ريمان برس - خاص -
شكلت المرحلة من عام 1980 م بداية لمرحلة جديدة مرحلة مثلت بداية لتحولات ( سلبية ) طالت المجتمع التعزي بشكل خاص والمجتمع اليمني بشكل عام برزت خلالها قيم ومفاهيم وثقافات مناقضة لكل تلك المفاهيم التي سادت خلال الفترة من عام 1962م تحديدا وحتى العام 1980م التي شهدت بداية اختراق للحركة الوطنية اليمنية بكل مسمياتها ومعتقداتها ومشاربها الفكرية والعقائدية بالمقابل وعلى مستوى الوجاهات الاجتماعية والقبلية بدأت تبرز مسميات جديدة على حساب الوجاهات الاجتماعية التقليدية المعروفة بدورها النضالي وتاريخها الوطني ودورها الاجتماعي والتي مثلت لفترة طويلة من الزمن عنوانا للحكمة والحصافة ودرء المخاطر عن مجتمعاتها وقد نتج عن اصطدام بعضها بعد قيام الثورة مع بعض مسميات الحركة الوطنية المجبولة بحماس ثوري لا يخلوا من الطيش وسوء التقدير نتائج سلبية تدفع تعز لليوم ثمن ذلك الاصطدام ..
بالنسبة للحركة الناصرية وحلفائها ولتيار الشهيد الحمدي وكل المتحمسين لحركة 13 يونيو كل هؤلاء تم التخلص منهم وتصفيتهم خلال الفترة من أكتوبر 1977م _ وحتى أكتوبر 1978م سوى تعلق الأمر بالقيادات الناصرية العقائدية والملتزمة فكرا ومنهجا وسلوكا أو بالوجاهات التقليدية من الرموز المشائخية والشخصيات الاعتبارية وكانت ( السعودية وعملائها في الداخل ) هم الفاعلين المباشرين_ وإن تعددت الطرق والسبناريوهات _ وبكل شفافية ليعيدو على أثر تلك المجازر هندسة النظام والمجتمع ورموزه وفق رغباتهم وبما يخدم مصالحهم وكانت المؤسسة القبلية التي يقودها عبد الله بن حسين الأحمر وجماعة الأخوان المسلمين هم الأدوات الرئيسية التي اعتمدت عليها السعودية في إعادة هيكلة النظام والمجتمع فيما كان يسمى حينها ( الجمهورية العربية اليمنية ) ومنذ العام 1980م كانت هناك ثلاثة أجهزة استخبارية فاعلة تنشط على الساحة الوطنية اليمنية وهي المخابرات المركزية الأمريكية والمخابرات السعودية والمخابرات العراقية التي كانت تنافس الأولى والثانية وكان هناك تواجد لأجهزة أخرى لكنها لم تكن بنشاط ولا بحضور الأجهزة الثلاثة التي سبق الإشارة إليها تصاعد أداء هذه الأجهزة الثلاثة خلال الفترة 1980_ 1990م حيث كانت أمريكا والسعودية قد تمكنتا من تأسيس لوبي مؤثر واستطاعتا استقطاب العديد من الرموز الوجاهية والسياسية في عموم الخارطة اليمنية شمالا وجنوبا وكانت تعز أقل حضا في هذا الجانب والتي بقت تحت ضغط الاستقطاب الداخلي قبليا وسلطويا ليفتح بعد عام 1990م باب الاستقطاب على مصراعيه بعد أن طورت السعودية من أدواتها وأيضا من اهتمامها إذ لم تبدأ السعودية بتوسيع نشاطها الاستخباري في الوسط التعزي إلا من عام 1990م مستخدمة جماعة الإخوان المسلمين بدرجة رئيسية وبعض الشخصيات السياسية وكان في مقدمة هؤلاء ( رشاد العليمي ) الذي بدأ حياته بسيطا ولكن بساطته كانت تخفي طموحا لا حدودا له ونرجسية لا آفاق لها ورغبة في البروز بعض النظر عن الوسائل والطريقة المهم أن يصل إلى غايته الشخصية ورغبة في طمس عقد الطفولة والفقر وحياة البساطة والتهميش التي عانى منها ولم ينسيها حتى وهو