ريمان برس - خاص - بعد قيام دولة الوحدة اليمنية والانفتاح والتحولات الديمقراطية وجد مناخ خصب لنشاط استخباري إقليمي ودولي وانتشرت كل أجهزة الاستخبارات الدولية في اليمن وكانت أبرزها كما اسلفت المخابرات السعودية والإيرانية والتركية وبرعاية أمريكية طبعا وطالت وانتشرت ولاءات المسئولين في مفاصل السلطة اليمنية وارتبط كبار المسئولين بعلاقات خارجية وولاءات إقليمية ودولية لكن كان النصيب الأكبر لكل من السعودية وإيران وكانت تعز ولأول مرة تدخل في قائمة الاهتمامات السعودية وعبر بعض الرموز التعزية أو المحسوبين على تعز دون أن يقدموا لتعز ما تستحق من الرعاية والاهتمام حتى بما يتناسب مع نسبة ضئيلة من العوائد والمكاسب التي حققها هؤلاء الرموز حين نصبوا أنفسهم أوصيا على تعز وممثلين عنها وكان أبرز رموز السعودية في تعز هو ( رشاد العليمي ) الذي قدم للرياض خدمات فاقت كل التي قدمها أقارنه ممن نافسوه في الولاء للرياض لكن الرجل فاقهم ولاء فكان في سلطة صنعاء أكثر ولاءا للرياض ربما حتى من سفيرها وممثلها في صنعاء ..؟!!
يؤسفني القول أن ثمة قبائل ورموز قبلية يعيشون في مناطق حدودية مع المملكة عجزت المملكة بكل ثرواتها واغراءاتها من شراء ولائهم ونجد هؤلاء في الجوف ومارب وصعدة وشبوة وصنعاء وحضرموت والمهرة والغيضة وفي كل مدن وقرى ومحافظات الجمهورية هناك رموز ووجهاء وشخصيات اجتماعية وسياسية وثقافية واجهت وتواجه المشروعات الخارجية بكل مساراتها بما في ذلك المشروع السعودي وبقية المشروعات الهادفة الى تطويع إرادة الشعب اليمني ومصادرة قراره وسيادته وانتهاكها والعبث بحاضر اليمن ومستقبله ومصيره والمؤسف أن هذه الولاءات الخارجية التي تميزت بها النخب اليمنية بكل طبقاتها الاجتماعية ومشاربها السياسية والفكرية كانت هي السبب الرئيسي والأساسي الذي أو صلنا والبلاد إلى ما نحن فيه من الحروب الداخلية والتمزق الاجتماعي والعدوان والحصار والعبث بدماء الشعب وقدراته وبسيادة الوطن وكرامته وامنه واستقلاله ومن ثم أصبحنا تحت الوصاية الدولية بعد مرحلة تمهيدية استغرقت سنوات كنا نطلق عليها بدافع من غباء سنوات التحولات الديمقراطية ولكن في الواقع كانت تلك السنوات هي سنوات تمهيدية على طريق تحويل الوطن اليمني إلا ( صومال أخر ) بعد تحويل دولته إلا دولة فاشلة وهذا ما حدث فعلا فالفساد الذي مورس في اليمن خلال الفترة من 1990م _ حتى عام 2010م لم تشهده أي دولة في العالم وليس له مثيل في أي نظام من الأنظمة السياسية التي عرفها المجتمع البشري ..وهذا الفساد كان فسادا مقننا ومشرعن وله أدواته ومخارجه وأجهزته وحتى مؤسساته والمؤسف أن النظام الذي أسس لمنظومة الفساد هذه كان قد وقع اتفاقيات دولية معنية بمكافحة الفساد ومنها منظمة الشفافية الدولية التي بتقرير منها لمجلس الأمن عن فساد أي نظام موقع اتفاقيات معها تعطي لمجلس الأمن والأمم المتحدة شرعية التدخل العسكري لإسقاط هذا النظام أو ذاك الذي أخل بالتزاماته مع هذه المنظمة التي للأسف لم تكن أيضا جادة برسالته المعلنة ولكنها كانت خاضعة لرغبات وإرادات محاور النفوذ التي تستغل فساد الأنظمة المتورطة في سبيل تطويعها لخدمة مصالحها وكانت واشنطن توظف فساد النظام في اليمن من أجل مصالحها ولم تفكر يوما بالتخلص من هذا النظام إلا بعد خلاف صنعاء مع واشنطن الذي بدأ تقريبا عام 2006م ثم راحت قنوات التواصل بين صنعاء وواشنطن تضيق عاما بعد عام حتى بلغ ذروته عام 2010م بعد أن وصل النظام الى طريق مسدود مع واشنطن حول رغبة واشنطن باستخدام بعض الجزر اليمنية كقواعد عسكرية ومنها ( جزيرة سقطرى ) يؤمها رأت واشنطن الحاجة لتغير النظام الذي كانت قد قررت ومنذ العام 2005م على استبدال رأس النظام ولكنها لم تجد المسرح السياسي مهيا لمثل هذا التغير فراحت تمارس مع صنعاء سلطة ومعارضة سياسية الاحتوى المزدوج ؛ فقد تعمدت توقيع اتفاقيات مكافحة الإرهاب مع صنعاء رابطة مساعداتها لصنعاء بالتزام النظام بتطبيق كل نصوص تلك الاتفاقيات في ذات الوقت الذي راحت فيه واشنطن تنشط عبر سفاراتها ومعاهدها وأجهزتها الاستخبارية وخاصة ( وكالة التنمية الدولية ) التي لم تكن إلا أحدى أذرع جهاز المخابرات المركزية الأمريكية ومهمتها تجنيد العملاء واستقطابهم من داخل مفاصل النظام وخارجه ومن أوساط النخب السياسية والثقافية وحتى القبلية لدرجة أن السفير الأمريكي في صنعاء ومنذ العام 1990م حتى عام 2011م بل الى عام 2012م كان يسافر من محافظة إلى محافظة ومن قبيلة إلى قبيلة دون علم الخارجية أو استئذان بحسب القواعد الدبلوماسية التي لم يحترمها ولم يلتزم بها أي سفير أمريكي في صنعاء ..!!
سنوات بل وعقود لمرحلة ما بعد الوحدة اليمنية كانت النخب اليمنية تتسابق في لقاء السفراء وزيارات السفارات والقنصليات والمنظمات والمعاهد الإقليمية والدولية وكان النظام السياسي يدرك كل هذه الحقائق للأسف ويشجعها بل كان النظام السياسي لا يقرب إليه ولا يعين إلا من له ارتباط بجهات خارجية وله علاقات مع السفارات والأنظمة الخارجية حتى أني كتب ذات يوم مؤغل مقالا بهذا الخصوص وقلت فيه ( أن في اليمن نظام سياسي يشجع وبقرار رسمي العمالة والارتباطات بالجهات الخارجية ) وكان هذا قبل العام 2006م ولا زلت محتفظ بأرشيفي بهذا المقال ومقالات أخرى عدة كانت تصب في ذات التوجه بل حتى على مستوى الصحافيين كان النظام لا يقرب ولا يعتمد الا من كانت لهم علاقات خارجية بما في ذلك اعتماد بعض المراسلين ومن ثم توظيف كل هؤلاء بحسب قناعات النظام لخدمته وخدمة مصالحه وهذا اتضح لاحقا زيفه وانقلب كل الذين قربهم النظام عليه وفي مقدمتهم من كان الكل يصفهم بالأكثر قربا من ( صالح ) نموذج ( العليمي والشائف ) وأخرين كثر سيأتي ذكرهم لا حقا فنحن في سيرة وانفتحت ..؟!! |