ريمان برس - خاص -
من المهم الإشارة إلا أن اختراق المجتمع التعزي تم على مراحل ولكل مرحلة نتائجها وقد بدت المرحلة الأولى لتطويع تعز عام 1967م ورغم ذلك ظلت تعز برموزها ونخبها وشيوخها واعيانها في مقاومة هذا الاختراق ( السعودي ) تحديدا بكل ما تحمل السعودية من ضغائن واحقاد على هذه المحافظة وترى فيها ( بؤرة التحولات الثورية ومصدرها ) وقلعة شامخة لمقاومة مخططات الرجعية والاستعمار وأدواتهما حتى أن هذه المحافظة كانت دوما ترفض وتلفظ أبنائها إذا ما حاولوا التقرب من قوى الرجعية والاستعمار وأدواتهما وفيما كانت تعز تقاوم رموز التخلف والرجعية _ المحلين _ كانت بذات الوقت تقاوم ذات التيار الخارجي القادم من المحيطين الإقليمي والدولي ؛ وقد أدركت القوى الرجعية حقيقة تعز وهويتها الثقافية والفكرية وتوجهاتها السياسية وتطلعاتها لبناء وطن معتز بسيادته وكرامته وحريته واستقلاله ودولة قوية تحقق للوطن وحدته واستقلاله وللشعب الحرية والعدالة والمواطنة المتساوية ؛ وكل هذه التطلعات كانت تصطدم بمخططات القوى الرجعية داخليا وخارجيا وحلفائها الدوليين وفي المقدمة كانت ( بريطانيا وأمريكا ) ..!!
وكعقاب لتعز التي انطلقت منها شرارة الثورة اليمنية سبتمبر 1962م واكتوبر 1963م تعز التي احتضنت رموز الحركة الثورية اليمنية والرموز الوطنية من شطري الوطن حينها الرافضين لنظامي الإمامة والاستعمار والرفضين للمحاور الرجعية والاستعمارية وقدمت لذلك كل القدرات المادية والمعنوية وقوافل من الشهداء وهم خيرة أبناء محافظة تعز الذين قدموا أرواحهم رخيصة من أجل عزة وكرامة الانسان اليمني ومن اجل حرية واستقلال اليمن؛ كان ثمة مخطط يستهدف هذه المحافظة ويسعى إلى تطويعها واحتوى إرادة وتطلعات أبنائها ورموزها ووجهائها واعيانها ونخبها بمختلف مشاربهم الفكرية ومعتقداتهم السياسية وشكل العام 1967 م بداية تنفيذ المخطط الرجعي الاستعماري لتطويع واحتوى إرادة النخب التعزية عبر سلسلة من المخططات والسيناريوهات التأمرية بدءا بدق ( أسفين ) بين تلك النخب متعددة المدارس الفكرية والسياسية والمتمثلة بالتيارين القوميين ( الناصرين والبعث ) ثم بينهما معا وبين تيار اليسار ( الماركسي ) وقد خدم صراع هذه التيارات الثلاثة مخطط القوى الرجعية والاستعمارية بصورة كبيرة ولولاء صراع هذه التيارات فيما بينها لما كانت 5 نوفمبر 1967م التي جاءت قبل 25 يوما من 30 نوفمبر 1967م الذي اعلن فيه استقلال الشطر الجنوبي ورحيل أخر جندي بريطاني من أرض الجنوب فقد حدث 5 نوفمبر ومن بعده 30 نوفمبر تلبية لرغبة استعمارية رجعية في سياق تفاهم دولي بعد أن عملت القوى الرجعية الداخلية والخارجية ممثلة بالنظام السعودي _ الأردني _ الإيراني _ وحتى الصهيوني على إيصال الأزمة اليمنية والصراع اليمني _ اليمني الى تلك الصورة التي عرفها الشعب اليمني والعالم خلال الفترة 5 نوفمبر _ 30 نوفمبر 1967م .. !!
ورغم فداحة ذلك المخطط وتداعياته على تعز ونخبها إلا أن تعز ظلت تشكل عقدة في أمام المخطط الرجعي الاستعماري ومشروعهما في اليمن لتجد تعز نفسها أكثر حضورا على المشهد السياسي رغم التضحيات الجسيمة التي قدمتها خلال الفترة من نوفمبر 1967م وحتى يونيو 1974م حين قامت حركة 13 يونيو وبدت تعز وكأنها انتصرت لمشروعها الوطني رغم الخلافات القائمة بين مختلف مدارسها الفكرية والسياسية التي شهدتها ولا تزل تشهدها تعز حتى اليوم رغم الفارق بين خلاف الأمس التعزي الذي دام بين رموزها من عام 1962م حتى عام 1990م فالمرحلة الأولى تميز الخلاف بين النخب التعزية المتعددة المدارس والأفكار على الوطن والمشروع الوطني والهوية الوطنية ومصالح الوطن والشعب ؛ فيما المرحلة الثانية التي انطلقت عام 1990م تميزت خلافاتها بخلاف الأركسة أو الانتكاسة واصبح الخلاف يعبر عن مصالح ( ذاتية ) بمعزل عن المصلحة الوطنية إلا فيما ندر وفيما رحم ربي الذي تعبر عنه قوى محدودة تتأمل ما يجري بقهر وحسرة وغير قادرة على ايقاظ العقول المستلبة من سباتها وجيل أخر ليس في وجدانه غير رغبات ثأرية ونزوع نحو الانتقام بغض النظر عن الوطن والشعب ومصالحهما وما قد يلحق بهما من اضرار كارثية وهذا يمكن استخلاصه من نتائج احداث 2011م وما تلاها من نكبات أوصلتنا إلا ما نحن فيه اليوم .!!