متربع على عرش السلطة ويمتلك الثروة التي لم يكن يحلم بها يوم انظم للتنظيم الناصري ليتمكن من مواصلة دراسته الجامعية وقد غادر التنظيم بعد ارتكابه لفضيحة أخلاقية شهد عليها الأستاذ عبد الغني ثابت ( الطويل ) حفظه الله ورعاه واطال بعمره فكان العقاب مباشرا منه للعليمي وطرد من التنظيم فاتجه الرجل على أثر ذلك نحو النظام محملا بمعاناة إضافية وعقد جديدة تضاف الى ما لديه من عقد ورغبات انتقامية جاعلا من ( ذاته ) إلاها يعبده ولغير ( ذاته ) ورغبته في الانتصار لعقد النقص التي يعاني منها لم يؤمن الرجل بشيء ولم يفكر بشيء غير تحقيق ذاته ورغباته في الثروة والشهرة لتبدأ معه رحلة معاناة تعز إذ كان هو رأس حربه لاختراق المجتمع التعزي والوطني لاحقا ليصبح هو رجل السعودية وحارس مصالحها وكان كل اركان النظام السابق يعرفون هذا وفي مقدمهم الرئيس ( صالح ) نفسه الذي كان يرى في ( العليمي ) رجل المهمات الصعبة حين تتعكر علاقته بالرياض ورموزها ؛ ولم يصطدم صالح بالعليمي إلا بالسنوات الأخيرة حين وجد العليمي وقد أصبح شبه منافس له وصاحب الصوت المسموع في دهاليز قصور الرياض ولدى الأمريكيين فبدت بينهما المناكفات ولكن في مرحلة لم يكن صالح قادرا فيها على لجم طموحات الرجل تماما كما عجز عن لجم طموحات علي محسن وبعد أن كانت اسراره كلها لدى السعوديين والأمريكيين على أثر ذلك بدت الخصومة تكهرب علاقة العليمي بالشيخ سلطان البركاني وكان هدف صالح التخلص من العليمي ولكن لم يعد هناك متسعا من الوقت فجات احداث 2011م لتسقط كل الأقنعة من الوجوه ..!!
في ذات السياق من المهم أن نعرف أنه وبعد قيام دولة الوحدة عام 1990م نشطت الكثير من الأجهزة الاستخبارية في اليمن وكلها نشطت بعلم ورغبة ورعاية أمريكية وأهم هذه الأجهزة كانت المخابرات السعودية في الطليعة ثم المخابرات التركية ثم المخابرات الإيرانية وكانت هذه الأجهزة الثلاثة تخوض سباق محموم في أوساط الوجاهات والنخب والفعاليات اليمنية سياسية وقبيلة وثقافية وإعلامية وعسكرية ولم تدع هذه الأجهزة طبقة اجتماعية يمنية أو شريحة اجتماعية إلا وتوغلت فيها وسعت لاستقطاب رموز منها لخدمتها وبرعاية رموز يمنية حتى أن المخابرات التركية وقبل ابرام الاتفاق الاقتصادي معها وبناء ( النصب التذكاري لجنودها المستعمرين لليمن ) وبالقرب من صنعاء القديمة ومبنى العرضي الذي شيد خلال مرحلة الاستعمار العثماني كانت قد قامت بعملية مسح ميداني ورصد وتوثيق لقرابة ( 15000 ) ألف أسرة يمنية تنحدر من أصول تركية ..؟!!
وإعادة تواصلها بهم بعلم النظام واجهزته ..فيما السعودية بدت مرحلة توجه جديدة في أنشطتها الاستخبارية وهذه المرة داخل المجتمع التعزي في أوساط وجهاء واعيان ومثقفين واعلاميين وسياسيين وبرعاية ( العليمي ) الذي لم تكن مواقفه الأخيرة غريبة ولا مثيرة للاستغراب والدهشة الا لمن لم يكن يعرف أو يدرك حقيقة الرجل وطموحه ورغباته ( العليمي ) الذي لم يخدم مواطن تعزي ولم يقدم لتعز غير الخراب لأنه لا يرى فيها الا عقد طفولته المعذبة وكثير من الذكريات المؤلمة التي لم يطمسها رغم المكانة التي وصل إليها ..؟!!
يتبع |