الرئيسية  |  الاتصال بنا  |  فيس بوك
الثلاثاء, 31-مارس-2020
ريمان برس - خاص -

( تنويه واعتذار : ورد بالحلقة السابقه خطاء باسم رئيس جهاز المخابرات الأمريكية عام 1961م فقد أوردت اسم جون فوستر دلاس , والصحيح هو شقيقه( ألآن دلاس ) الذي كان يشغل رئاسة جهاز المخابرات الأمريكية ولذا لزم التنويه )
تواصلا مع ما سلف أقول أن الثقافة الليبرالية ورغم طروحاتها عن الحرية والقيم والعدالة وحقوق الإنسان ، إلا أن هذه الشعارات في الواقع لا وجود لها وقد تكون الرأسمالية وجذورها الفكرية الليبرالية أكثر توحش ومادية من التيار المتهم بالمادية الجدلية وهذه الأخيرة لم توجد اصلا إلى لمواجهة التوحش الإمبريالي والغطرسة الرأسمالية ..
يوم امس وقف رئيس أكبر دولة في العالم يتحدث في مؤتمر صحفي بإسهاب وبتفاخر واعجاب عن قدرة شركات بلاده في صناعة ( 230 ) الف قناع في أيام قليلة ؟! ويؤغل بالتباهي بأن بلاده سوف تنتج خلال الأسابيع المقبلة ( 50 ) ألف جهاز تنفس صناعي ؟! يا الله هل هذا فعلا رئيس الولايات المتحدة الأمريكية وسيد البيت الأبيض ؟!؟
هل هذا الرجل يتحدث باسم أمريكا ؟ أم باسم دولة من دول العالم الثالث . ؟! بل السؤال الأهم هو هل هذا حال امريكا فعلا ؟! أم أن وراء الاكمة ما ورائها . ؟؛
هل يعقل أو يتصور عقل عاقل أن مشافي الولايات المتحدة الأمريكية عاجزة عن استقبال المصابين بالفيروس لعجز في الأسرة ؟ وأجهزة التنفس الصناعي ؟ والقناعات ..؟!
الأمر طبعا لا ينحصر بعاصمة الليبرالية وجنة الديمقراطية ومركز الرأسمالية العالمية أمريكا ، بل يسحب الأمر نفسه على المملكة المتحدة البريطانية ،وهي الدولة الاستعمارية الاكبر التي عرفت تاريخيا ب( الأمبراطورية التي لا تغرب عن مستعمراتها الشمس ) ومثلها الإمبراطورية السابقة أيضا فرنسا ومثلها ايطاليا وبقية دول الاتحاد الأوروبي ..هذه الدول التي تنفق ما يعادل 30/ % 35 من ناتجها القومي للتسليح وتصدر أسلحة سنويا بالمليارات لدول العالم الثالث والدول الفقيرة ليقاتل الفقراء بعضهم من أجل تحريك ماكينات مصانع الأسلحة في أمريكا وأوروبا ، ورغم ذلك ظهرت هذه الدول الاستعمارية قديما وحديثا ، عاجزة عن مواجهة وباء واخفقت في إنقاذ مواطنيها وتجنيبهم ويلات الجائحة..؟!
دعونا من هذا ولنذهب لمشاهدة الطريقة التي تعاملت بها النظم الغربية وامريكا مع تداعيات الفيروس أو الجائحة ، وكيف تم التعامل مع الجائحة وعلى مختلف المستويات اقتصاديا وسياسيا وعسكريا وأمنيا واستخباريا وإعلاميا وانسانيا وسلوكيا ..؟!
إذ ومن خلال هذه المتابعات نستنتج جوهر وحقيقة الفكر والثقافة الليبرالية وايضا إنسانية ومشاعر الليبراليين كبشر قبل الأفكار والفلسفات والقيم المكتسبة لديهم ..؟!
