الرئيسية  |  الاتصال بنا  |  فيس بوك
الثلاثاء, 24-مارس-2020
ريمان برس - خاص -


( المارقون الشيوعيون ) في روسيا الاتحادية والصين الشعبية ، قرروا ولدوافع إنسانية تعكس قيمهم واخلاقياتهم الحضارية والإنسانية. والثقافية أن ينشغلوا بحياة البشر على مستوى العالم وليس بشعوبهم وحسب ، لذا قررت روسيا الاتحادية ومنذ يوم أمس تسيير جسرا جويا حاملا للخبراء والمعدات الطبية والعلاجات اللازمة إلى الشعب الايطالي والمساعدة بتطويق ومكافحة الفيروس كورونا الذي يكاد يفتك بايطاليا وشعبها ، في المقابل تحركت الجسور الجوية والناقلات العسكرية الروسية العملاقة للتوجه إلى 16 دولة من دول العالم حاملة على متنها مئات الخبراء في الأوبئة مع أجهزتهم الطبية والعلاجات المتوفرة لديهم للمساهمة من روسيا ( الشيوعية ) في إنقاذ حياة البشر في هذه البلدان ، على ذات السياق خصصت ( الصين الشيوعية ) هي الأخرى بعد اجتماع طارئ للمكتب السياسي للحزب الشيوعي الصيني برئاسة رئيس جمهورية الصين الأمين العام للحزب الشيوعي ،وقرروا في اجتماعهم تخصيص ( ترليون دولار ) لبنك ( أسيان ) لمساعدة دول العالم في مواجهة وباء كورونا ، كما كانت الصين قد سارعت إلى تقديم المساعدات لايطاليا وبعض دول أوروبا لمواجهة الوباء دون تطبيل أو صخب إعلامي وبدون شروط او مساومة أو ابتزاز ، وسبق ذلك أن ارسلت كل من الصين وروسيا أجهزة ومعدات وادوات ولقاحات ومطهرات إلى ( صربيا ) ودول يوغسلافيا السابقة والى العديد من دول آسيا وأفريقيا وأوروبا دون ضجيج أو صخب إعلامي وتصريحات ..
كان هذا هو موقف ( الشيوعيون ) ؟! فماذا قدم ( الموحدون الليبراليون للعالم ) الذين اتحفونا كثيرا باحاديثهم وخطاباتهم عن المشاعر الإنسانية وعن حقوق الإنسان ، وحقوق المهمشين والأطفال والنساء وعن العدالة والمساواة ..؟!
لاشيء من كل هذه الشعارات شاهدنا أو لمسنا من قبل الدول الإمبريالية ، بل لم تدفع الجائحة واشنطن وحلفائها لرفع حصارهم ولو بصورة جزئية لدول وشعوب أدخلتها واشنطن في قائمة حصارها اللا شرعي واللا قانوني واللا اخلاقي وفي المقدمة منها سورية وإيران وكوريا الشمالية وكوبا وفنزويلا وحتى فلسطين ولبنان وايضا روسيا والصين مدونتا اسمائهما في قائمة الحصار الإمبريالي الأمريكي ، والمثير للسخرية أن واشنطن قررت أمس أن تخفض الرسوم على المعدات الطبية الواردة من الصين الشعبية وهذا اكبر اعتراف يؤكد حاجة واشنطن للمساعدة وليس العكس ..!!
