ريمان برس - خاص -
في 1995 م برزت حركة الشباب المؤمن الذين تحولوا الى انصار الله لا حقا أو الحوثيين وكان للحزب الاشتراكي دورا في نشأة هذه الجماعة بهدف اقلاق النظام المؤتمري .. ورأى فيه الإصلاح فرصة للتقرب من السعودية بذريعة مقاومة الروافض ؟
المؤتمر في ظل قيادة صالح وجد في تيار الحوثي وسيلة لابتزاز أمريكا فيما ليبيا القذافي اغدقت علي حركة الحوثي بالدعم بدافع مواجهة النظام الرجعي السعودي ولم تتخلف قطر عن هذا السلوك بدافع مناكفة السعودية أيضا ونظام صالح الذي كان يميل بالمطلق للرياض خاصة في عهد الملكين فهد وعبد الله وبين كل هؤلاء كانت ثمة جهات خارجية توظف كل هذه التناقضات لخدمة مصالحها ..؟
وقد خاض الجيش اليمني ستة حروب في مواجهة جماعة الحوثي وقد هزم الجيش خلال هذه الحروب بالمطلق والحقيقة لم يخوض الجيش حروبا ضد الجماعات الحوثية بل كان يوظف وجودهم لخدمة حسابات المتصارعين داخل السلطة نفسها وتحديدا بين اللواء علي محسن وأولاد الشيخ الأحمر من جهة وبين الرئيس صالح وبقية أفراد اسرته ..كل هذه العوامل أوصلتنا الى احداث 2011م حين خرج الشباب يعبرون عن رغبتهم في التغيير لكن الأحزاب لحقت الشباب وتم مصادرة إرادة ورغبات واحلام الشباب لصالح الفعاليات السياسية الفاشلة والعاجزة لكنها استطاعت ان تمتطي ظهور الشباب وجعلت منهم بمثابة ( سفينة نوح ) تنقذها من الطوفان السياسي وتعيدها للواجهة وتنقذها من الغرق المحقق الذي كاد أن يؤدي بهذه الفعاليات فالشباب كانت ثورتهم ضد الكل لكن الأحزاب حرفت مسار الثورة وحولتها ضد خصمها الافتراضي النظام وليس كل النظام بل تمحورت الخصومة بشخص الرئيس السابق صالح واسرته . وقد رحل صالح فعلا لكن النظام بقى ممثلا بالنخب الحالية في مفاصل ما يسمى الشرعية التي في الواقع لا شرعية لها وكان الحوثي جزءا من المشهد الذي اسقط صالح وجزءا من العهد الجديد الذي تسلمه عبد ربه منصور ولكن بعد عامين اختلف الإصلاح مع الحوثي بعد أن كان قد اختلف مع حلفائه بالمشترك حين جير بداية عهد عبد ربه لصالحه ثم اختلف الجنوب مع الإصلاح فانقلب الحوثي عام 2014م قبل ان ينقلبوا عليه من يزعمون اليوم انهم ضد الانقلاب ..؟
لم يختلف كل هؤلاء ولم يتقاتلوا على مشروع وطني بل على سلطة وثروة وتسلط وتبعية لمحاور خارجية إقليمية ودولية ,ليتضح لاحقا ان كل طرف له اجندة داخلية وانه سيذهب في سبيل الانتصار لها ولو كلف ذلك دمار وخراب اليمن وسحق وتجويع وتشريد الشعب بكامله لا يهمهم كل هذا المهم عندهم الانتصار لمشروعهم ولا فرق في هذا بين الأطراف أيا كانت مزاعمها ؟
تزامن كل هذا مع رغبات إقليمية ودولية لتطويع اليمن أو بالأصح لغربلة واقعها الاجتماعي والقبلي ونزع أو طمس قيم مكتسبة في وجدان الشعب ذات صلة بالقضايا الوطنية والقومية والإسلامية ..؟
والمعروف ان واشنطن كانت قد قررت التخلص من صالح ولكنها لم تكن تملك بديلا موثوقا به فقررت ذات يوم اللقاء مع كل رموز المعارضة عبر مؤتمر بالفيديو من داخل السفارة الامريكية وتحدث فيه كبار قادة البنتاجون والخارجية وكان اهم سؤال طرح من قبل المسئولين الأمريكيين لمعارضي النظام وقادة الثورة هو ( ماذا تريدون مناء نحن جاهزون ؟ وما هي رؤيتكم لمرحلة ما بعد إسقاط النظام ؟ ) هذه التساؤلات طرحت من قبل واشنطن فكان رد المعارضين لصالح هو وقف تزويد النظام بقنابل الغاز ؟!!!
