ريمان برس_ خاص -
أتذكر العام 1993م كان عاما حافلا بالأحداث والتداعيات السياسية وكان النائب سلطان السامعي _ حينها _ هو نجم وسائل الإعلام المحلية والعربية والدولية .. كيف لا وهو الشخصية السياسية الأكثر إثارة للجدل بعد واقعة 9 ديسمبر 1992م وهي الواقعة التي استهدفت حياة النائب سلطان السامعي ولم يتردد النظام يومها في توجيه أطقمه ومدرعاته لتطويق منزل النائب السامعي في مدينة تعز ومحاولة اقتحام المنزل واعتقال النائب والتهمة جاهزة .. وقد جاءت هذه الواقعة بعد سلسلة محاولات اغتيال تعرض لها النائب سلطان السامعي ربما أخطرها هي تلك التي حدثت وهو مارا بسيارته من أحدى نقاط الشرطة العسكرية بمنطقة الحوبان حين صعد إليه وبجواره أحد أفراد الشرطة وحاول اغتيال النائب داخل سيارته وبين مرافقيه الذين كانوا معه بالسيارة ..؟!!
والحقيقة لم يكن سلطان في تلك الأيام مطلوب رأسه لمجرد إنه معارض للنظام ويكشف أوراق الفساد والفاسدين بل كان هناك قضية أعمق وأخطر قائمة بين شركاء الوحدة ( المؤتمر و الاشتراكي ) ومع تفاقم الخلافات الداخلية بين الشركاء تفاقمت في طريقهم أيضا الخلافات الإقليمية ورؤية كل طرف للعلاقات العربية والإقليمية لتنسحب قضية حرب الخليج والعراق والكويت على خلافات الشركاء وتزيد من تعميقها إضافة إلى علاقة دولية أخرى القت بظلالها هي الأخرى على قناعات ومواقف الشركاء فكان عامي 1992_ و1993م وكأنهما عامي إعادة النظر بعلاقات ومواقف شركاء السلطة والوحدة بعضهما وبالمنظومة الخارجية حدث هذا في غياب أي مشروع وطني لدولة الوحدة التي قامت بتفاهم شخصيتان هما الرئيس صالح والنائب البض ولم يكن هناك دورا للمؤسسات السيادية الفاعلة الحاضنة لكل المنجزات الدستورية والحضارية _ افتراضا _ في تلك الأثناء كانت طروحات سلطان السامعي الجريئة والشجاعة تواجه بغضب جزءا كبيرا من النظام وبرضاء متحفظ من الجزء الأخر الذي كان يرى في طروحات سلطان احراجا لشريكه رغم إنه كان هو الأخر يتحفظ بقرارات نفسه من طروحات سلطان ورؤيته في إدارة الدولة وتصحيح مسار الوحدة ؛ إذ كان سلطان السامعي يريد نقل الوحدة من وحدة ثنائية بين زعيمين وشخصيتين الى وحدة وطنية صادقة وجادة قائمة بين دولتين وشعب واحد عاد الى وضعه الطبيعي لكن هناك وضع مكتسب فرضته عوامل التشطير والتمزق يجب مراعاته وبالتالي يجب أن تكون الوحدة راسخة وقائمة على أسس قوية يصعب اختراقها في أول اختلاف بين الشركاء الموقعين عليها ؛ بمعنى كانت رؤية النائب سلطان السامعي للوحدة هو أن تكون هناك وحدة سياسية واجتماعية وثقافية وعادلة تؤسس لدولة النظام والقانون والمواطنة المتساوية وجيش وطني واحد يؤمن بحماية الثورة والوحدة والسيادة الوطنية وجهاز أمني قوي وموحد يدين بالولاء للجمهورية والوطن والشعب وليس لأفراد أو زعامات مهما كانت مكانتهم .
كان سلطان السامعي أول من دق جرس الأنذار وأول من وجه النقد للنظام السياسي وكان يؤمها يطلق عليه _ النقد الجارح _ لجرأة سلطان السامعي بطرحة الانتقادي الذي وجهه لكل أجهزة الدولة دون استثناء ولم يسلم من نقده لا قضاء ولا نيابات ولا أجهزة أمنية ولا جيش ولا أدارة وكان يؤمها النظام بشقيه يرى طروحات سلطان السامعي بأنها خارجة عن المألوف ..وكانت غالبية الصحف يؤمها تتهافت على مقالات الشيخ سلطان السامعي لنشرها بما في ذلك صحف ومطبوعات شبه رسمية لما فيها من جرأة بالطرح وقوة الحجة والدليل ؛ فأنتقد سلطان القضاء بكل سلطاته ودرجاته ساخرا من طريقة عمله وانتقد أجهزة الضبط القضائي وانتقد أداء الأجهزة الأمنية والعسكرية وحذر مبكرا من مغبة استثناء الجيش عن الاندماج في اطار جيش وطني واحد ولم يترك شيئا إلا وانتقده بصدق وشجاعة وموضوعية واضعا كل أصابعه على جرح الوحدة والدولة والمجتمع .
فشكل بكل نشاطه ومواقفه حرجا في الداخل وتساؤلات في الإقليم ولم يستمر طويلا حتى انظم إليه زميلا أخر هو عبد الحبيب سالم مقبل فكانت طروحاته تعبيرا عن توجه يتوسع على المستوى الجماهيري وكانت التقديرات في مطابخ النظام أن هناك ما يشير إلى توجه ثالث يتجاوز شركاء الوحدة المؤتمر والاشتراكي وقد يكون الاشتراكي أو جناح فيه هو من يقف وراء هذا التوجه بهدف الإطاحة بشركاء الوحدة الظاهرين على الرأي العام ..؟!
لم يتردد المؤتمر كثيرا حتى وجد نفسه يؤسس لغرفة أو مطبخ سياسي وإعلامي يقف في وجه طروحات سلطان وامثاله من أصحاب الراديكالي دون أن يغفل من تحذير شريكه الذي كان بالمقابل يستأسد طروحات سلطان وزملائه بهدف إحراج الشريك وتعريته ..؟!
يتبع |