المثير أيضا أنه وفيما العالم المؤنسن يسعى لمساعدة بعضه ويبحث عن حلول جماعية وشراكة جماعية في مواجهة الوباء الذي يهدد حياة البشرية بما في ذلك العالم الليبرالي وانظمته الإمبريالية المتوحشة مثل النظام الأمريكي ، فإن واشنطن بمكينتها الإعلامية الجبارة وأجهزتها الأمنية والعسكرية ومراكز أبحاثها ورموزها السياسية والعسكرية والعلمية كل هولاء جندوا أنفسهم وامكانياتهم وكل قدراتهم للتنقيب عن الكيفية التي نجت فيها الصين من الوباء والوسائل والأدوات والأجهزة التي استخدمتها الصين واطبائها وعلمائها في الانتصار على الوباء والحد من انتشاره خاصة في إقليم ( يوهان ) بؤرة انتشاره ..يوهان هي قلب الصين التي تقف شامخة تربط بين شمال الصين وجنوبه وفيها 17 ألف مصنع ومعمل ومركز أبحاث وهي كبرى المدن الصناعية الصينية ، ومنذ خمسة أيام لم تسجل السلطات الطبية حالة واحدة في يوهان بل وفي كل الصين ، لكن السلطات الصينية سجلت 67 حالة حتى صباح اليوم لمواطنيين صينيين قادمين من خارج الصين إما في الداخل لم تسجل ولا حالة طيلة خمسة أيام مضت فيما اعداد المتشافيين يزدادو يوما بعد يوم على امتداد الخارطة الجغرافية ويغادرون المشافي والمحاجر الصحية بالسلامة وحالة الوفاة تتقلص يوما بعد يوم في أوساط المصابين بالفيروس ، وهذا قطعا ضاعف من قلق واشنطن التي منحت مخبريها وجواسيسها موازنة مفتوحة لمزيد من العمل التجسسي ضد الصين وروسيا أيضا .
في موتمره الصحفي يوم أمس مع اركان إدارته أو بالأصح فريق الطوارئ الذي عينه لمواجهة أزمة كورونا بداء الرئيس دونالد ترمب منهكا ومهموما كتاجر نخاسة يوشك على إعلان الإفلاس وخلال المؤتمر الصحفي لم يغفل الرجل جردة حسابه والحديث عن الخسائر المادية واضطراره لدفع أموال لإنقاذ بعض الشركات من الإفلاس وايضا لبعض مواطنيه ، دون أن يغفل حقده على الصين التي تارة يتهمها بالفيروس ويطلق عليه ( الفيروس الصيني ) كمقدمة لمطالبتها ذات يوم قادم ربما بالتعويضات المادية ؟ ولما لا فنحن أمام وقاحة إمبريالية مجبولة بكل مفردات الانتهازية الماجنة ..؟!
وخلال المؤتمر لم يغفل ترمب الإشارة إلا مكالمة هاتفية جرت بينه وبين الرئيس الصيني حيث تعرض ترمب للتوبيخ والردود الناقدة والصريحة من الرئيس الصيني ردا على مواقف واشنطن الساخرة والمستهترة ، ولم يتردد ترمب في مؤتمره من الإشارة لموقفه من المكالمة ومن موقف الرئيس الصيني التي لم تروق لترمب حسب تصريحه للصحفيين خلال المؤتمر .!!
بمعزل عن كل هذا فإن المتابع لتداعيات الحدث وآلية التعامل معه بين محاور الليبرالية الإمبريالية المتوحشة وبين محاور يطلق عليها الامبرياليين ( محاور الشر ) التي بدت أكثر أنسنة وتعاطف مع البشر ، فيما غرقت عواصم الامبرياليين بخلافاتها الثنائية وهلعها حد الرعب على خسائرها المتوقعة وكيفية تعويض هذه الخسائر ، ناهيكم عن كيل التهم فيما بين حكام الدول الرأسمالية كما حدث يوم أمس من قبل الرئيس الفرنسي ماكرون ضد بريطانيا ورئيس وزرائها جونسون ، فما صرخ به الرئيس الفرنسي ضد بريطانيا مهددا بإغلاق حدود بلاده معها أن هي لم تقم بواجبها في مواجهة الوباء على أكمل وجه ، فيما غالبية العواصم الغربية والعالمية الحليفة لواشنطن تواصل توجيه انتقاداتها سرا وعلانية لواشنطن والبيت الأبيض على خلفية التعامل مع الوباء وتجاهل واشنطن لحلفائها في مواجهة الكارثة مكتفية بمطالبهم بالدفع ورفد الخزانة الأمريكية بالنقود بذريعة تجنب الانهيار الاقتصادي ..
بيد أن خبراء الاقتصاد ومراكز الأبحاث الاستراتيجية الأمريكية تتحدث ومنذ عام 2017م بأن عام 2020م سيكون اسوا عام للشركات الأمريكية والاقتصاد الأمريكي وتشير الدراسات والابحاث الاقتصادية بأن عام 2020م لن تحقق فيه اي شركة أمريكية مكسبا يذكر بما فيها كبرى الشركات العملاقة امثال شركة ( آبل ، وبوينج ، ولوكهيد ، وناسا ، ) وكبرى الشركات العملاقة الأخرى التي اعتادت أن تحقق ارباح خالية ، لكن التقارير والابحاث اجزمت أن هذه الشركات في هذا العام ستكون أرباحها ( صفر ) كانت هذه التقارير والتنبؤات قبل أن يعرف العالم أزمة ( كورونا ) أو يتنبؤا بها ،فما بالكم بالحال بعد أن فرضت أزمة كورونا نفسها على العالم بما في ذلك أمريكا عاصمة الليبرالية الإمبريالية وسلة الرأسمالية المتعثرة ..؟!