لقد بداء التباطؤ من قبل أنظمة الغرب وامريكا تجاه مواجهة الفيروس باعتبار الفيروس أو الوباء صنع خصيصا للصين وبالتالي لم يكترثوا لا بتحذيرات الصين ولا بتحذيرات منظمة الصحة العالمية التي أبلغت واشنطن بحقيقة الوباء الذي ظهر بالصين وأخذ ينتشر بعد سبعة أيام فقط من ظهوره في مدينة ( يوهان ) ولم تكترث لا واشنطن ولا حلفائها في أوروبا بتحذيرات الصين ومنظمة الصحة العالمية وظل استهتارهم سيد الموقف حتى توالت الإصابات بالفيروس بديارهم وكانت الضحية في المحور الرأسمالي والليبرالي هي ( ايطاليا ) التي وجدت نفسها بعد تفشي الفيروس عاجزة ووحيدة ولم يكترث بها وبمعانات شعبها لا حليفتها أمريكا ولا شركائها داخل المنظومة الأوروبية _ الاتحاد الأوروبي _ الذي يبدو أن كورونا يكتب ( شهادة وفاته) قبل أن تنقشع سحب الوباء من سماء أوروبا ، أقول كانت ايطاليا هي الدولة الوحيدة التي فعلا بدت مرعوبة وخائفة على مواطنيها وتستغيث ولم تلقى استغاثتها استجابة لا من الجار القريب ولا من الحليف البعيد فكانت الصين وروسيا وكوبا الوحيدون الذين سمعوا استغاثة ايطاليا وهرولوا إليها بكل أجهزتهم والياتهم ومعداتهم وخبراتهم ، فيما واشنطن ولندن وباريس راحوا يتباطون ليس عن عجز أو إملاق او شحة إمكانيات ، بل راحت هذه العواصم ومنذ البداية تنهمك في اختبارات وإجراءات مخبرية في تسابق محموم بهدف التوصل إلى لقاح للفيروس يرفد خزائنهم بمزيد من المال ، بغض النظر عن تفشي الوباء وخطورته على شريحة ( كبار السن ) تحديدا فهم وجدو في الوباء فرصة لتخلصهم من أعباء ( رعاية المسنين ) الذين يكلفوا هذه الحكومات موازنات باهضة دون مردود يذكر بعد أن تحولوا من منتجين إلى مستهلكين بل ترى الحكومات الغربية في شريحة كبار السن عالة على الدولة والميزانية والمجتمع بل يتحدث المسئولين الأمريكيين وبكل بساطة واريحية من ان الفيروس قد يؤدي بحياة 100 أو 200 ألف أمريكي ، فيما يتحدث جونسون في بريطانيا وكاميرون في فرنسا عن ايام صعبة قادمة ، يعني المزيد من رحيل كبار السن ..؟! تلكم هي ثقافة الليبرالية الرأسمالية ..!!
وكما أسلفنا بالحلقة السابقة فإن أغلب مراكز الأبحاث الرأسمالية انهمكت منذ خمس سنوات في دراسات أحوال المجتمعات الصناعية المتقدمة والتركيبة السكانية التي ستكون عليها هذه المجتمعات بحلول عام 2030 م وكان اصدق وصف يمكن الاستدلال به هو ما صدر عن البنتاجون الأمريكي تحت عنوان ( الاتجاهات الكونية حتى عام 2030م عوالم بديلة ) ويمكن القول إن هذا التقرير هو اصدق تقرير صادر عن مؤسسة ليبرالية ذات أهداف استعمارية هو البنتاجون الأمريكي والا طلاع على هذا التقرير يدفع المراقب للتخلي عن دهشته في سلوكيات الإدارة الأمريكية التي انهمكت منذ بداية الوباء ليس في حماية وتحصين مواطنيها والمقيمين فيها ، بل وقفت تراقب انتشار الفيروس وتجري اختبارات وتحليلات على المصابين وعلى المتوفين وعلى المتعافين والهدف هو إيجاد ( لقاح ) الوباء يعطي واشنطن السبق وبراة الاختراع ، وتحقيق مكاسب منظورة وغير منظورة مادية ومعنوية ، أبرزها أن واشنطن ومن خلال فوزها بإنتاج اللقاح مستبقة بذلك الجميع ستحقق عوائد مالية هائلة ، عوائد ستخرج اقتصادها من مربع الركود والكساد هذا من ناحية ومن الأخرى ، سيمكن هذا الانجاز أن تحقق واشنطن من إعادة تجديد نفسها وتجديد مسيرة الليبرالية التي تعيش فعلا لا قولا في دائرة الاحتظار ..؟!
