ريمان برس - خاص -
عملت أمريكا ومنذ خفوت مدافع الحرب الكونية الثانية التي كان الفضل بالانتصار فيها على النازية هو للاتحاد السوفييتي وليس لبريطانيا ولا لأمريكا وأوروبا أي فضل في نهاية تلك الحرب ولكنهم أي أمريكا والغرب استغلوا نفوذهم الاستعماري وفرضوا خيارات مجحفة في لقاء ( طهران ) وبعده في ( اتفاقية مالطا ) التي منحت واشنطن مكانة لا تستحقها ولكن كونها عاصمة الرأسمالية الجديدة التي ورثت مكانة بريطانيا استحوذت على مكاسب وامتيازات لا تستحقها أبرزها حضانة الأمم المتحدة والمنظمات المتفرعة عنها واعتماد الدولار كعملة دولية ولم تمر سوى بضعة أشهر حتى برزت الخلافات الأمريكية الغربية مع الاتحاد السوفييتي لتبدأ مسيرة ( الحرب الباردة ) بين القطبين الذين قسما العالم الى قسمين ثم ما لبث العالم وبرعاية أمريكية وإمبريالية أن شهد ميلاد الكيان الصهيوني الذي كانت مهمة إنشائه في قلب الوطن العربي ليكون رأس حربة للقوى الاستعمارية الغربية الأمريكية يفصل المشرق العربي عن المغرب العربي ويقصم الخارطة القومية برا بحيث غدا من المستحيل ربط الجغرافية العربية ببعضها وقبل هذا كانت القوى الاستعمارية قد أوجدت النظام الرجعي في نجد والحجاز ثم ضمت إليه مملكة حائل والقصيم والاحساء وأخيرا ضم المدينتين المقدستين عند المسلمين وهما مكة والمدينة في واقعة إجرامية تعد الأبشع في التاريخ الإنساني بعد الخديعة التي نسجتها بريطانيا لشريف مكة والمدينة ومنحهما لأسرة أل سعود ومن ثم تعويض شريف مكة والمدينة وأولاده بالأردن والعراق وسورية بناء على إتفاق استعماري مسبق قائم على تفاهمات ( سايكس _ بيكو ) وهما وزيري خارجية فرنسا وبريطانيا وكانت الخطة الاستعمارية تقضي بأن تتولى الامبراطوريتان البريطانية والفرنسية تقسيم خارطة الوطن العربي ورسم الحدود ودق أخر مسمار في نعش الدولة العثمانية وانشاء الكيان الصهيوني وقبله الكيان السعودي وتمكين الكيانين الصهيوني والسعودي من السيطرة والتحكم بالأماكن المقدسة في الوطن العربي إسلاميا ومسيحيا على حدا سوى وقد نفذت المؤامرة من قبل كل من بريطانيا وفرنسا بعيدا عن الدور الأمريكي الذي ظل بعيدا عن الأنظار إلى مرحلة ما بعد الحرب العالمية الثانية إذ بدت واشنطن بتقديم نفسها كدولة ديمقراطية تؤمن بحرية وحقوق الشعوب في الحرية والاستقلال مستبدلة الاحتلال العسكري المباشر باحتلال من نوع أخر اقتصاديا وسياسيا وثقافيا وهو الأخطر والأقل كلفة على قوى الاستعمار ؛ ومنذ 15 مايو 1948م ربطت واشنطن مصالحها وعلاقتها مع أنظمة المنطقة بمصالح الكيان الصهيوني ومن أجل ذلك ألهت مشاعر العرب والمسلمين بقضايا ثانوية لكنها ضخمتها لهم وجعلتها ذات أولوية ودفعت بماكينتها الإعلامية وعلاقتها الدبلوماسية والثقافية ومراكزها وشركاتها الاقتصادية الى التركيز على محاربة الشيوعية والنفوذ الشيوعي زارعة في عقول وقلوب وتفكير وثقافة المسلمين وبعض العرب خطورة النفوذ الشيوعي وهكذا أصبح الاتحاد السوفييتي بمثابة الشيطان الرجيم الذي استحقت المعركة ضده أهمية وأولوية تفوق أهمية مواجهة الكيان الصهيوني ومخططاته الاستيطانية والاستعمارية ..!!
