ريمان برس - خاص -
في سياق التداعيات الدولية حول أزمة وباء ( كورونا ) يمكن التوقف أمام ظاهرة ملفته عصية على التصديق ولكنها للاسف حدثت وتعيشها شعوب وأنظمة العالم الرأسمالي تحديدا والذي كان عالم يضرب به الامثال في أنظمتها وخدماته المثالية ، لكن صحت شعوب هذه الدول على كارثة تمثلت بحقيقة انهيار الخدمات الصحية في دول بحجم الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة المتحدة البريطانية ودول رأسمالية أخرى مثل اسبانيا وايطاليا وفرنسا ، وهذه الدول كانت مضرب الأمثال بخدماتها التي انهارت أمام وباء كورونا الأمر الذي جعل مثلا الإدارة الأمريكية عاجزة عن مواجهة الجائحة في ذات الوقت الذي ما أنفك فيه مسئوليها وبشكل يومي يتناوبون على توجيه التهم للحكومة الصينية رغم دعوة الرئيس الصيني شي بيينغ دول العالم إلى الاصطفاف ومواجهة الوباء على مستوى العالم ، وهي دعوة صادقة وجهتها الصين التي لم تنتظر رد فعل دول العالم على دعوتها بل راحت تمارسها وقد أرسلت أجهزتها ومعداتها واطبائها إلى أكثر من دولة من دول العالم وخاصة الدول الرأسمالية وأبرزها ايطاليا واسبانيا والبرتغال وكوريا الجنوبية وتايلند وبلجيكا ، ومثل الصين فعلت روسيا الاتحادية أيضا وهذا الموقف الإنساني الذي وقفته الصين وروسيا يتناقضان مع طروحات وتصريحات واشنطن التي تركز على الصين وتسعى إلى ( إدانتها وتجريمها ) بكل الوسائل من خلال تصريحات الرئيس الأمريكي أو تصريحات بقية المسئولين في الكونجرس والخارجية واخر هذه التهم الكيدية هو ما تضمنته رسالة أحد النواب في الكونجرس الأمريكي والتي وجهها لوزير خارجية بلاده يطالب فيها بتشكيل ( لجنة دولية للتحقيق ) مع الصين التي زعم النائب الأمريكي أنها ( أخفت معلومات ) عن الوباء ويريد من الصين الاعتراف بأن هذا الوباء ( ظهر بالصين ) ثم انتقل بعدها لدول العالم ..؟!
بالمناسبة خلال مؤتمره الصحفي الثاني المنعقد قبل اسبوع من اليوم قال ترمب وهو يستعرض الوباء حرفيا ( أن الوباء ينتشر اليوم في 240 دولة ) وفي الواقع كان الوباء حسب منظمة الصحة العالمية يومها ينتشر في 195 دولة واليوم وصل إلى 202 دولة ، فهل كانت زلة لسان من ترمب وهو رئيس الدولة الأعظم في العالم ؟! أم ماذا في الأمر ؟
بيد أن الإمبريالية المتوحشة تحاول من خلال هكذا طروحات أن _ تجدد نفسها _ وتدحض حقيقة انهيارها وايضا حقيقة انهيار نظامها الصحي وخدماتها الصحية بعد أن أخفقت هذه المنظومة الدولية في توفير ابسط مقومات مواجهة الوباء مثل ( الكمامات ، واسطوانة الأكسجين )؟!
والملاحظ في هذه الأزمة أن دول مثل دول العالم الثالث ودول الوطن العربي كانت أكثر قدرة واقتدار في مواجهة الجائحة أكثر من دول كبرى مثل أمريكا وبريطانيا ، وفيما انهمكت واشنطن منذ أعلنت الصين عن الوباء وبمشاركة منظمة الصحة العالمية ، اقول انهمكت واشنطن في البحث عن حلول لدعم الشركات والأسواق المالية مثلها فعلت بريطانيا ،ومن تابع تداعيات الوباء في كل من واشنطن ولندن سيرى وبكل بساطة وسهولة كيف راح مسئولي البلدين الكبيرين يتحدثون عن الشركات والمال والأسواق وكيفية إنقاذهم من تداعيات الاغلاق فيما الإنسان احتل المرتبة الأخيرة حتى ذهب البعض إلى التكهن والاجتهاد عن نية بعض الدول الرأسمالية الكبيرة التخلص من مواطنيها من كبار السن بعد أن سبق لهم التحدث علنا قبل شيوع الوباء وظهوره تحدث هولاء عن تقليص موازنة ( الضمان الاجتماعي ) _ وهذا ما سوف نتناوله في حلقة قادمة _ لنعود لموضوعنا الأساسي وهو انهيار الخدمات الصحية في دول كبرى مثل أمريكا وبريطانيا وفرنسا وإيطاليا وإسبانيا ، وما إذا كان هناك فعلا انهيار حقيقي أو مجرد ذرائع تسوقها أنظمة هذه الدول لحاجة في نفسها ..؟؛
يوم امس تحدث لقناة ( بي بي سي ) العربية أحد المحللين السياسيين وقد ارعبني حديثه وهو يصف حالة انهيار المرافق الصحية البريطانية العاجزة ليس عن تقديم اللقاحات المطلوبة بل عجزت عن استقبال المرضى والمصابين بالوباء نظرا لعجز المستشفيات الموجودة عن استقبال المصابين ونقص التجهيزات مثل الأسرة واسطوانة الأكسجين والكمامات وايضا لنقص الطاقة الاستيعابية في المرافق الصحية وما تعانيه المرافق الصحية البريطانية تعانيه وتعيشه المرافق الصحية الأمريكية والإيطالية والإسبانية والفرنسية فبدت دول في الوطن العربي مثل مصر والاردن ودول الخليج أكثر قدرة على التعامل مع الوباء ، والمؤسف أن واشنطن تركز اهتمامها على ( إيران ، والصين ، وفنزويلا ) وتحمل مسئولي هذه البلدان المسئولية عن انتشار الوباء في بلدانهم بل إن من السخرية أن نسمع وزير خارجية أمريكا يتحدث اليوم عن إيران وفيروس ( يوهان ) كما وصفه ويحمل المسئولين الإيرانيين مسئولية انتشار الوباء واخفاء حقيقته عن الشعب ..؟!!!
يعني وقاحة أمريكية وغطرسة استعمارية لا حدود لها وكأن المستمع يسمع لرجل بلاده تخوض معركة لإنقاذ البشرية من الوباء وليس لرجل عجزت بلاده عن إنقاذ مواطنيها داخل العاصمة التي يتحدث منها والتي تجاوزت فيها أعداد الوفيات الوفيات في إيران والصين وتجاوز عدد المصابين في امريكا مصابي الصين ..؟!
يتبع |