يرى المفكر الأمريكي نعوم تشومسكي ( أن ما تعيشه أمريكا من ازمات مركبة هو نتاج طبيعي لأخطاء ارتكبتها الإدارات المتعاقبة للبيت الأبيض من جهة ، ومن الأخرى فشل الفكر الليبرالي في تجديد ذاته وتطوير ثقافته استجابة للتطورات الحضارية الإنسانية ) فيما صاحب كتاب ( نهاية التاريخ ) يرى ( أن ما حل بالواقع الرأسمالي هو عوامل التقنية المتطورة وأدواتها ، وخفوت الفكر الليبرالي خلف نزوع القوة منذ انهار الاتحاد السوفييتي الذي كان يشكل دافعا لتطور الليبرالية ) فيما ) توماس فريدمان ) يرى ( أن إخفاق واشنطن في تطويق التطلعات الصينية وكبح جناح الصينيين والحد من قدراتهم ، أفعال أدت إلى جمود الوعي الليبرالي ، بعد أن ركن هذا الوعي على أساطيل وبوارج تجوب البحار ، وعلى شركات فيسبوك وتويتر والواتس آب ومكروسفت وجوجل ،) ؟!
المفكر العربي ( طلال أبو غزالة ) بدوره يذهب بعيدا في تفسير الحالة السائدة في مكونات ومفاصل النظام الدولي ويتحدث عن ( انهيار النظام الدولي وسقوط النظام الديمقراطي بنسخته الليبرالية ، مطالبا من عقلاء العالم سرعة تشكيل( مجلس حكماء) يصلون لتفاهمات تحمي العالم وأنظمتها وسيادة دول العالم وتجنيبها أزمة انهيار و فوضى عارمة سيشهدها العالم ، او حرب طاحنة ستسقط بها ومن خلالها كل القيم والاخلاقيات الإنسانية والحضارية )؟!
نعوم تشومسكي يوافق طلال أبو غزالة فيما ذهب إليه من القول ، فيما توماس فريدمان يحث القوة الرأسمالية إلى تطويق ( الصين ) والانفتاح على روسيا الاتحادية واقناعها بفكرة الثنائي القطبي وتقاسم النفوذ الدولي على غرار ما كان سائدا بين أمريكا والاتحاد السوفييتي ، وتفعيل مبدأ ( جيفرسون ) في إعادة تحديد المصالح الدولية ..؟!
لكل ما سلف نجد أنفسنا حقيقة اليوم أمام مشاهد احتضار النظام الرأسمالي بكل أبعاده ومقوماته السياسية والفكرية والاقتصادية والثقافية والحضارية والعسكرية وحتى الإنسانية ، بعد أن دق ترمب اخر مسمار في نعش الرأسمالية كنظام وقيم وأخلاقيات ، وحتى الديمقراطية كنظام ومبدأ زايدت به وعليه الرأسمالية الليبرالية هذا المبدأ يمكننا التسليم اليوم بسقوطه الكلي بعد طغيان شبكات التواصل الاجتماعي بحضورها وبعد أن استطاعت مجاميع محددة من استخدام هذه الوسائط وتقنيتها لتصادر عبرها حقوق المواطن الكلي وحسب رأي ( أبو غزالة )فإن بإمكان مجموعة صغيره على شبكات التواصل أن تقرر مصير أوطان وشعوب باسم الشعب والشعب لا علاقة له بصورة كلية بالأمر ..؟!
يتبع

أضف تعليقاً على هذا الخبر
ارسل هذا الخبر
تعليق
إرسل الخبر
إطبع الخبر
RSS

مختارات
جميع حقوق النشر محفوظة 2025 لـ(ï؟½ï؟½ï؟½ï؟½ï؟½ ï؟½ï؟½ï؟½)