ريمان برس - خاص -
كنت قد عزمت ومنذ قررت مغادرة صنعاء والسفر إلى تعز على أن احتفظ بكل انطباعاتي وملاحظاتي إلا ما بعد عودتي من رحلتي هذه التي بدأت عصر يوم 8 ديسمبر برفقة الزميل الاستاذ فهمي اليوسفي نائب وزير الإعلام في حكومة الإنقاذ الوطني ؛ في رحلة بسيارته الخاصة برفقة ولدي نصر طه ومرافقي الاستاذ فهمي ( ناصر ؛ ولهيم ) بعد أكثر من عامين لم أغادر خلالهما المنزل والعاصمة بل والمنطقة التي اقطنها ؛ وحاولت خلال هذه الرحلة تجسيد مقولة الإمام الشافعي رضي الله عنه القائل في فوائد السفر ( تغرب عن الأوطان في طلب العلى ؛ وسافر ففي الأسفار خمس فوائد ؛ تفريج هم ؛ واكتساب معيـــشة ؛ وعلـــم ؛ وآداب ؛ وصحـــــبة ماجد.) كما قررت أن اتجنب العمل الصحفي التقليدي وأن اسجل انطباعاتي بصدق وأمانة وعلى حلقات مستعرضا كل ما قابلت خلال رحلتي من مشاهد ومواقف وأحداث وبالتفصيل وأنقل ما شاهدت من سلبيات وإيجابيات ولقاءات مع كل من قابلتهم في المحافظة ومديرياتها وأنقل معاناة وهموم الناس وما يقاسون في مدنهم وقراهم بحيادية وتجرد والله على ما اقول وكيل .
انطلقت بناء سيارة الزميل الأستاذ فهمي اليوسفي من منطقة ( حزيز ) بالعاصمة صنعاء في تمام الساعة الثالثة عصرا نحو مدينة تعز أو ( الحالمة ) كما يطلق عليها أو كما كان يطلق عليها قبل أن تتحول إلى ( عائمة بدماء أبنائها ) تطوق جغرافيتها ( المتارس ) وفوهات ( المدافع ) وتحكم حركة السير في ريفها والحضر ( نقاط تفتيش ) وحواجز لأ تخلوا من التساؤلات المعبرة عن حقيقة وضع المحافظة ووضع أبنائها التائهين في عواصف الأزمة وغبار أحداثها وتداعيات الحرب والعدوان المنظم والحصار المطبق على اليمن الأرض والإنسان ..!!
كانت الرحلة من صنعاء إلى ( تعز ) ممتعة وأن كانت بطيئة غير أن في بطئها فوائد أبرزها تعرفنا على الحاج عبد اليوسفي الذي ينتمي لقرية بني يوسف في الحجرية ولكنه كان قد غادرها قبل عقود واستوطن مدينة يريم وفيها تجذرت عروقه وتوسعت علاقاته فأصبح أحد أبرز رجال الأعمال في مدينة يريم وذو سمعة طيبة واحترام وتقدير يحظى به من كل سكان المدينة ريفها والحضر ومن مختلف طبقاتهم الاجتماعية ؛ في منزله العامر وبرفقة أثنان من أولاده تناولنا وجبة العشاء ؛ وكانت وجبة يمنية تقليدية مقرونة بقطعة جاتوا من تورتة عيد الميلاد لأحد أحفاد الحاج عبد الله اليوسفي والذي صادف يوم زيارتنا له .
كان منزل الحاج عبد الله اليوسفي يتوسط مدينة يريم القديمة وكنت أول مرة أتعرف علي مدينة يريم التي تشابه أحيائها أحياء مدينة صنعاء إلقديمة إلى حد كبير لذا وأثناء مغادرتنا منزل الحاج عبد الله اليوسفي _ حفظه الله وأطال بعمره _ اضطرينا أن نسأل بعض المارة عن الخط الرئيسي المؤدي إلى مدينة إب والمؤسف أن بعض من سألناهم وجدناهم لا يختلفون عناء في المعرفة فيما بعضهم دلونا إلى غير الطريق ..؟!