يقال أن الموقع الجغرافي لأي بلاد يمكن أن يكون ( نعمة ) على البلد أن تميزت نخبها بالوعي والإدراك وتقدير لموقعهم ومكانتهم ؛ ويمكن أن يصبح الموقع هذا ( نقمة ولعنة ) يجلب كل المصائب والكوارث والنكبات ويجعل البلد في مهب رياح الاطماع والتدخلات والصراعات الإقليمية والدولية وهذا ينطبق على اليمن عموما وعلى تعز خصوصا .. تعز التي تمتلك عقول وكوادر مؤهلة ويجب إفراغ هذه العقول من كل معتقداتها وتطويعها لتكون جزءا من مقتنيات ( أسواق النخاسة السياسية ) .. وموقع تشرف عليه تعز يجب السيطرة عليه ؛ والمؤسف أن ثمة نخب في تعز اليوم لم تعد تدرك هذه الحقائق بعد أن اصابته ( الأركسة الفكرية ) وبالتالي أصبح كل هم هذه النخب الانتصار ( لذاتها ) شعورا منها بالقهر وردا على معاناة عشتها وهي المعاناة التي لم ترى فيها هذه النخب بانها جزءا من ثمن انتمائها الوطني يجب أن تدفعه دون من أو كفر بنضال وطني لا شك إنه شاق وطويل ويحتاج لتضحيات جسيمة وكبيرة لا يجب أن تفكر بحجمه ولا بمقدرا التضحيات التي قدمتها وستقدمها من اجل الانتصار لخياراتها الوطنية ؛ النخب التعزية اليوم غير تلك النخب التي قدمت اغلى التضحيات من اجل الانتصار للوطن والدولة والثورة والجمهورية والوحدة وكل التحولات الحضارية ؛ نخب تعز غارقة في همها ( الذاتي ) وفي البحث عن ( مصالحها الخاصة ) ومكاسب قد تجنيها من هنا وهناك لا يهم من أين ستأتي هذه المكاسب المهم عندها ان تتحقق هذه المكاسب ؛ تعز اليوم مع الاحتفاظ بالألقاب ليس فيها عبد الغني مطهر ولا عبد الغني علي ولا هائل سعيد ولا عبد الله وعلى عثمان ولا محمد علي عثمان ولا عبد الرحمن قاسم ولا قاسم بجأش ولا منصور شائف ولا عبد الحق الاغبري ولا علي عبد الجليل العبسي ولا طه مقبل ولا بكيل هاشم ولا فيها النعمان ولا عبد الرقيب ولا الوحش ولا عبد الفتاح ولا عيسى ولا عبد السلام ولا عبده عبد الله قاسم ولا فيها عبود ولا عبد القادر سعيد ولا احمد سيف ولا محمود عبد الحميد ؛ ولا إبراهيم حاميم ولا الاصبحي ولا القرشي ولا المعمري ولا الذبحاني ولا البركاني ولا عبد الله عبد العالم الذي يعيش في المنفى مجبرا بفعل ضخامة المؤامرة وشيطنة المتأمرين ولا الهياجم ولا عبد القادر سعيد ولا سلطان احمد عمر ولا عبد الرقيب الحربي ولا محمد إبراهيم ولا عبده نعمان عطاء ولا عبد الله الحكيمي ولا احمد عبده ناشر ولا عبد الله عبد الإله الاغبري ولا عبد العزيز عبد الغني ولا ..ولا ..ولا .. ولا.. وهناك الاف من رموز تعز وحكمائها ووجهائها لا تسعفني ذاكرتي الان لذكرهم استطاعوا ان يحافظوا على هوية تعز الوطنية والقومية والثورية وأن يحافظوا على نقاء تعز ومسيرتها رغم الخلاف والتناحر فيما بين أبنائها إلا أن هناك من استطاع ان يبقي تعز نقية ونخبها بعيدة عن أسواق النخاسة السياسية الذي لم تعرفه تعز وبهذا السفور والشفافية إلا مؤخرا ولهذا يضع البعض الكثير من الأسباب والدوافع على قاعدة الضرورات تبيح المحظورات وكل هذه المبررات لا جدوى منها ولا يمكن قبولها أيا كانت غايتها لان الوسائل يجب ان ترتقي شرفا مع غايتها وكل وسيلة غايتها تحقيق مصلحة ذاتية هي وسيلة انتهازية لا تحقق لصاحبها مجدا وان نال رغباته وحقق غايته .
يتبع |