لكن يبدو أن ثمة رغبة أمريكية كانت جاهزة لإحداث فوضى داخل المجتمع اليمني لحاجة في نفس واشنطن , فوضى من السهل اختصار نتائجها من خلال المقارنة بين الشارع اليمني الذي كان يعيش قضايا أمته وكيف كان هذا الشارع خلال مرحلة ما قبل الوحدة وما بعدها واثناء الغزو الأمريكي للعراق , وحال الشارع اليمني اليوم الذي يتظاهر ضد بعضه وهذا يكفي للتأكيد على أن ثمة مؤامرة نفذت ضد اليمن ولكن بأيادي يمنية وتمويل عربي للأسف ..؟!
وقد لعبت دول الجوار الخليجي دورا في كل ما جرى ويجري في اليمن , وهنا أتذكر افتتاحية صحيفة الشرق الأوسط اللندنية وقد كتبها رئيس تحريرها عبد الرحمن الراشد ذات يوم من أيام العام 1992م حين كانت اليمن تعيش مرحلة ديمقراطية زاهية وكانت جلسات البرلمان تبث مباشرة وعلى الهواء وكان هذا المناخ مقلق للأنظمة الخليجية بصورة أو بأخرى وأن لم تعبر عن قلقها علنا لكنها فعلت ذلك سرا ومماقاله الراشد يومها مخاطبا الشعوب الخليجية بقوله ( لا يغرنكم ما يجري في اليمن ولا يسحركم تفاعلاته وعليكم أن تحافظوا على انظمتكم وحكامكم وتقدمون لهم ولائكم وطاعتكم وترقبوا ماذا سيحل باليمن وعندها سوف تركعون لله شكرا على النعم التي أنتم عليها وعلى حكامكم وأنظمتكم )؟!
ويعاني الاخوة في دول الجوار اليمني من عقدة نقص تدفعهم لمقت كل شيء إيجابي ينجز في اليمن وهذه العقد متراكمة وتدفع الاشقاء في دول الجوار الى العمل الجاد لإبقاء اليمن ارضا وانسانا في دائرة التخلف والتبعية والفقر وعدم السماح لليمن بتحقيق أي تقدم اجتماعي او استقرار سياسي وهذا سلوك يعرفه كل مواطن يمني منذ عقود .. فالخليجيون كأنظمة يريدون بجوارهم شعب من العبيد والمرتزقة والمرتهنين يسبحون بحمدهم ويقبلون أياديهم ولا يرغبون بدولة قوية مستقرة لان هذا ينعكس سلبا على واقعهم .
وبالتالي فأن أفاق السلام في اليمن وعلى ضوء كل هذه المعطيات تصبح ضربا من المستحيل ولا يمكن تحقيق سلام يمني راسخ وأن حدث وهذا بعيد لن يكون سلاما بل استراحة محارب وفرصة لالتقاط انفاس المتصارعين ليعودوا من جديد بعد فترة لن تكون بعيدة ..
لكن هل يعني هذا أن السلام في اليمن مستحيل قطعا لا ولكن ليس بيد من كانوا سببا في الصراع داخليا وإقليميا ..فالسلام في اليمن لا يمكن أن تصنعه الأطراف الداخلية المتناحرة فيما بينها ولا يمكن تصنعه دول الجوار الخليجي بقيادة السعودية ولا يمكن أن يتحقق على يد أمريكا ..؟! |