الرئيسية  |  الاتصال بنا  |  فيس بوك
الإثنين, 27-يوليو-2020
ريمان برس - خاص -

تميزت محافظة ( تعز ) بالكثير من الخصائص والمميزات التي حباها الله بها فكانت هذه الخصائص في أوقات كثيرة تمثل واحدة من افضل نعم الله على تعز وابنائها وفي بعض الأوقات التي تفقد فيها مرجعياتها تتحول هذه الخصائص والمميزات إلى ( نقمة ) تدفع تعز وابنائها ثمنها باهضا ولم تبراء منها إلا بعودة وعي رموزها وبروز شخصية قيادية ذات قابلية ومصداقية في الوسط التعزي مستوعبة دور ومكانة تعز ورسالتها واهمية دورها الوطني ..من أبرز هذه الخصائص والمميزات لتعز هو موقعها الجغرافي الذي يربط بين نطاقين وطنيين هما شبه متنافرين على مر التاريخ ولم يعرفان الانسجام بينهما لعوامل تاريخية وثقافية مكتسبة وكانت تعز دوما هي حلقة الوصل بينهما وهي النقطة المحورية الجامعة لهما والمقربة بينهما والحاملة دوما لردود افعالهما الغاضبة غالبا إذ أن كل الاحداث التاريخية التي شهدتها اليمن شمالا وجنوبا وحتى الاحداث الأخيرة التي شهدتها اليمن بعد الوحدة كانت تعز دائما هي المشجب الذي يعلق عليه الطرفان اخطائهما وإليها توجه السهام من صنعاء وعدن ولها الاتهامات تكال من الاتجاهين وتتقبل تعز نزقهما هذا بكل مسئولية لإدراكها بهويتها الوطنية وبدورها ورسالتها الحضارية والوطنية والتاريخية .
كما تميزت تعز بموقعها الجغرافي الذي يطل على أهم مضيق مائي وممر للتجارة الدولية وهو مضيق باب المندب عبر ومديرية المخاء التي كانت لقرون طويلة هي بوابة اليمن ونافذته الخارجية التي يطل من خلالها على العالم وقد نالت المخاء شهرة وصيت دوليين كميناء لتصدير البن اليمني وغدت عبارة ( كوفي مكا ) الأكثر شهرة وحضور في الذاكرة الدولية من اسم اليمن ذاته ..
وخلال مرحلة الاستبداد الاستعماري وظلامية العهد الإمامي وتخلفه حمل أبناء تعز همومهم واحلامهم وطافوا بها كل اقطار الدنيا تقريبا من افريقيا واسيا الى أوروبا والامريكيتين وفيما كان العالم يجهل موقع اليمن ووجودها باستثناء المستعمر البريطاني كان أبناء تعز بمثابة السفراء غير الرسميين الذي حملوا على كاهلهم مهمة تعريف العالم بوطنهم ومن خلالهم عرف العالم اليمن واهميتها وموقعها على الخارطة وما يجري فيها ..وقد تميز القرن العشرين بتحولات حضارية نوعية تحققت في تعز على أيدي أبنائها الذين جعلوا منها أيقونة التحولات الحضارية الوطنية وينبوع الثقافة والفكر والتقدم الاجتماعي والتنموي والصناعي ولتبدأ من تعز حركة التنمية الاقتصادية المنظمة ومسيرة التنوير الثقافي والفكري والتقدم الاجتماعي وعلى يد كوكبة من أبنائها الذين غادروا قراهم ذات يوم باتجاه شواطئ عدن المستعمرة البريطانية _ حينها_ قادمين من قراهم التي كانت إما في كنف ( المستعمر العثماني ) أو تحت ( وصاية واستعمار النظام الإمامي ) إذ لم يكن هناك فرق لدى أبن تعز _يؤمها _ بين مستعمر يحكم من ( لندن ) أو مستعمر يحكم ( صنعاء ) أو يحكم من ( إسطنبول ) فجميعهم يحملون كرابيج القهر وسياط الاستبداد وصولجانات الطغاة وأن تعددت مسمياتهم ولغتهم وتنوعت وسائلهم لكن هدفهم جميعا كان واحدا وهو ممارسة ( القهر والاستبداد ) على الشعب وبهذا الشعور والمشاعر غادر أبناء تعز قراهم تاركين اهل واسر لينتشروا في اصقاع الأرض طلبا للرزق الشريف ولحياة حرة كريمة ولمستقبل افضل لأسرهم وفعلا نجحوا أولئك الرجال