اعلاميا للاسف نجد واشنطن لا تزل رغم كل ما هي فيه وعليه لكنها لاتزال تسيطر على ماكينة إعلامية هائلة ولاتزال هذه الماكينة تؤدي دورها في تزييف الحقائق وتظليل عقل ووعي المتلقي العالمي وتحريف قناعته عن الحقيقة وتعبيئته بذات الاتجاه الإمبريالي الذي اعتدنا عليه منذ نهاية الحرب الكونية الثانية ..؟!
والمؤسف هناء أنه وبرغم أن ثمة منابر إعلامية غربية وأمريكية تشكك وتفضح مواقف العواصم الليبرالية واعلامها الزائف ، لكن للاسف نجد منابر إعلامية محسوبة على العرب والمسلمين لاتزال تضخ خطاب تظليلي داعم لأمريكا والإعلام الغربي بصورة جد فجة ووقحة حد السفور ..؟!
رغم كل ما سلف لا أزعم أن أمريكا مثلا غدت دولة ( فاشلة ) رغم أن المفكر الأمريكي نعوم تشومسكي قد وصفها بذلك عام 1990م وكرر هذا الوصف عام 2001م في كتابه 11 /9 لكن ما يمكن قوله إن أمريكا تعاملت مع الوباء وتداعياته بمنطق الدولة الإمبريالية التي تجردت من كل القيم والاخلاقيات والمشاعر الأخلاقية والحضارية والإنسانية ،وتعاملت كشركة تسعى للربح وان من دماء مواطنيها لا فرق عندها في ذلك ولا يهمها عدد الضحايا ،ومن تابع المؤتمرات الصحفية اليومية للرئيس ترمب والتي بلغت حتى يوم أمس 11 مؤتمرا سيدرك هذه الحقائق وسيدرك كم هي الرأسمالية الليبرالية منحطة وبحسب فيلسوف الليبرالية ( آدم سميث ) وحتى ( ميكافليلي ) صاحب( كتاب الأمير ) سيدرك أن الليبرالية تحتضر فالرمزين كانا حريصان في الإبقاء على مسحة إنسانية للفكر الليبرالي عند التطبيق (حتى تبقى الليبرالية خيار الشعوب التواقة للحرية ) وهذا ما اغفله ليبراليون اليوم الذين عملوا على توسيع دائرة الوباء ك ( إصابة ، وتعافي ، ووفاة ) وعلى الثلاثة الضحايا راحت المختبرات تجري تجاربها بحثا عن اللقاح ولم يكترثوا بالبحث عن الآسرة والاقنعة وأجهزة التنفس الصناعي ولا باسطوانات الأكسجين ولا بتجهيز المستشفيات ..لأن كل هذا لا يهم بنظرهم لكن اللقاح هم الأهم ومن سيتوصل إليه اولا سيفوز بالغنيمة ..؟!!
يتبع

أضف تعليقاً على هذا الخبر
ارسل هذا الخبر
تعليق
إرسل الخبر
إطبع الخبر
RSS

مختارات
جميع حقوق النشر محفوظة 2025 لـ(ï؟½ï؟½ï؟½ï؟½ï؟½ ï؟½ï؟½ï؟½)