ريمان برس_ خاص -
الاحتفاء بمولد الرسول الكريم عليه وعلى آله أفضل الصلاة والسلام ليس مجرد واجب ديني ولا هو أيضا شكل من أشكال الطقوس العابرة ولا هو مجرد ذكرى يوديها أتباعها يحضرها حشدا من الناس ثم ينفضون كل الى غايته .. لا قطعا ليس هذا هو مولد النبي العظيم محمد بن عبد الله عليه الصلاة والسلام وعلى آله الكرام ومن تبعهم بإحسان الى يوم الدين ؛ أنما الاحتفاء بمولد النبي هو تأكيدا لهوية المسلمين الاتباع لهذا النبي العربي من اهتدوا برسالته واقتدوا بسنته والتزموا دستوره الرباني وعملوا به ؛ وحاكوا بسلوكهم سلوك هذا النبي العربي الذي له عظمة خاصة وله عند الله منزلة خاصة لم يبلغها أحدا من الملائكة والرسل قبله ولن يبلغها أحدا بعده ..فالنبي العظيم ليس مجرد نبي أو رسول وإلا ما كان الله سبحانه وتعالى قد ميزه عن سائر أنبيائه ورسله والكثير من ملائكته .. وهو الذي وصفه بأوصاف لم يصف بها نبيا قبله ولا رسولا ولن يتصف بصفاته أحدا بعده الى يوم البعث والنشور ؛ فقد جعله الله خاتم الأنبياء والمرسلين ومنحه من الصفات الربانية ما لم يتصف بها نبيا ولا رسولا قبله ومن الاسرار الروحانية والقيم والمشاعر الوجدانية ما جعله يستظل بالغمامة وتسلم عليه الأشجار وتكلمه الأحجار ذلك هو النبي العربي الذي وصفه الله في كتابه الكريم بقوله ( وأنك لعلى خلق عظيم ) وهو قول لو تعلمون عظيم وكبير وله من التفسيرات والمعاني ما تعجز عن الوفاء به عقول كبار الفلاسفة والمفكرين إلا أولئك الذين ارتبطوا به وبسيرته فكانوا جزءا من منجزاته ومعجزاته على حد سوأ .. لهذا ومن هذه الحقائق الربانية والقيم الروحية والثقافة الإيمانية المؤصلة في وجدان أصحابها الذي صدقوا الله ما عاهدوا والتزموا الطريقة المحمدية بكل قيمها واخلاقياتها وسلوكها وثقافتها وجسدوا سيرة ومسيرة النبي العظيم الذي كان ( قرأنا يمشي على الأرض ) وحمل أسرار الكون الظاهر منها والباطن وهو الذي اصطفاه الله قبل أدام وتنقل من الاصلاب الطاهرة الى الارحام الزكية ليتوج الله سبحانه وتعالى بميلاده رسالة النبوية وقيم الهداية جاعلا من رسالة محمد ابن عبد الله أخر رسائل السماء لأهل الأرض من عباد الله ليختبرهم وليبلوهم ويضعهم أمام تحديات تنؤا من مواجهتها كل مخلوقات الله سبحانه وتعالى وليحملها الانسان الذي حمل إليه النبي العربي خاتم الأنبياء والمرسلين ما يقيه من كل الشرور ويجعله على الطريق المستقيم أن أتبعه وصدق في تبعيته وأن حال ومال فما أسهل الطريق لجهنم فطريق الحق موحشة وطريق الباطل مفروشة بالورود وهي طريق جهنم والعياذ بالله منها وبرسوله الشفيع الذي لم يذم ولم يشتم ولم يخاصم ولم يحقد وكان عطوفا ومحبا وودودا ورؤفا ورحيما بالمسلمين ومن تبعه لا يفرق بين كبيرهم وصغيرهم ولا بين شيخهم وطفلهم فالناس سواسية كأسنان المشط لا فرق بين عربي على عجمي إلا بالتقوى لكن ما أعظم وأصعب هذه ( التقوى ) التي لا يصلها إلا كل ذو حظ عظيم وكل محمديا تجرد من نوازع الدنيا ومباهجها وزينتها فأقتدي بسيد الخلق وجعله قدوة حسنة وهو قدوة لمن كان يرجوا الله واليوم الاخر ..
