ريمان برس - خاص -
بعد عام 1990م راحت السعودية تنشط في الوسط التعزي تحديدا وفق استراتيجية استخبارية جديدة بعد أن ايقنت أن عملائها ورجالها في نطاق مناطق شمال الشمال لم يعد الركون عليهم مجديا أو الرهان عليهم بعد أن شعرت بأن ثمة تمرد برزا من قبل جيل الجديد من أبناء الحلفاء التقليديين لها خاصة أولئك الذين شاركها آبائهم موقفها من ثورة 26 سبتمبر جيل رفدته الثورة الإسلامية في إيران بقيم ورؤى وقناعات تتناقض كليا مع رغبات الرياض وأهدافها فكانت ( تعز ) هي المسرح الجديد للمخابرات السعودية وعن طريق اغراءات مادية ومعنوية وعبر رموز من أمثال ( رشاد العليمي ) الذي لم يكن مجرد حليف لنظام ال سعود ولا مجرد تابع كغيره من الإتباع والمرتزقة بل راهن الرجل على النظام السعودي من خلال ارتباطه الوثيق مع الامير محمد بن نائف تحديدا وتوطدت هذه العلاقة كما اسلفت في حلقة سابقة ليصبح ( العليمي ) في صنعاء أكثر ولاء للرياض من سفيرها ..!!
كانت اليمن قد شهدت احداث مؤلمة من عام 1977م وحتى العام 1986م وكانت تلك الأحداث جزءا من أحداث قومية ودولية تمثلت بزيارة السادات للقدس المحتلة وتوقيع اتفاق( كمب ديفيد ) ثم اعلان المقاطعة العربية لمصر ونقل جامعة الدول العربية من القاهرة إلى تونس ، وقد تزامنت هذه الأحداث مع قيام الثورة الإسلامية في إيران وانقلاب ( جهيمان العتيبي ) في السعودية ثم اندلاع الحرب العراقية _ الإيرانية والغزو الصهيوني للبنان واحتلال العاصمة بيروت وقد أثرت كل هذه الأحداث على الواقع السياسي اليمني وقد استغل النظام السياسي في صنعاء _ حينها _ كل هذه الأحداث لتعزيز قبضته على مفاصل السلطة من خلال تطويع الفعاليات والأحزاب السياسية وتضييق الخناق على تلك الفعاليات التي قاومت التطويع والمتمثلة( بالحركة الناصرية والماركسيين ) التياران اللذان كانا يشكلان قلقا على النظام وعلى النفوذ السعودي والأمريكي في اليمن خاصتا أن التيارين كانت لهما أجنحة عسكرية تتمثل ب ( حركة 13 يونيو للقوى الشعبية ) وكانت تتبع الحركة الناصرية و( الجبهة الوطنية الديمقراطية ) وكانت تابعة لقوى اليسار الماركسي ، وكانت الجبهتان قد توحدنا في مواجهة ما أطلق عليه( بالجبهة الإسلامية ) التي شكلها الإخوان المسلمين برعاية النظام وبدعم وتمويل سعودي ومباركة أمريكية ، وكانت السعودية تعد هي الحاضرة دوما في كل هذه الأحداث اليمنية وتكاد تكون هي ( عرابتها ) وكانت جماعة الإخوان المسلمين قد حلت منذ الانقلاب الناصري عام،1978م في كل مفاصل الدولة وأجهزتها وبرعاية قبلية واوامر سعودية ..؟!
بعد أحداث 13 ينائر في جنوب الوطن الذي لم تكن بعيدة عنه ولا الرياض التي كانت حاضرة في تلك الأحداث وبقوة ، كان النظام في صنعاء يحاول من خلال رأس النظام التقرب أكثر من ( بغداد ) على حساب الرياض وفي ذلك العام تحديدا اي عام 1986م حاول الرئيس صالح ولأول مرة التعامل الندي مع الرياض بعد سلسلة من الأحداث التي سعى من خلالها صالح لتقليم اظافر رموزها في صنعاء من الدرجة الثانية امثال ( الاصنج ) و ( خميس ) وآخرين من مختلف الأوساط باقيا على بعض عملائها ممن كان يعتبرهم صالح اوفياء معه وينفذون توجيهاته فيما يتعلق بكل رغبات ومطالب الرياض منه ..؟!
وكانت الرياض على علم واطلاع بكل ما يحرك رغبات النظام الذي كان يحاول اللعب بكل الأوراق الرابحة وخاصة مع واشنطن ولندن دون أن يتوقف عن استهداف مكونات الحركة الوطنية وتمييع دورها ورسالتها وضربها ببعضها وتمزيق مكوناتها وتطويعها لتنشط لخدمته بعيدا عن دورها الوطني والقومي والإنساني . !!
ظلت لعبة ( القط والفار ) في جدلية العلاقة اليمنية _ السعودية تمارس خلف الأقنعة حتى العام 1994م وهو العام الذي كانت فيه الكثير من المحاور والأطراف الخارجية ومنها السعودية وامريكا على قناعة بضرورة تغيير رموز النظام السياسي في اليمن وكان هناك رغبة سعودية عارمة بعقاب الرئيس السابق ونظامه السياسي وكل الشعب على الموقف الشعبي الذي اتخذه الشعب اليمني من الغزو العراقي للكويت ورد الفعل الشعبي على تدخل القوات الأمريكية في عملية تحرير الكويت وتدمير العراق والأمة العربية ، هذا في السياق العام فيما يتعلق بالسياق الخاص فقد لعب النظام في صنعاء على ورقة ( ترسيم الحدود ) وهي الورقة التي استخدمها النظام في صنعاء لإعادة جسور المودة مع الرياض وان كانت هشة إضافة إلى الدور الذي لعبه عملاء السعودية في صنعاء وعلى رأسهم عبد الله الأحمر وآخرين فيما الجانب الأهم والمسبب بعودة جسور التواصل كان بروز جماعة تطلق على نفسها جماعة ( الشباب المؤمن ) وينتمي أبرز رموزها المؤسسين إلى مناطق حدودية بين اليمن والسعودية ، وتحمل الجماعة قيم ومعتقدات مناهضة للنفوذ الرجعي السعودي ولكل معتقداته ورافضة بشكل مطلق أي تبعية أو ارتهان لهذا المحور ..؟!
حدث هذا فيما كانت ( تعز ) تشهد حالات اختراق غير مسبوق لكل قيمها ورسالتها ودورها الثقافي والحضاري فيما كانت الرياض تبتعد عن حلفائها التقليدين والتاريخين وتتجه جنوبا وتحديدا نحو ( تعز ) البؤرة( الملعونة )في معتقدات الرياض وثقافتها السياسية لكن فشل حلفائها التقليدين في شمال الشمال وانتهازيتهم وابتزازهم وعدم مصداقيتهم معها والتغطية على بعظهم كل هذه العوامل دفعت الرياض نحو اختراق المجتمع التعزي بدعم وتشجيع من عملائها الذين كانت قد تمكنت من استقطابهم خلال المراحل الماضية الموزعة بين مرحلتي التشطير ومرحلة الوحدة ..؟!
يتبع |