يدرك أنه قد يدفع حياته ثمنا ليس لخطاء يرتكبه بل لقدر الاهي قد يحدث لدى المريض خارج عن إرادة الدكتور الذي هو أكثر حرصا على سلامة مريضه من أولياء المريض أنفسهم ..!
والطبيب سمعة ومكانة ومهنة واحترافه والطبيب محل التشهير يعد بحسب رأي كبار الأطباء والمواطنين يعد من امهر الأطباء في جراحة العظام ولولاء شهرته ومكانته لما حصل على هذه المكانة ، نعم قد حدث إشكالية هناء أو هناك خلال مسيرة مهنية لكن هل يعد الدكتور مسئولا عنها ؟؛ ومن يقرر هذه المسئولية ؟!
اختم هذه الحلقة بقوله تعالى ( ولا تزروا وازرة وزرى أخرى ) صدق الله العظيم ..
يتبع