ريمان برس - خاص -
ثمة سؤال يطرح نفسه اليوم عن ( أمريكا الدولة ) وهل هي فعلا ( العدو ) ؟ أم هي دولة ( صديقة ) ؟ ثم من يوصفها بالعدو ؟ ومن يعتبرها ( الصديق ) ؟ ويضع كل خياراته بين يديها ويراهن على صداقتها رغم كل التحولات التي تشهدها الخارطة الكونية ..!!
طبعا العلاقة العربية _ الأمريكية علاقة معقدة ومركبة والعلاقة الأمريكية _ الإسلامية ربما تكون أقل تعقيدا من العلاقة العربية _ الأمريكية .. لكن هذه التعقيدات في العلاقة العربية _ الأمريكية برزت خلال الفترة من عام 1952م _ وحتى العام 1971م وهي الفترة التي كانت فيها العلاقة العربية _ الأمريكية علاقة ندية إلى حد كبير على ضوء الدور القومي الذي لعبته مصر عبد الناصر وهو الدور الذي تحاول ( تركيا ) اليوم أن تتقمصه ولكن بطريقتها التي ستصل إلى طريق مسدود رغم المناخات التي توفر لتركيا تمددها بكل الاتجاهات لأن الفارق بين مصر عبد الناصر وتركيا أردوجان أن الأولى كانت تقود حركة تحررية في مواجهة قوى الاستعمار الإمبريالي تحت يافطة وحدة القوى القومية والحركات الثورية التقدمية فيما الثانية تقود اليوم حركة عكسية تسعى من خلالها إعادة الماضي الاستعماري تحت يافطة ( الخلافية أو المد الإسلامي ) وهذا الدور الذي تستلطفه واشنطن اليوم من قبل تركيا وتمده بكل عوامل النجاح سبق لواشنطن أن منحته للنظام السعودي ورعته ومدته بكل عوامل النجاح والديمومة ولكن في النهاية فشلت السعودية كما فشلت واشنطن أيضا والتي حاولت اعتماد إستراتيجية جديدة بدت باغتيال الملك السعودي فيصل من قبل واشنطن وعلى يد أحد أفراد الاسرة المالكة بعد أن فشل فيصل وأموله بتزعم العالم الإسلامي والقضاء على القوى المعادية لواشنطن وسياستها الاستعمارية رغم ( نكسة حزيران يونيو 1967م ) .
لنعود لموضوعنا هل أمريكا دولة معادية أم دولة صديقة ؟ والحقيقة أم أمريكا لم تكن يوما دولة صديقة لغير ( الكيان الصهيوني ) وحتى لمن يعتبرون أنفسهم حلفاء أمريكا في الوطن العربي لم ترى فيهم يوما حلفاء بل ترى فيهم مجرد ( عملاء وخونة ) فيما دولهم مجرد محميات تحت سيطرتها وتتحكم بهم وبمصيرهم كيفما تشاء وهم بنظرها مجرد حماة وحراس لحليفها الوحيد في المنطقة الكيان ( الصهيوني ) ؟!!
بيد أن المثير هو في مواقف البعض الذين يتحدثون _ اليوم _ عن علاقة بعض الأنظمة العربية بالكيان الصهيوني ومحاولتهم تهويل هذا الأمر وكأنه فعل غريب أو شاذ وهو قطعا لا غريب ولا شاذ فالعلاقة العربية مع الكيان الصهيوني تعد رديفا للعلاقة العربية _ الأمريكية ؛ إذ أن كل الأنظمة العربية التي تعد نفسها حليفا لواشنطن هي بالطبيعية حليفة للكيان الصهيوني ؟ وهذا ليس إتهام جزافي ولا شطحات من خيال الكاتب بل تلك هي الحقيقة التي يتجاهلها البعض أو يحاول التغافل عنها بذريعة أن العلاقة ما واشنطن فعل لا يرتبط بالتطبيع مع الكيان الصهيوني ولا بالعلاقة مع هذا الكيان ..وهذا تبرير سطحي يتغاضى عن الحقيقة التي تؤكد أن كل نظام عربي متحالف مع أمريكا هو حليف للكيان الصهيوني بالضرورة ..؟!
أن الكيان الصهيوني ما كان ليكون بهذه القوة والحضور لو لم تكن أمريكا هي الراعي والداعم والحارس الفعلي لهذا الكيان والتي تمده بكل عوامل الديمومة والبقاء في المقابل فأن كل الأنظمة العربية الحليفة لواشنطن هي جزءا من هذا المحور الذي تمثله واشنطن وتتحكم بمساراته وأحداثه ..
لقد واجهت الأمة العربية هذا المشروع الاستعماري الصهيوني _ الأمريكي خلال مرحلة زعامة الرئيس الراجل جمال عبد الناصر الذي حورب بكل السبل من قبل أدوات أمريكا في المنطقة بدءا من الجماعات الدينية وعلى راسهم جماعة ( الإخوان المسلمين ) مرورا بالأنظمة الثيوقراطية المتمثلة بالنظام السعودي وخلفه الكانتونات الخليجية وأيضا النظامين الأردني والمغربي وأنظم معهم في ستينيات نظام بورقيبة في تونس الذي كان أشجع الحكام العرب حين جاهر علنا بالاعتراف بالكيان الصهيوني هذا على مستوى الوطن العربي فيما كانت إيران وتركيا وباكستان من الخارطة الإسلامية تابعين لأمريكا وحلفاء للكيان الصهيوني ..أن من الصعوبة بمكان فصل العلاقة مع أمريكا عن العلاقة مع ربيبتها في المنطقة الكيان الصهيوني ..ولهذا لم يواجه الزعيم جمال عبد الناصر وخلفه حركة التحرر العربية والافريقية والاسيوية الكيان الصهيوني وحسب بل ومن خلف هذا الكيان كانت الولايات المتحدة الامريكية وأوروبا وقبلهم كانت المواجهة مع أدواتهم من الأنظمة الرجعية العربية والجماعات الإسلامية بمختلف مدارسها التي شكلت خناجر مسمومة في الخاصرة القومية العربية وكانت نكسة حزيران 1967م هي ثمرة من ثمار التأمر الرجعي العربي على القوى القومية والتقدمية العربية وعلى المشروع القومي العربي الذي مثله الزعيم الراحل جمال عبد الناصر _ رحمة الله تغشاه _ |