الرئيسية  |  الاتصال بنا  |  فيس بوك
السبت, 28-مارس-2020
ريمان برس - خاص -

يرى البعض أن طريقة تناولي لوباء ( كورونا ) وتداعياتها يندرج في سياق ( التفكير النمطي والتقليدي للعقل العربي ، الذي عليه أن يدرك أن العالم تغير وان المصالح متشابكة وان زمن المرحلة الاشتراكية قد ولى ) وشخصيا انا مع هذا الرأي واضيف أن عوامل التقنية المتطورة قد جعلت العالم بمثابة قرية ، وان المصالح التي تربط بين أمريكا والصين _ مثلا _ أكبر من أن تتضرر أو تستهدف لان كل طرف يسعى لتجذير هذه المصالح ، وهذا رأي منطقي وسليم وطبيعي ، لكن مع محاور طبيعية تدرك أهمية المصالح المتبادلة والمشتركة وأهمية الحفاظ عليها وليس مع إمبراطورية رأسمالية متوحشة تدرك إنها في طور الأفول والتواري ، وان ثمة قوى صاعدة اخذت تفرض نفسها على خارطة العالم بما توصلت أليه من عوامل القوة الحضارية التي تجعلها ذات حضور وصوت مسموع على الخارطة الكونية .
مشكلة النظام الرأسمالي الدولي بمنهجه الليبرالي الحالي تكمن في جمود هذا الفكر الذي كان في ظل الصراع القطبي بينه وبين المعسكر الاشتراكي قبل انهيار الاتحاد السوفيتي وسقوط المعسكر الاشتراكي برمته ، أقول حينها كانت الليبرالية الرأسمالية هي الأخرى قد وصلت لمرحلة الاجداب الفكري والتحجر ولم يتمكن أيا من رموز الليبرالية على تقديم روى متطورة تجدد من مفاهيم الليبرالية من خلال تطوير الفكر والمنهج الليبرالي بحيث يستوعب التطورات الحضارية التي شهدتها الخارطة الكونية بما في ذلك العالم الليبرالي ذاته عالم ( أدم سميث ، وروتشيلد ، وروكفلر ) والكثير من فلاسفة الليبرالية ورموزها الثقافية والفكرية والمالية من دعاة الحرية والعدالة والمساواة ، وهي الشعارات التي ما برحت عواصم الليبرالية ترفعها لكن في مواجهة الآخر الحضاري وحسب فيما هذه الرأسمالية لم تتردد من توظيف الايدلوجيات الدينية لخدمة مصالحها وهذا اكبر دليل على حقيقة الإفلاس الليبرالي ، ثم لجأت في ذات السياق إلى توظيف القوة واعتمادها كوسيلة لردع خصومها .
يخطئ كثيرون بأن نهاية حقبة الاتحاد السوفيتي مثلت انتصارا لليبرالية والنظام الرأسمالي بقدر ما شكل انهيار المعسكر السوفييتي بداية لانهيار النظام الليبرالي برسماليته التي حققت طفرات تقنية مذهلة ولكن دون أن تحدث تطورا في ايدلوجية الفكر والسلوك والموقف وكان هذا حال واشنطن _ مثلا _ التي أوجدت وادي السيلكون ولكنها للاسف لم توجد ثقافة رأسمالية ترتقي لمنتجات هذا الوادي ..؟!
ذات يوم من عام 1995م عقد في العاصمة صنعاء ( المؤتمر الاقتصادي الاول ) الذي نظمه وسعى لانعقاده المرحوم الدكتور أحمد اليساري رئيس تحرير مجلة الثوابت يؤمها شارك في المؤتمر العديد من الوفود والشخصيات الأجنبية وكان ضمن المشاركين الملحق التجاري الصيني في صنعاء وأثناء تناول وجبة الغداء في نادي ضباط الشرطة بالعاصمة صنعاء كنت والاستاذ حسن عيد الوارث والاستاذ منصور هائل على طاولة ومعنا الملحق التجاري الصيني وقد قادني فضولي لسؤاله عن ( الصين الدولة الاشتراكية وقيادتها الشيوعية وكيف هي تدعم الاقتصاد الأمريكي سنويا بشراء أذون خزانة بمبلغ مائتي مليار دولار ) غير العلاقات الاقتصادية التي تبدو حميمية بين ( بكين الشيوعية ، وواشنطن الرأسمالية ) ؟
فكان الجواب التالي من الملحق التجاري الصيني على تساؤلاتي ( نحن بحاجة إلى أن تبقى الولايات المتحدة الأمريكية دولة عظمى حتى عام 2015م ..؟!
نعم هناك علاقة اقتصادية مشتركة ومصالح معقدة بين واشنطن وبكين وهناك أكثر من ( 200 ) شركة أمريكية عملاقة تعمل في الصين وأبرزها شركة ( أبل ، وبوينج ، ) ومع ذلك هناك عقدت نقص غربية تجاه الصين وهناك فشل رأسمالي في آلية التعامل ليس مع الصين وتحولاتها ، بل هناك إخفاق رأسمالي في التعامل مع العالم وتحولاته والتطورات المتسارعة التي يشهدها هذا العالم فيما الرأسمالية كفكر تعيش حالة من العقم والاجداب لدرجة تحولها من الليبرالية بشعاراتها المتعارفة إلى إمبريالية متوحشة تخلت عن انسانيتها المشكوك فيها اصلا واعتمدت على غطرسة القوة واتخاذ قرارات أحادية الجانب تفرضها على الدول والأنظمة وتجبر العالم والمنظمات الدولية بتطبيقها ما لم فقرارات الحصار والحضر ستطالهم ورغم المكانة التي تحتلها الصين اقتصاديا فإن سيف العقوبات الأمريكية _ الغربية قد طالها كما طال روسيا الاتحادية وإيران وسورية ودول أمريكا الجنوبية مثل كوبا وفنزويلا ونلاحظ أنه ورغم هذا الوباء الذي يجتاح العالم تواصل واشنطن فرض عقوباتها على بعض الدول رغم الوباء فيما روسيا والصين وكوبا ودول أخرى يرسلون فرقهم الطبية ومعداتهم واجهزتهم لكل دول العالم بما في ذلك عواصم غربية ساندت أمريكا ولاتزال في تطبيق حصارها على روسيا والصين ايطاليا نموذجا والتي بدت خلال الأزمة رسميا وشعبيا كافرة بالراسمالية الإمبريالية التي يرى الإيطاليون أنها تخلت عنهم ..؟!
ذات يوم وخلال لقاء الرئيس الأمريكي ترمب بالرئيس الصيني شي وبحضور الرئيس بوتين يؤمها وجه ترامب سؤالا للرئيسين قائلا لهما ( كيف تكونوا شيوعيون وانتم تسلكون سلوكا رأسماليا وتخوضون ضدنا منافسة في كل القارات )؟! وبكل بساطة وسلاسة وتلقائية جاء الرد على سؤال ترمب من الرئيس الصيني شي بقوله ( نعم نحن شيوعيون ولانزل كذلك ولكن بشهادات جامعية )؟!!
يتبع

أضف تعليقاً على هذا الخبر
ارسل هذا الخبر
تعليق
إرسل الخبر
إطبع الخبر
RSS

مختارات
جميع حقوق النشر محفوظة 2025 لـ(ï؟½ï؟½ï؟½ï؟½ï؟½ ï؟½ï؟½ï؟½)