بعد جولة غير طويلة بزمنها توصلنا إلى الخط الرئيسي الرابط بين مدينة يريم ومدينة إب ومنها اتجهنا إلى مدينة القاعدة التي كان الزميل الأستاذ فهمي اليوسفي يريدنا أن نقضي ليلتنا فيها عند أحد معارفه لكن مع إصراري على مواصلة السفر وصولا إلى تعز وبعد طرح سلسلة من المبررات المنطقية التي سردتها لإقناع الاستاذ فهمي بمواصلة السير وصولا إلى تعز فتكرم مشكورا بإيصالي والولد نصر طه إلى ( مفرق ماوية ) الذي وصلنا إليه في تمام الواحدة والنصف من صباح اليوم التالي 9 ديسمبر 2021م .
أمام فندق ( ريمان ) في مفرق ماوية تركني زميلي الاستاذ فهمي اليوسفي مع الولد نصر طه ولم أعرف أي اتجاه سلكه بعدما ودعناه واتجهنا نحو الفندق الذي لم نجد فيه غرفة شاغرة فأشار علينا أحد سائقي الموترات وما أكثرهم في تعز إلى وجود فندق أخر قريب من الفندق المشار إليه فصعدنا معه إلى الفندق المذكور ولكن للأسف كان هو الأخر خال من الغرف الشاغرة فعرض علينا إيصالنا إلى ( الحوبان ) حيث الفنادق فيه متوفرة وفعلا قبلنا عرضه بعد أخذ ورد ومفاصلة استقر بناء الحال على أن ندفع له ( 2500 ريال ) مقابل إيصالنا من مفرق ماوية إلى أمام حديقة التعاون بالحوبان حيث وجدنا غرفة شاغرة بأحد الفنادق الحديثة وكلمة ( الحديثة ) هناء تعني وجود الفندق أو افتتاحه ولا تعني وضعه الخدمي والسياحي فقد وجدنا أنفسنا في غرفة في عمارة تحولت إلى فندق كل شيء فيه لا يدل على إنه فندق ولا تنطبق عليه شروط الفنادق أو الدرجات المعنية بشروط الفندقة ؛ فقد منحونا غرفة بسريرين يعبران من خلال فرشهما عن حالة بؤس وفاقة وردأة خدمة وفيها ( حمام داخلي ) مخلع ومغسل وجه داخله بدون حنفيات ومساحته متر ونصف في سبعين سم تقريبا وربما اقل فيما البطانيات التي على الأسرة مصروفة من منظمة اليونيسيف وكلفة الليلة ( 8000 ألف ريال ) بعد جهد وبعد مبايعة ومفاصلة وإلا كان الطلب هو ( عشرة ألف ) مشفوعة بيمين من موظف الاستقبال بأن سعر الغرفة هو ( 12000 ألف ريال ) ..؟!!
لم يكن أمامي من خيار غير الموافقة لنتمكن وولدي من أخذ قسطا من الراحة حتى انبلاج شمس الصباح بعد رحلة من صنعاء إلى تعز امتدت لقرابة ( عشر ساعات ونصف ) لكن اصعبها كان خلال انتقالنا على المتور سيكل من مفرق ماوية إلى الحوبان وما أصابنا من رعب نتاج سرعة المتور وما رافق الرحلة من رياح أبكت العيون بكل تلقائية ناهيكم عن حقيبة الملابس التي كانت بيدي وتحولت خلال رحلتنا فوق المتور وكأن وزنها يزيد عن طن مع إنها حقيبة ملابس ..المهم قبلت الانصياع للأمر الواقع وأنا أتسال عن ما إذا كان هناك ( مكتب سياحة ) في المحافظة ؟ وما هو دوره ؟ أم أن مكتب كهذا يعد وجوده في هذه المرحلة فعل من ترف ؟ وأن كان الأمر كذلك فمن يضبط مالكي الشقق والعمارات المهجورة التي حولها البعض إلى فنادق لا نعرف لها مواصفات ولا تصنيف ولا علاقة لها ومن فيها من العاملين بأعمال الفندقة فقررت اعتبار الظاهرة جزءا من وضع مختل في المحافظة ؟!
يتبع |