الأوائل في تحقيق تطلعاتهم بل وتمكنوا ليس من تحقيق تطلعاتهم الخاصة والارتقاء بمستوى حياتهم الاسرية اجتماعيا وثقافيا واقتصاديا بل تمكنوا من زراعة بذرة التغير الاجتماعي الشامل لكل الوطن اليمني وبفضل من الله وتوفيقه وإرادة أولئك الرجال الذين نحتوا أسمائهم على ذاكرة الوطن والمواطن وصفحات التاريخ الخالدة انطلقت عجلة التغير الاجتماعي وكما كان أبناء تعز سفراء لوطنهم لدى شعوب العالم كانوا أيضا حملة مشاعل التنوير الحضاري والتقدم الذي بلغه العالم في غفلة منا فنقلوا منها ما استطاعوا وبها انطلقوا في رحلة ومسيرة التقدم الاجتماعي الوطني فكان المرحوم السفاري واسرته وشاهر سيف الاصنج ومحمد سيف ثابت وخالد الذكر المرحوم هائل سعيد أنعم والحاج علي محمد سعيد أنعم _ اطال الله بعمره _ وأمين قاسم سلطان الشميري ودرهم العبسي والغنامي واخوان ثابت وعبد الجليل ردمان واحمد عبده ناشر العريقي وعبد الغني مطهر والمرحوم الحاج عبد القوي عثمان الاغبري وعبد الرحيم مطهر وعبد الغني علي والحروي والحيقي والدبعي والعريقي والصلوي والسامعي والاثوري والمقطري والعامري والمعمري والحمادي والاغبري والشميري والحريبي والقدسي والحمادي والقباطي والعبسي والمعبقي والمقبني والماوي والموزعي والمشولي والدبعي والزيلعي ومحمد طه ناجي وهزاع طه ناجيي واخوانهما وشاهر عبد الحق وقحطان ناجي وشاهر محمد سالم العريقي وعبد الحق سعيد وعبد التواب سعيد والشرعبي والحوباني والشيباني والراسني والقرشي والعليمي والزبيري والنبهاني والوهباني والمخلافي والبركاني والحكيميي والصبري والجندي والخديري والشوافي والحبشي وبرزا رجال اعمال عصامين من كل قرى وعزل ومديريات تعز كرجال اعمال وضعوا أولى مداميك التحولات الصناعية ومعهم برزا حملة الفكر والثقافة فكان فيهم السياسي والمثقف والاديب والشاعر والروائي والصحفي والأستاذ والطبيب وكل هؤلاء بنوا أمجادهم من الصفر ونال الوطن بهم الكثير من عوامل التقدم والازدهار كما برزا قادة التنوير الثقافي والديني من تعز بما فيهم مؤسسي الأحزاب والحركة الوطنية وهكذا تحولت تعز الى قبلة يستوطنها كل دعاة وعشاق التحرر الوطني الحالمين بالانعتاق من قبضة الاستعمار وتخلف الإمامة وعبودية الاقطاع القبلي والديني ..
بيد أن أي متأمل محايد ومؤرخ منصف إذا ما توقف أمام تاريخ محافظة تعز وابنائها سيجد نفسه أما محافظة استثنائية اكتسبت عوامل التقدم الحضاري بعصامية وبأراده أبنائها ورموزها ومن ثم جعلت من نفسها شعلة متقدة تنير بنورها سماء الوطن وطرق مواطنية وتقدم التضحيات الجسام دون من أو نرجسية مؤمنة بدورها ورسالتها الحضارية والوطنية ..
الأمر الذي جعل تعز محل استهداف وحقد لدى البعض ممن يعتبرون تعز وابنائها سبب ضياع أمجادهم ونفوذهم فيما هناك من يرى في تعز وابنائها مصدر ازعاج لنفوذهم ومقلق لمكانتهم ولهذا واجهت تعز سلسلة لا تنتهي من المؤامرات بدءا من استخدام البعض ومنذ وقت مبكر التباين الفكري بين أبناء تعز ليدفعهم لصراع ذاتي فيما بينهم وعلى طريقة فرق تسد وهذا ما قالته ذات يوم شخصية سياسية كبيرة لرمز من رموز تعز ( الحمد لله الذي فرق بينكم أبناء تعز وشتت شملكم وإلا كنتم لتخرجونا من البلاد حفاة ) ؟ قول غير صحيح طبعا ولكنه يعكس تفكير باطني لدى البعض ممن اتخذوا من تعز مشجب يعلقوا عليه كل الأخطاء التي يرتكبوها ويرتكبها الاخرين ..