الله ما أعظمك يا سيدي يا رسول الله وما اعظمك منهجك وسنتك وشريعتك وقيمك وسلوكك واخلاقياتك ..ولكل هذا يأتي احتفائنا بمولدك العظيم ليس من باب التقليد وليس من باب التماهي ولكن بدافعي إيماني وعقيدة وجدانية ورغبة في تكريس هذه الشعائر في وجدان أبنائنا والاجيال القادمة لتبقى أنوارك ساطعة في سماء أمتك وفي نفوس محبيك واتباعك ممن جعلوك قدوة وأن لم تكن أنت يا سيدي قدوتنا وقدوة اجيالنا القادمة كما كنت قدوة لأسلافنا واجدادنا فمن سيكون لنا قدوة غيرك .
أن احتفائنا بمولدك العظيم ليس له دلالة سوى دلالة إيمانية وجدانية ومشاعر روحانية بها نعزز ارتباطنا بنهجك ومنهجك ومنهج الصالحين من اتباعك الذي مضوا على طريقك طريق الخير والعدل والحق والعزة والكرامة ؛ وأنت من قال فيك خالق السماوات والأرض من اصطفاك هادئا ومبشرا ونذيرا _ أن العزة لله ولرسوله والمؤمنين _ ولا عزة لغيركم ولا عزة بدونكم ولا كرامة ولا سيادة ولا شرف لمن حال عن نهجك يا أعظم من انجبت البشرية وأصدق من خلق الله وارحم من حمل رسالة السماء ويا من خجلت من خجله الجبال والشجر والحجر والرمال واستمعت له خاشعة كل المخلوقات المريئة والغير مرئية من حمل رسالته للثقلين فكان أهلا لحملها بل وأصدق من حمل رسالة السماء لكل مخلوقات الله على الأرض فكنت خاتم الأنبياء والمرسلين وأمامهم وشفيعهم يوم تشخص ابصار كل مخلوقات الله الى وجهك الكريم وهي واقفة بين يدي خالقها ؛ فما اعظمك من رسول وما أعظم ما حملت من قيم التوحيد .. فصلاتي وسلامي عليك يا سيدي يا رسول الله محمد عدد ما في علم الله وعدد ما يعلم الله وعدد ما صلت عليك مخلوقات الله منذ وجدت السماوات والأرض وما فيها وبمن فيها الى يوم البعث والنشور .صلاة دائمة بدوام الله وملكوته سرمدية بمدى استمرار الكون بمن فيه .
وأختم بما قاله سيدي العارف بالله العلامة إبراهيم عقيل باعلوي _ قدس الله سره _ في أحدى إبداعاته الشعرية تغزلا ومديحا بالرسول الكريم محمد بن عبد الله عليه وعلى أله أفضل الصلاة والسلام :
إذا رمت نيل الغنى الدائم .. فناد الكريم أبا القاسم
هو الشمس والشمس من نوره .. أضاءت على سائر العالم
هو البدر والبدر لولاه لم .. ينير فاعتبر حكمة الحاكم
هو البحر بحر الحقائق في ..شهود كرام بني أدم
هو السر سر الحقيقة في ..ظهور الذي كان والقادم
وفي قصيدة أخرى يقول _ قدس الله سره _:
مخاطبا رسول الرحمة والمحبة شفيع الأنام بيوم التناد بقوله :
يا أكرم الخلق قد ضاقت بي السبل ..أنا الغريق ولي في غوثك الأمل
غوثاه غوثاه قد حلت عرى جلدي ..ودق عظمي وغابت عني الحيل
ولم أجد من عزيز أستجير به .. إلا الذي يمنح العافين ما سألوا
فلا حريص علينا لا شفيق بنا .. سوى رحيم به تستشفع الرسل
مشمر الساق يحمي من يلوذ به .. لأنه خير من يرعى ومن يصل
له عظيم مقام الحمد مدخر ..يوم البلاء إذا ما لم يكن بلل
غوث المحاويج أن حل الألم بهم .. وللضياع كفيل راحم بذل
غيث مغيث كريم فضله عمم .. كهف الضعاف إذا ما عمها الوجل
مؤمل البائس المتروك نصرته .. فجاره لا يسامي عزه زحل .
والختم صلوا وسلموا على نبي الهداية والرحمة محمد بن عبد الله عليه وعلى أله افضل الصلاة والسلام وعلى صحابته ومن تبعهم بإحسان الى يوم الدين . |