ومن إيران الشاهنشاه الى تركيا أتاتورك وصولا إلى باكستان شكل الحضور الأمريكي طوقا حول الوطن العربي إضافة إلى أنظمة الرجعية العربية في الجزيرة والخليج ومعهم فاروق مصر وملوك الأردن والمغرب ونوري السعيد في العراق وكانت واشنطن ترى أن خطواتها الأولى في المنطقة قد نجحت وأن مخططها المرسوم استعماريا من قبل باريس ولندن كمكافئة لواشنطن بعد الحرب الكونية وثمن لجريمتها النووية في مدينتي ( نجازاكي وهيروشيما اليابانيتين ) واللتان كانتا بمثابة الإعلان عن ميلاد قوى إستعمارية جديدة تحل محل المحاور الاستعمارية القديمة بريطانيا _ هولندا _ فرنسا _ إيطاليا _ فرنسا _ أسبانيا _ ألمانيا _ البرتغال _ اليابان _ هذه المحاور الاستعمارية التي كانت تعبث بشعوب أسيا وافريقيا والوطن العربي تراجعت كليا مسلمة الراية لرائدة الاستعمار الحديث والمتطور أمريكا التي لم تؤمن يوما بحليف ولم ترى حلفائها المزعومين إلا مجرد زبائن وأن جنرالاتها يتمثلون فعليا بشركة جنرال موتورز وجنرال الكتريك و.. و الخ وفيما العدو الرئيسي لواشنطن والغرب وزبائنهم في العالمين العربي والإسلامي كان الاتحاد السوفييتي ودول المنظومة الاشتراكية الذين احتلوا تقريبا على كل الاهتمام العربي الإسلامي زورا وبهتانا وكانت الغاية من هذا التوجه العدائي ضد دول المنظومة الاشتراكية هو إلهاء الراي العام العربي عن مواجهات التوسع الصهيوني بل وتجاهل العرب والمسلمين التوسع الاستيطاني وتطور ونشؤ هذا الكيان في قلب الوطن العربي _ فلسطين _ وأبعد من هذا قدمت الأنظمة العربية الرجعية خدمات ومساعدات مباشرة لتوسع هذا الكيان وتثبيت وجوده على الأراضي العربية المحتلة في فلسطين حين عملت على ( السماح بهجرة الجاليات اليهودية العربية ) من أوطانها العربية الاصلية وتسهيل مهمة وصولهم إلى فلسطين تحت يافطة زائفة عنوانها ( طرد اليهود النجسين من البلاد العربية ) وبدت هذه العملية وكأنها عملية ( بطولية ) لأنظمة الخيانة والعمالة العربية بل وراح البعض من أبواق وكهنة هذه الأنظمة يتحدثون على المنابر عن شجاعة الحكام والملوك العرب الذين طردوا رعاياهم من أوطانهم إلى فلسطين ليحلوا بدلا عن الشعب العربي الفلسطيني الذين بالمقابل تم التنكيل بهم من قبل العصابات الصهيونية وارتكبت بحقهم أبشع المجازر التي فاقت كل مجازر البشر التي عرفها التاريخ الإنساني ومن بقى منهم حيا تم طردهم من قراهم ومدنهم وبيوتهم ومزارعهم الى العديد من الأقطار العربية والعالمية وكانت أمريكا في حقيقة الأمر هي الجهة الدولية الواقفة خلف هذا المخطط الاجرامي وهي من وجهت زبائنها من الحكام العرب والمسلمين للقيام بهذا العمل الإجرامي المتمثل بطرد مواطنيهم بذريعة أنهم يهود ..؟!!
يتبع |