أن أبرز مشكلة فعلية نواجهها في اليمن هي مشكلة طمس الحقائق وتحريفها والتفنن في تزويرها ثم تلك النزعة المفرطة بالأنانية التي يتعامل بها البعض الذين يسعون لتجاهل جهود الاخرين والإيغال في هذا السلوك بل ويوظفون كل القدرات لتهميش جهود الأخر والتنكر لهم حد السخرية ..
وثمة قناعة توطدت عندي عبر مسيرة مهنية طويلة التقيت فيها بالعديد من رموز 26 سبتمبر و14 أكتوبر واستخلصت من كل هذه اللقاءات إنه لولاء تعز ورموز تعز لما كنا عرفنا سبتمبر واكتوبر ولا قامت ثورة يمنية هذا لا يعني أن لا مكان للأخرين بالعكس ولكن تعز كانت الحاضنة ومحطة الانطلاقة ونقطة الدعم والاسناد وقدم أبنائها ورموزها ورجالها كل التضحيات المادية والمعنوية ويكفي أن رجل اعمال من تعز هو الأستاذ المرحوم عبد الغني مطهر انفق كل ثروته من اجل الثورة ويكفي أن المرحوم احمد عبده ناشر العريقي قدم ما لم يقدمه غيره من اجل الثورة والدولة وحين كان جالسا أمام دكانه صباح ذات يوم بعد الثورة مر امامه احد رموز العهد البائد وخاطبه متهجما ها ( يا عريقي ماذا فعلت لك الثورة ؟ ها أنت قاعد ترحم الله )؟!
فتخيلوا ماذا كان رد الحاج احمد عبده ناشر ؟ رد قائلا للمتسائل الساخر ( يكفينا أرى طلاب المدارس وهم يذهبون لمدارسهم صباحا ويعودون منها عند الظهيرة فهذا المنظر هو كل ما كنت أتمنى رؤيته في وطني ) .. والفرق بين تعز وبقية المحافظات هو تماما كالفرق بين السائل والمجيب ..؟!
اليوم أنا سأطرح سؤالا ارجو الإجابة عليه من الجميع في قرارة أنفسهم رغم التحولات الزمنية والحضارية التي شهدتها البلاد خلال سبعة عقود من الزمن ؛ وأقول ماذا لو توحدت تعز وقررت ان تنفصل عن الجنوب والشمال ؟ وتقيم لنفسها كيانا سياديا ولديها كل مقومات الكيان المستقل ؟ مع العلم أن مساحة تعز أكبر من مساحة دولة عربية مستقلة شغلت العالم هي ( لبنان ) ..؟!!
لكل ما سلف اعود وأقول أن المؤامرات على تعز لن تنتهي إلا بصحوة أبناء تعز والحوار والتفاهم والتوافق والاتفاق فيما بينهم ؛ وعلى أبناء تعز أن يعيدوا النظر ليس بتاريخهم ومواقف رموزهم وتضحياتهم بل أن يعيدوا النظر بحقيقة مواقفهم وسلوكياتهم فيما بينهم أن أرادو الاخر يحترمهم ويهاب مواقفهم ويقدر تضحياتهم .
تنويه :
هذه الحلقة كان يفترض أن تحمل الرقم ( 1) ولكن حدث ما حدث وعليه أرجو تقبلها من القارئ الكريم وسيأتي ما حمله عنوان الحلقات في سياق الحلقات القادمة فأرجو ان لا تملوا هذا من ناحية ومن الأخرى أحب التأكيد أن ما حملته هذه الحلقات وما ستحمله الحلقات القادمة من رؤى ومواقف لم تعد مجرد رؤى سياسية أو صحفية عابرة لكن وأقولها بصدق ومسئولية فأن كل ما حملته هذه الحلقات هو تعبيرا عن قناعة ترسخت في وجداني وتحديدا خلال الفترة من 2011م_ وحتى اليوم _ إذ لم تكن هذه القناعة راسخة في وجداني قبل عام 2011م لكن الاحداث التي عشتها ومرت بها البلاد وهذا الصراع الدامي والعدوان والدمار والخراب والأركسة الفكرية التي اصابت غالبية النخب كل هذا ولد عندي شعورا ها انا اعبر عنه من خلال هذه الحلقات والله على ما أقول شاهدا ووكيلا وهو المعين والمستعان .
الكاتب

أضف تعليقاً على هذا الخبر
ارسل هذا الخبر
تعليق
إرسل الخبر
إطبع الخبر
RSS

مختارات
جميع حقوق النشر محفوظة 2025 لـ(ï؟½ï؟½ï؟½ï؟½ï؟½ ï؟½ï؟½ï؟½)